يبدو أنني فتحت موضوعاً حيوياً، عندما كتبت أول أمس عن مأساة خط سكك حديد القنطرة - العريش.. ولكن لأنني العاشق الاول لسيناء الحالم بتعميرها وتنميتها فإنني كنت مستاءً مما جري لهذا الخط الذي نراه كثيراً في أفلام السينما المصرية أيام يوسف وهبي بك عندما كانت القطارات المصرية تربط بين مصر وسيناءوفلسطين ولبنان والشام كله.. ومازلت اتذكر المعركة بين الملك فاروق ووالدته الملكة نازلي عندما غضبت وسافرت إلي القدس بهذا القطار ولما حاول مصطفي النحاس التوفيق بينهما سافر إليها زعيم الامة إلي القدس ليقنعها بالعودة فاشترطت ان يتم استقبالها استقبالاً رسمياً في محطة مصر بشرط أن يكون ابنها الملك فاروق علي رأس مستقبليها بالمحطة.. أي كان هذا الخط يربط مصر بكل دول المشرق العربي، كان ذلك قبل أن تبدأ حرب فلسطين عام 1948 وقبل قيام دولة اسرائيل.. المهم اتصل بي - صباح أول أمس - بمجرد قراءة مقالي الدكتور جلال سعيد وزير النقل مؤيداً كل ما كتبته عن هذا الخط الاستراتيجي الحيوي واضاف انهم عندما فحصوا كوبري الفردان اكتشفوا انه يحتاج إلي عملية صيانة خصوصاً وانه لم يفتح للمرور منذ عام 2006، عندما أغلق آخر مرة.. وإلي أن تتم عمليات الصيانة - يقول الوزير - إنه تقرر تشغيل الكوبري لانه مصمم لمرور القطارات مع حارات لمرور السيارات.. بهدف تخفيف الضغط عن العبارات التي تتولي هيئة قناة السويس تشغيلها لنقل السيارات بكل انواعها بين البرين الشرقي والغربي لقناة السويس عند الفردان خصوصاً سيارات النقل الثقيل التي تحمل رخام سيناء إلي وادي النيل.. أو تحمل الاسمنت والمنتجات الزراعية التي تتعرض للتلف بسبب طول الانتظار.. ولهذا فإن المهمة الاولي هنا هي تشغيل حارات السيارات علي كوبري الفردان للسكك الحديدية لعبور السيارات.. إلي أن تتم عملية صيانة وتشغيل الكوبري نفسه لعبور القطارات بين الضفتين.. ويؤكد وزير النقل أنه ينتظر تشغيل حارات السيارات من كوبري الفردان أواخر يناير الحالي.. أو أوائل فبراير القادم ليستوعب زيادة حجم حركة السيارات بين الدلتا وسيناء وبالعكس.. ويضيف الدكتور جلال سعيد أن كوبري الفردان عندما انشيء في المرة الاخيرة تكلف 600 مليون جنيه.. وإذا أردنا انشاء كوبري بديل له فإنه يتكلف الآن أكثر من مليار جنيه.. وللاسف تم اهمال الكوبري عندما اوقفت الحركة عليه عام 2006 ولم يحظ بأي عمليات صيانة أو اصلاح منذ أوقف سير القطارات عليه عام 1997، أي عام افتتاح الخط، ثم إيقافه في نفس اليوم!! ويقول معالي الوزير في اتصاله التليفوني بي ان مهمتنا الاساسية الآن هي تركيب قضبان وفلنكات بدلاً من التي سرقتها العصابات التي كانت تقوم بالسرقة تحميها الاسلحة الآلية خلال عمليات التقطيع والتحميل علي سيارات ضخمة ولم يكن أحد يملك إيقافها، ويضيف الوزير أن هذا الخط الحديدي كان مخططاً له أن يتفرع إلي فرعين الاول إلي الميناء.. لخدمة عمليات الشحن والتفريغ لتشجيع عمليات التصدير والاستيراد عبر هذا الميناء.. والفرع الثاني كان مخططاً له الاتجاه إلي المدينة.. وهذه وتلك هي مهمتنا الحالية لاعادة الحياة إلي هذا الخط الحيوي الذي بدأ عند بداية الحرب العالمية الاولي عندما انشأته بريطانيا لخدمة اغراضها العسكرية.. وقد قام الالوف من فلاحي مصر بتمهيد هذا الطريق.. ومد القضبان وتركيب الفلنكات.. بل من هذا الخط انطلقت الاغنية الشعبية الدامية التي تقول: ولدي.. يا ولدي.. والسلطة أخذت ولدي!! فقد كان الجنود يسوقون الفلاحين مربوطين بالحبال للعمل في انشاء هذا الخط.. ويؤكد الدكتور جلال سعيد أن الحكومة برئاسة الدكتور الجنزوري جادة للغاية لاكمال هذا المشروع.. وايضا لاتمام المشروع القومي لتنمية سيناء.. وان لجانا وزارية عديدة تعمل في هذا الاتجاه الحيوي.. عسانا نعوض ما ضاع من سنين في ظل النظام السابق الفاسد، الذي تسبب في تأخير مخطط تنمية سيناء.. وأول أمس وصلتني رسالة علي تليفوني المحمول من الاعلامي الكبير احمد أبو شادي الذي عمل مع الوفد المصري لدي الاممالمتحدة في نيويورك.. وهو واجهة اعلامية مصرية مشهود لها بالكفاءة.. يقول الاستاذ أبو شادي «أهنئك علي عمود اليوم - وأتمني أن تكتب عن اعادة الحياة لسكك حديد مصر كلها وان تسأل وزير النقل عن كهربة سكك حديد مصر لحل أزمة المواصلات العامة والمرور والنقل الثقيل». وأنا مع الاعلامي الكبير احمد أبو شادي أحمل نفس الرسالة إلي معالي وزير النقل مقتنعاً بأن السكك الحديدية هي أقدام الحضارة.. وهي التي اقامت الحضارة الحالية في الولاياتالمتحدة.. وايضا في روسيا.. وأقول إن الخديو اسماعيل عرف هذا الدرس جيداً ولهذا أعطي جهداً خاصاً لمد شبكات السكك الحديد في مصر، وايضا في السودان، فانشأ في مصر خطوطاً تصل إلي 1200 ميل تكلفت اكثر من 13 مليون جنيه بواقع الميل 11 الف جنيه كما جاء في تقرير بعثة كيف الانجليزية وذلك في الوجهين البحري والقبلي وكان اجمالي ما تم مده في عهد سعيد باشا هو 245 ميلاً فقط.. وإذا كان المهندس سليمان متولي له الفضل الاول في وسائل النقل فإن امام د. جلال سعيد الفرصة ليدخل التاريخ باعادته خدمات السكك الحديدية إلي سيناء واعادة الاحترام للقطارات والسكك الحديد في كل مصر.. هل يفعلها؟!