كانت أحب الناس وأقربهم لقلب أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت سيدة النساء في زمانها، عرف عنها البلاغة واللباقة والفصاحة، دافعت عن ابيها ورسالته بكل قوة وثبات، وبشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ستكون سيّدة نساء الجنة. إنها السيدة فاطمة بنت محمد الأبنة الصغرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنها. قال عنها أبيها عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ : مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ". كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها " رواه البخاري ومسلم . نسبها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمها السيدة خديجة بنت خويلد "أم المؤمنين"، وأخواتها السيدة زينب الكبرى ويليها كانت السيدة رقية والسيدة أم كلثوم. تزوجت من الصحابي علي بن أبي طالب، وأنجبنت الحسن والحسين، وأم كلثوم وزينب. القابها كان يطلق عليها "أم الحسن أو أم الحسين"، و"البتول" و"أم أبيها" وذلك لشدة حبها واهتمامها به. تحملت فاطمة أذى المشركين وكانت دائمة الإهتمام ببيت النبوة، فظل الكفار يضعون المخلفات أمام منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هى تنظف ذلك دائما، كما دافعت عن ابيها ورسالته بكل قوة وثبات، وعاشت ظروف عصيبة تحملتها بكل صبر ومن أشدها صبرها مع بني هاشم حينما تم حصارهم في شعاب مكّة ثلاث سنين. بشرة لحاقها بأبيها عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كنَّ أزواجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنده لم يُغادِرْ منهنَّ واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي ما تُخطئُ مِشيتُها من مِشيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فلما رآها رحَّب بها فقال: مرحبًا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارَّها "أسرَّ لها بكلام"، فبكت بكاءً شديدًا، فلما رأى جزَعَها سارَّها الثانية فضحكتْ، فقلتُ لها: خصَّكِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسِّرار ثم أنت تبكِين؟، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتُها: ما قال لك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟، قالت: ما كنت أُفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سِرَّه، قالت فلما تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ: عزمتُ عليكِ بما لي عليك من الحقِّ، لما حدَّثتِني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟، فقالت: أما الآن فنعم، أما حين سارَّني في المرةِ الأولى، فأخبَرَني أنَّ جبريل كان يُعارِضُه القرآن في كلِّ سنة مرةً أو مرتين، وإنه عارضَه الآنَ مرَّتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتَّقي الله واصبِري، فإنه نِعمَ السَّلَف أنا لك، قالت: فبكيتُ بكائي الذي رأيتِ، فلما رأى جزَعي سارَّني الثانيةَ فقال: يا فاطمة ! أما ترضَي أن تكوني سيَّدة نساء المؤمنِين، أو سيدة نساءِ هذه الأمة؟، قالت: فضحِكتُ ضحِكي الذي رأيتِ " رواه البخاري . وفاتها مرضت سيدة نساء العالمين رضي الله عنها، فقام بتغسيلها زوجها الإمام علي ودفنها ليلاً في مدافن البقيع بعد الصلاة عليها. يقال أنها توفت يوم الثالث من رمضان، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، وهناك من يرجع وفاتها بعد أبيها بخمس وسبعين ليلة، وكانت أول أهله لحوقا به كما وعدها قبيل وفاته.