انسحاب الدكتور محمد البرادعي من الترشح لرئاسة الجمهورية كان زلزالاً جديداً، اهتز له الشارع السياسي المصري.. اصابت الصدمة الشباب الذي خرج يوم 25 يناير يسقط نظاماً فاسداً متعفناً فالدكتور البرادعي هو الأب الروحي للتغيير والثورة.. الرجل كان أول من طالب علانية وبشجاعة بالتغيير وقدرة الشعب المصري على الثورة وراهن على الشباب فالرجل صاحب رؤية ومكانة دولية واسعة بحكم المناصب التي تولاها وكرمه العالم ومنحه ارفع جائزة دولية وهي جائزة نوبل للسلام وكان يمكن له أن يهادن النظام السابق وأن يعيش متنقلاً بين رجوع العالم بعد أن حقق كل ما اراد من مجد شخصي، ولكن الرجل لم يسكت ألقى بحجر ثقيل في بركة الحكم الفاسدة وحرك مياها كثيرة لأجل التغيير وأعلن بكل صلابة أن التغيير آت آت، وأصبح في نظر المصريين القائد المخلص لمصر من محنتها والحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع أن الدكتور البرادعي هو الذي وضع بعبقريته وشجاعته فكرة القضاء على نظرية الخوف وأن الشعب المصري خانع.. ولا يمكن أبداً أن يقوم بثورة البرادعي، هو الذي أطلق الشرارة الاولى بقوة من أجل التغيير والحلم بالديمقراطية وكرامة المواطن والعدالة الاجتماعية، والتفت حوله حركة كفاية وحركة 6 أبريل والجمعية المصرية للتغيير التي ضمت رموز النخبة المصرية.. تعرض الرجل لما لم يتعرض له أحد من التشويه والسباب بعد أن أطلق عليه بعد أن أطلق عليه مبارك حملة تشويه رخيصة واسعة ومازالت الحملة مستمرة من الفلول وبقايا النظام الفاسد والعقليات التي تدير ومن يعقد معهم الصفقات، صحيح سقط رأس النظام ولكن النظام لايزال باقياً وكأن الثورة لم تحدث وتحمل الرجل في صبر وأناة ما لم يتحمله أحد من تشويه وسباب وهو الذي نشأ في بيت وفدي عريق الوطنية الذي لا يعلمه أحد أن والده مصطفى بك البرادعي نقيب المحامين في أواخر الستينيات والسبعينيات الذي تصدى لديكتاتورية جمال عبد الناصر وكان معارضاً شرساً أيام الرئيس السادات وأن جده الرابع الشيخ يوسف البرادعي هو الذي أدخل التعليم في منطقة كفر الزيات وأنشأ أول مدرسة ابتدائية في قرية إبيار وعينه الخديو اسماعيل ناظراً لها، وشهد البرلمان المصري جولاته وصولات آبائه وأعمامه الوفديين لحماً ودماً، ويوم أن ذهب الدكتور البرادعي الى قريته إبيار خرج لاستقباله 20 ألف مواطن. يخطئ من يقول ان الرجل ليس مقاتلاً ولكنه مقاتل من نوع خاص، والدليل أنه تصدى وتحدى مبارك ونظامه وكتب نهايته وسقط مبارك ولكن لم يسقط نظامه والعقليات التي تحكم الآن مازالت تحكم بعقلية نظام قد سقطت لهذا فضل الرجل الانسحاب وأن يعمل في الشارع المصري مع الشباب الذي ارتبط به وأحبه والذي صدم بانسحابه. وأخيراً أقول للاخوان المسلمين وللاخوة السلفيين الذين يعقدون الصفقات لولا الدكتور البرادعي لما حصل الاخوان على الأغلبية البرلمانية بعد أن كانوا أغلبية في السجون والمعتقلات وما جاء السلفيون الى مقاعد المجلس النيابي وللأسف لم يقدر هؤلاء عقلية الرجل الواعية وكفاءته السياسية العالية لكن كل همهم فقط القفز على الحكم وضاعت الثورة العظيم، على أيديهم والتاريخ هو الي سيسجل من أعطى مصر ومن باع ثورتها السلمية. حقاً كان انسحاب الدكتور البرادعي زلزالاً سياسياً جديداً كشف فيه الجميع.