كانت إيران أول من سعى إلى تسييس الحج، وذلك منذ تولى آية الله الخمينى السلطة عام 1979 عقب الثورة الإسلامية. بدأت أولى محاولات طهران لتسييس شعائر الحج فى العام التالى لصعود الخمينى إلى السلطة، بتظاهر حجاج إيرانيين أمام المسجد النبوى وهم يرفعون صور الخمينى، ثم كرروا المحاولة بعدها بعامين دخول المسجد الحرام وهم يحملون أسلحة نارية صغيرة. وفى عام 1986 تم ضبط إيرانيين قدموا للمملكة العربية السعودية لأداء الحج ومعهم مواد شديدة الانفجار وآخرين يحملون منشورات دعائية. وفى العام التالى قام حجاج إيرانيون بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجيج من تأدية مناسكهم رافعين شعارات الثورة الإسلامية. وتطور الأمر بعد الكشف عن تورط أحد الدبلوماسيين الإيرانيين بوقوع انفجارين قرب المسجد الحرام عام 1987. وفى عام 90 تسبب حجاج إيرانيون بتدافع كبير بين الحجاج ما أدى إلى وفاة أكثر من 1400 حاج. وفى عام 2015 خالف نحو 300 حاج إيرانى التعليمات ما تسبب فى وقوع تدافع فى منى نجم عنه وفاة 717 حاج. وعقب الحادث بدأت جعجعة إعلامية إيرانية تدعو لتدويل الإشراف على الأماكن المقدسة فى مكةالمكرمة والمدينة المنورة. يعود المطلب الإيرانى المتكرر بتدويل الإشراف على الحرمين الشريفين إلى خطة أو استراتيجية قديمة لهم تهدف إلى الخصم من مكانة السعودية الدينية التى تتيح لها القدرة على التأثير على أكثر من مليار ونصف مليار مسلم فى العالم. وتستهدف طهران من تكرار فكرة التدويل مع كل حادث يقع فى الحج أو خصومة ثأر مع الرياض، خلق رأى مؤيد للتدويل لدى الغرب، وذلك عبر خلق أزمة قبل كل موسم حج واستغلال حوادث التدافع والوفيات والتى هى سبب فيها لاتهام السعودية بالتقصير والفشل فى إدارة ورعاية الحج. يعترف عدد من المراجع الشيعية بهذه الحقيقة. يقول المرجع الشيعى اللبنانى، محمد على الحسينى، الأمين العام الحالى للمجلس الإسلامى العربى فى لبنان إن تدويل الحرمين مطلب قديم وليس وليد اليوم أو الخلاف على إجراءات تنظيم الحج كما قد يتصور البعض. كما وضع السياسى والبرلمانى الإيرانى المحافظ محمد جواد لاريجانى نظرية «أم القرى»، والتى يدعو فيها بشكل واضح إلى تدويل الحرمين، وضرورة خروجهما عن السيطرة السعودية، وإدارتهما عن طريق لجان دولية يكون لإيران فيها نصيب أكبر. الخطير فى الأمر أن الرغبة الإيرانية بتدويل الحرمين لا تهدف فقط لإفقاد السعودية التأثير السياسى فى العالم الإسلامى الذى تحاول منافستها فيه والذى اكتسبته من وجود الحرمين على أراضيها، لكنها تتوافق مع مخطط دولى لتقسيم المملكة مثل بقية الدول العربية. أحد هذه المخططات وضعها رالف بيترز الضابط المتقاعد فى الاستخبارات العسكرية الأمريكي، والذى أعد مخططاً لإعادة تقسيم الشرق الأوسط تحت عنوان «حدود الدم: ما هو شكل شرق أوسط أفضل؟»، ونشره بمجلة القوات المسلحة الأمريكية فى يونيو 2006. يعتبر بيترز أن السعودية دولة غير طبيعية، ويقترح أن يقتطع منها كل من مكة والمدينة المنورة، حتى تنشأ فيها دولة إسلامية مقدسة على غرار الفاتيكان المسيحى، على أن يترأسها مجلس يقوده بالتناوب أحد ممثلى الحركات والمدارس الإسلامية الرئيسية.