ما حدث مؤخرا من انتهاكات صدرت عن نواب برلمان الثورة تحت مظلة الحصانة آخرها واقعة اعتداء نائب بالبرلمان على ضابط شرطة بسبب محاولة توقيفه عقب إطلاقه النار في الهواء، وأخرى رفض عضو مجلس شعب إظهار رخصة قيادته لضابط المرور، لذلك بادرت "بوابة الوفد" الإلكترونية باستطلاع آراء قانونيين وسياسيين حول جدوى وأهمية الحصانة والامتيازات المالية أو تقنينها التي يحصل عليها أعضاء البرلمان. وأكد المستشارمحمود العطار نائب رئيس مجلس الدولة أن الحصانة التي يتمتع بها اعضاء البرلمان تكون لوظائف وليس لأشخاص والهدف منها مساعدتهم لممارسة عملهم دون تهديد وللمحافظة علي استقلاليتهم، كما انها عدة انواع منها الحصانة البرلمانية والحصانة لأعضاء المجالس النيابية والحصانة الدبلوماسية وحصانة القضاة. كما أوضح ان الحصانة تحمي اعضاء البرلمان من محاولة السلطة التنفيذية من الضغط عليهم او تهديدهم بحجة مخالفة القانون، كما انها مسئولية وطنية. واشار الي ان الحصانة تم نصها في دستور 1923،1930،1960 واخيرا دستور 1973 والذي ينص علي (لا يؤاخذ اعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الافكار والآراء في اداء اعمالهم في المجلس او لجانه)، كما ان الدستور في المادة 99 اعطي حماية جنائية للأعضاء لكنه استثني حالة التلبس بالجريمة، وقرر الدستور (لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ اي اجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس وفي غير انعقاده يتعين اتخاذ اذن رئيس المجلس ويخطر المجلس عند اول جلسة انعقاد). ولفت الي انه قبل برلمان الثورة الحالي كانت الحكومة تلجأ لشراء ذمم اعضاء البرلمان من خلال منحهم تأشيرات حج وعمرة وشققا وسلعا غذائية بحجة منحها للمواطنين، ويشهد التاريخ ان بعض الأعضاء أساءوا استخدام هذه المنح وتاجروا فيها وتربحوا من ورائها. وعن مجلس الشعب الحالي يعتقد العطار أنه مكون من الشرفاء الذين لن يقبلوا بمثل هذه المنح والامتيازات لانها تحمل معاني غير سليمة. كما شدد علي انه في حالة إلغاء اوتقليص هذه الامتيازات لن يحجم أحد عن الترشح والتسابق لخدمة الوطن. ومن ناحية أخري أكد المستشار احمد مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق أنه لا يصح ان يكون هناك اي امتياز في المناحي المادية لنائب البرلمان إنما هي اعمال غير قانونية، أما الحصانة فهي نظام دولي ولكنها نوعان الأولي هي حصانة من المساءلة عما يبديه ويكشفه في البرلمان حتي لا يكون العضو مقيدا وهي مفيدة . وأضاف أن النوع الثاني هو الحصانة الإجرائية وتكون في حالة القبض عليه في غير حالة التلبس ولايجوز اجراء تحقيق معه او إلقاء القبض عليه دون استئذان المجلس او رئيسه في حالة عدم انعقاده، اما اذا ارتكب جريمة ما وكان متلبساَ يتم القبض عليه ويعقبه محاكمة. كما لفت إلي أننا نحن من يختلط عليه الامر فأصحاب النفوذ حتي اذا كانوا لا يتمتعون بأي حصانة فلا تتم مساءلتهم ضاربا مثالا من سواق الرئيس إلي ابنه وحرمه وهي حصانة القرب من مراكز القوي كما ان الأعضاء القدامي كانوا قريبين من دائرة صناع القرار . وأشار إلي ان هذه الحصانة لم تطبق علي ايمن نور كما انها اسقطت عن طلعت السادات وتم حبسه مؤكدا انه من المفروض ان اعضاء مجلس الشعب وكلاؤنا وليسوا خصومنا. وعلي الجانب الآخر أيد ممدوح إسماعيل المستشار القانوني لحزب البناء والتنمية ومحامي الجماعات الاسلامية فكرة الغاء جميع الامتيازات التي يتمتع بها النواب مشيرا إلي أنه إذا كان النواب الجدد حريصين علي خدمة الوطن فلا مانع من التنازل عن الامتيازات المالية أما بالنسبة للحصانة فتكون داخل البرلمان فقط او في حالة الاعمال التي تعرض علي المجلس. وأشار إلي أن الامتيازات المالية التي قام بوضعها الحزب الوطني في السابق يجب أن تلغي لأن الوطن في هذه المرحلة يحتاج الي التكاتف بين ابناء الوطن والمشاركة في تحمل الأزمة الاقتصادية مؤكدا ان الشعب عندما اختار نوابه كان لديه ثقة فيهم . كما توقع أنه في حالة إلغاء هذه الامتيازات سيكون هناك إحجام عن الترشح لأنهم يعتقدون ان عضوية المجلس مغنم مادي ومعنوي ولكن عندما يكون مبدأ ومسئولية وطنية سيكون الصراع علي الترشح اقل بكثير وحينها سيظهر الوطني الحريص علي مصلحة وطنه. واضاف ان أعضاء البرلمان عليهم أن يسعوا لتحقيق مطالب الثورة وليس الحصول علي مكاسب شخصية. وفي نفس السياق اكد المفكر السياسي د/ محمد ماهر قابيل أنه لابد أن تلغي جميع الامتيازات التي يحصل عليها اعضاء البرلمان مشددا علي أن العمل العام ليس مزايا او امتيازات ولكنه خدمة للامة وليس وسيلة للحصول علي المغانم . وتابع قائلا إن من يتصدي للعمل العام عليه ان يتجرد من المطامع الخاصة ويحشد كل قوته وجهده لذلك، كما ان عضوية البرلمان التي تستغل للحصول علي خدمات خاصة كتعيين الأقارب فإن ذلك يعد انحرافا عن المسار الصحيح. اما عن الحصانة فقد شدد علي أن ضرورتها تكون لممارسة العمل التشريعي وليس وسيلة للانحراف تحت حماية الحصانة ولكنها وسيلة تمكن من اداء المهام الرقابية والتشريعية دون خوف أو ملاحقة أما تحويلها للتجاوز فذلك مرفوض. كما طالب بترشيد كل هذه الامتيازات ووضعها في نصابها الصحيح لأن مصرفي مرحلة ثورة وهي تعني التغيير والتصحيح ومن مقتضيات هذا التصحيح ان يعاد النظر في كل ما كان يقدم في السابق للنواب في شكل رشوة مقننة للحد من اداء الواجب الوطني. واضاف انه في حالة تقليص هذة الامتيازات ستكون افضل وسيلة لفرز وتمحيص من هو صالح للعمل العام وليس الحصول علي مغانم شخصية.