قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن التجربة المصرية في مجال تطبيق الشريعة ثرية؛ لأن التطبيق القضائي يواكبه تمامًا النظرُ الفقهي أو البحثُ الفقهي من قِبل رجال القانون ورجال الشريعة في هذا الصدد. وعلَّل مفتى الجمهورية ذلك بتعاون الكل وامتلاكهم الأفكار والأطروحات المختلفة التي يمكن تطوير العمل الإجرائي من خلالها. وأوضح المفتي، في حواره على قناة "الناس" ببرنامج "مع المفتي"، أن الإجراءات التي يتم من خلالها اقتضاء حق الدولة في العقاب أو أخذ هذا الحق يمثل إعادةً للتوازن مرة ثانية للمجتمع في ظل الخلل الذي حصل له بسبب الجرائم التي ارْتُكبتْ. وأضاف "علام"، أن هذه الإجراءات في الحقيقة هي المحك الحقيقي للحرية الفردية للإنسان، وأن الأصل براءة الذمة وليس للقاضي أن يطبق على المتهم أي عقوبة من العقوبات إلا بدليل يرفع هذا الأصل ويشغل الذمة. ونبَّه المفتى، إلى أننا كلما ارتقينا وأمعنا النظر وبحثنا مرة بعد أخرى في هذه الإجراءات؛ وصلنا لدرجة عالية من تحقيق العدالة، مدللا على أحد هذه الإجراءات، وهو إجراء كان ضاربًا في أعماق القانون الإجرائي المصري والمتمثِّل في قضايا الإعدام، وهي أخطر العقوبات التي يمكن أن تلحق بالإنسان. وأضاف: "أن التشريع المصري منذ القدم، أي منذ وجود النص القانوني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تقريبًا، ومرورًا بالتجربة المصرية إلى الآن؛ نجد أن هذه العقوبة قد أُحيطت بضمانات كثيرة جدًّا لم نعهدها في أي قانون آخر قد يكون أتى بضمانات كما في القانون المصري، ومن هذه الضمانات مرورها بدرجات تقاضٍ عديدة، وفى كل درجة نلحظ تقنينَ طعن النيابة العامة على الحكم، فضلًا عن رأي مفتي الديار المصرية، وهو الرأي الشرعي الذي يعد ضمانة واطمئنانًا بأن هذا الحكم الذي أنزله القاضي بالمتهم هو موافق للشريعة الإسلامية، حتى وإن كان هذا الرأي غير ملزم فإنه يعطي اطمئنانًا وسكينة لقلب المجتمع والقضاء". ومن هنا فإننا نقول في رسالة واضحة بأن هذه الضمانات الكبيرة التي أحاط بها القانون هذه العقوبةَ إنما تنزل إلى أرض الواقع في تطبيق النص من خلال قضاة عندهم الخبرة والذكاء والفطنة والتمرس والتجربة القديرة في العمل القضائي، ويأتي رأي المفتي ليعطي الرأي الشرعي في المسألة كما سبق فنكون أمام ضمانة أخرى بعقوبة الإعدام، فيكون ما انتهى إليه القاضي موافقًا للشريعة. كما نبَّه مفتى الجمهورية، إلى أن عقوبة الإعدام إنما تكون لمجموعة من الجرائم في القانون المصري، فتكون عقوبةً لجريمة القتل العمد أي العدوان بتعبير العلماء، وتكون كذلك لجريمة الإفساد في الأرض أو جرائم الحرابة أو قد تكون عقوبةً لجرائم شديدة تؤدي إلى خلل في أمن الدولة أو في الأمن المجتمعي، فيرى ولي الأمر أن يطبِّق فيها عقوبات تعزيرية تصل إلى حد القتل، وذلك في قضايا المخدرات وخطف الأطفال واغتصابهم، فنقول: "إن الذي انتهى إليه القاضي في هذه المسألة له ما يسنده من ناحية الشرع الشريف، فالقاضي يطمئن في هذه الحالة والمجتمع يطمئن كذلك." وتابع "نحن أمام تجربة ثرية في التجربة المصرية متمثلة في التطبيق القضائي للنصوص القانونية".