ترامب: عودة "عيدان" بادرة حسن نية نحو أمريكا وجهود مصر وقطر لإنهاء حرب غزة    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    بينهم أطفال.. استشهاد 12 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    الصراع يشتعل على المقاعد الأوروبية.. جدول ترتيب الدوري الألماني    توجيه مهم من السياحة بشأن الحج 2025    حريق هائل يلتهم محصول القمح في الغربية    "بسبب المحضر".. خارجون عن القانون يحرقون سيارة فتاة تحرشوا بها بالشرقية    يارا السكري تكشف كواليس دورها في مسلسل فهد البطل.. ماذا قالت؟    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    الانتهاء من تصوير 90% من فيلم روكي الغلابة    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (تفاصيل)    اعترافات صادمة لسائق بسوهاج: سكبت البنزين وأشعلت النار في خصمي بسبب خلافات عائلية    كيف تأثرت الموانئ اليمنية بالقصف المتكرر؟    ترامب يعلق على حرب غزة: الصراع وحشي وإطلاق سراح ألكسندر خطوة أولى نحو النهاية    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    فلسطين.. الاحتلال يقتحم كفر اللبد ويعتدي على شاب من ذوي الإعاقة شرق طولكرم    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 12 مايو 2025    محافظ الشرقية يصدر قرارًا بتكليف رئيس جديد لصان الحجر    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    ينظم سكر الدم.. احرص على تناول هذه المشروبات    القولون العصبي في موسم الامتحانات.. راقب هذه الأعراض    تقى حسام: محظوظة بإنى اشتغلت مع تامر محسن وأول دور عملته ما قلتش ولا كلمة    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطلعات الحقيقية للشعب التونسي
نشر في الوفد يوم 12 - 01 - 2012

يتطلع الشعب التونسي بكل طبقاته وفئاته بعد إزاحة رموز النظام المستبد ودواليبه وهياكله إلى الطمأنينة على عيش كريم وتأمين مستقبل واعد في كنف الحرية والمسؤولية والعزة والكرامة تحت نظام جديد ينشر العدل ويقضي على الفوارق الاجتماعية المجحفة ويبني الغد الأفضل لكل أفراد المجتمع.
لقد أثارت ثورة 14 جانفي أعجاب كل دول العالم وخاصة منها الدول الصديقة التي هبت لعرض كل المساعدات الاقتصادية والمالية والفنية قصد حل المشاكل والعوائق التي وقعت وراء إندلاع الثورة وإرساء منظومة اقتصادية وتشريعية ودستورية جديدة تستجيب لمقتضيات الثورة وأهدافها النبيلة.
إلا أنه تطالعنا من حين إلى آخر تساؤلات واهتمامات مفتعلة حول هاته المساعدات ومدى تدخلها في حرية اقتصاد البلاد والحياة العامة من شأنها إذكاء نزاعات الإقصاء وتهيئة أسباب التناحر الذي نحن في غنى عنه، تكثفت هذه التساؤلات في المدة الأخيرة وأصبحت هاجسا يخاصر أذهان عدة جهات مسؤولة وأحزاب والقضية الأولى في سلم القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
السؤال الذي يتبادر للذهن هو : لماذا تلجأ الدول إلى الإعانات الخارجية؟
معظم الدول النامية وعديد الدول المتقدمة تدعم اقتصادها بوضع خطة تنموية ترمي بالخصوص إلى التوظيف الأمثل للموارد الطبيعيةوتدعيم مقومات القدرة التنافسية لاقتصادها وتكثيف الجهود الرامية إلى الرفع من نسق النمو باستحثاث الاستثمار ودفع التصدير مع تأمين التوازنات المالية وفقا لبرنامجها التنموي، وكل ذلك قصد إحداث أكبر عدد من مواطن الشغل والرفع من القدرة الشرائية وتحسين ظروف العيش لكل مواطن والرقي بالتنمية الاجتماعية والبشرية وفقا للتوجهات والأهداف المرسومة.
لتحقيق تلك الأهداف تلجأ تلك الدول ومن بينها بلادنا إلى الموارد الخارجية لتمويل برامج الاستثمار قصد بلوغ الأهداف المرسومة للنمو الاقتصادي والاجتماعي في ظل ضعف الإدخار القومي وعجز الميزانية التجارية والميزانية الجارية هذا اللجوء إلى الموارد الخارجية تفاقمت حدته بعد أن اتضح تراجع الدفع الاقتصادي بصفة تبعث على الإنشغال خاصة بعد النكبة التي انتابت عدة مؤسسات اقتصادية (280) في ما بعد 14 جانفي وتواصل تداعيات الأزمة العالمية وارتفاع أسعار جلّ الموارد الأساسية والنفط في الأسواق العالمية وتقلبات أسعار صرف أهم العملات، كما أن بعث برامج مكثفة لمشاريع هيكلية واقتصادية في المناطق الداخلية في القريب العاجل قصد الحدّ من ضغوط مشاكل التشغيل يجعل من الموارد الخارجية حاجة ملحة لبلوغ الأهداف التشغيلية واستحثاث نسق إنجازها، فالإعانات الخارجية للدولة تندرج ضمن الأهداف الإستراتيجية لمختلف المخططات المتعاقبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي موظفة لتمويل المشاريع الهيكلية الاقتصادية (طرقات طاقة مياه مواصلات فلاحة) وبيئية وإجتماعية (تربية صحة).
فإلى موفى شهر ديسمبر 2010 تقدر الديون العمومية ب 25.6 مليار دينار وهو ما يمثل 39 ٪ من الناتج الداخلي الخام منها 60.7 ٪ ديون خارجية و 39.3 ٪ داخلية.
