الأمان والأمن من أهم ركائز الحياة بشكل عام. والشعور بالأمان داخل المجتمع أحد الحقوق التي يجب أن ينعم بها الجميع دون تمييز، وهو الحق الذي طالما أكد عليه نبينا صلى الله عليه وسلم، ليرسخ أن ترويع الآمنين أمر لا يقبله الإسلام بأي صورة وتحت أي مبرر حتى لو كان على سبيل المزاح بين الأصدقاء، فهل يعلم شبابنا اليوم أن نصب المقالب والفخاخ بين الأصحاب على سبيل المزاح وتوليد الضحك أمر نهى عنه نبي الإنسانية والرحمة مراعاة لمشاعر واحتمال الإنسان. فعندما كان المسلمون يحفرون الخندق في غزوة الأحزاب، كان زيد بن ثابت ممن ينقلون التراب فجلس ليستريح قليلا من طول العمل إلا أن عينيه غلبتاه وذهب في نوم عميق تاركا سلاحه بجواره وهو على حافة الخندق، فمر عمارة بن حزم ووجده على حاله هذه فأخذ ترسه وقوسه وسيفه وهو نائم لم يشعر بشئ من شدة التعب، وعندما انصرف الجمع من حوله وهدأت أصوات العمل والحفر استيقظ زيد ليجد نفسه بمفرده في الخندق، وقد سرق سلاحه ففزع فزعا شديدا وحزن لفقد سلاحه حزنا شديدا، وهو أمر يعرفه كل من جرب الجندية. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدث لزيد دعاه إليه، فقال «يا أبا رقاد نمت حتى ذهب سلاحك»، ثم قال صلى الله عليه وسلم «من له علم بسلاح هذا الغلام؟ فقال عمارة بن حزم أنا يا رسول الله وهو عندي، فقال: فرده عليه، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يروع المسلم أو يؤخذ متاعه لاعبا أوجادا». نعم ترويع المسلم منه يعنى حتى لو كان على سبيل المزاح أو عن طريق الخطأ، فاحرص على إخوانك وعدم تعريضهم للأذى نفسيا كان أو بدنيا واجب يفرضه الإسلام عليك، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرَّ أحدكم في مسجدنا، في سوقنا، ومعه نبل، فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض بكفه، أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشىء». وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُشر أحدكم على أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعلَّ الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار». وقال «إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق، وبيده نبل، فليأخذ بنصالها. ثم ليأخذ بنصالها. ثم ليأخذ بنصالها».