وإذا ما اعتبرنا الديون الخارجية وحدها ب 70 ٪ منها متعددة المصادر (البنك العالمي للتنمية البنك الافريقي للتنمية الصندوق الأوروبي للتنمية ، البنك الإسلامي والصندوق الكويتي...) و 30 ٪ من دول صديقة أما بالنسبة للدول المانحة ب 56 ٪ من منطقة الأورو 21 ٪ من اليابان و 15 ٪ من الولايات المتحدة والبقية من دول مختلفة.
فإذاما قارنا المديونية الحالية مع مديونية دول أخرى نامية نجدها في حجم محتشم، فعلى سبيل المثال المغرب 53.1 بالمائة مصر 80.1 ٪ تركيا 46.3 ٪ إفريقيا الجنوبية 29.3 ٪ الهند 58 ٪ رومانيا 24 ٪ والبرتغال 66.4 ٪.
وتقدر خدمات الدين ب 8 10 ٪ بالنسبة لصادرات المنتوجات والخدمات.
إذن تعتبر تلك الديون في متناول التسيير ولا تمثل عبئا صعب الاحتمال مثلما صرح به محافظ البنك المركزي أو رئيس البنك الإفريقي للتنمية أو بعض الخبراء الاقتصاديين العالميين المحرزين على شهادة «نوبل» في نداء يناشدون فيه بتطبيق «مخطط مارشال» لبلادنا كحافز لإنجاح النقلة الديمقراطية وذلك برصد مبلغ 25 مليار دولار لدعم برنامج اقتصادي يمتد على مدة 5 سنوات يمكن من النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية علما وأن هذا البرنامج يتطلب اعتمادات قدرت ب 125 مليار دولار (100 مليار دولار متأتية من تعبئة الموارد الداخلية).
هذا النداء قد دعم من طرف مجموعة الثمانية في اجتماعها بتاريخ 27 052011 في «دوفيل» وقد اعتبر كل من «Joseph Stiglihz» المحرز على شهادة «نوبل» في الاقتصاد.
أن نجاح النقلة الديمقراطية هي بمثابة مطمح هائل للمجموعة الدولية التي هي مطالبة بإعانة تونس لإنجاح مخططها التنموي وقد وقع إمضاء هذا النداء من طرف 30 خبير اقتصادي.
وقد أعقب هذا النداء بادرة (100) من البرلمان الأوروبي الذين طلبوا إلغاء الديون التونسية واعتبروا أن تجربة بلادنا هي بمثابة مكسب للمجموعة الدولية.
موقفنا إزاء هذه العروض هو :
1 فيما يخص «مخطط مارشال» علينا أن نبادر بقبوله مع توظيف قسط من الاعتمادات لاستثمار شراكة في مشاريع تنموية منتجة عاجلا في داخل البلاد ومناطق الظل النقل الهياكل التكنولوجية أقطاب صناعية نسيج من المشاريع الصغيرة المحدثة لموطن الشغل...) وذلك لفك العزلة التي تشكو منها والتي تعتبر عائقا كبيرا للنهوض بها ونحبذ أن تكون الدول العربية والصناديق العربية والإسلامية في صدارة الدول المانحة لملاءمة تدخلاتها مع المناخ الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ( BAD-FADES-BID) فمشكل النمو هو قبل كل شيء مشكل تمويل المشاريع وهذا المخطط يمكن من خلق ما يقارب مائة وخمسين ألف موطن شغل في السنة على مدى خمس سنين.
2 بالنسبة لمقترح إلغاء الديون وتوظيفها لتمويل استثمارات في المناطق الداخلية، لا يمكن بحال من الأحوال الأحجام عن قبوله للأسباب التالية :
أ ) لقد أوفت تونس بتعهداتها بخلاص ديونها ناهيك أنها دفعت مبلغ 820 مليون دينار في أفريل 2011 و 300 مليون دينار في سبتمبر 2011 تسديدا لديونها وهذا معترف به من طرف المجموعة الدولية ولم تطلب قط إلغاء تلك الديون رغم الضغوط القوية الراهنة منها الاقتصادية والاجتماعية رغم تراجع الناتج الداخلي الخام (المقدر ب 2 بالنسبة للسداسية الأولى من سنة 2011 بالنسبة لسنة 2010) والمنتظر أن يقترب من مستوى الصفر في موفى السنة.
ب ) تضخم البطالة وصل إلى مستوى يبعث على الانشغال (850.000)وذلك إثر ما انتاب عدة مؤسسات (280) من نكبات في نشاطها ومن المنتظر أن يدرك مستوى 1.000.000 عاطل عن العمل في آخر السنة.
ج) التعبئة العالمية التي حظيت بها الثورة المباركة تذكرنا بالنقلة الديمقراطية الشرقية وما أحرزت عليه من إحاطة وعناية وإعانة مكنتها من النهوض باقتصادها والالتحاق بركب الدول المتقدمة.
د) إلغاء الدين وتوظيفه في تمويل الاستثمار يمكن من خلق ما لا يقل عن أربعين ألف موطن شغل في السنة.
3 التخوفات المبالغ فيها من وكالات الترقيم ونخص بالذكر منها (STAN DARD AND POORS,SP) التي حطت من ترتيب الاقتصاد التونسي ليس في محله حيث أن إحلال نظام ديمقراطي وإتباع اقتصاد التسوق المتميز بحرية المبادرة من شأنه أن يرفع من مردوديته وبالتالي يمكن من الاستغناء عن اللجوء إلى السوق المالية.
4 التصريحات الأخيرة من طرف الحكومة الجديدة من النيّة إلى اللجوء إلى السوق مالية أم يبعث على الاستغراب لما نعلمه من شطط في نسبة الفوائض خاصة بعد الحط من ترتيب الاقتصاد التونسي من طرف وكالات الترقيم في حين أنه من الأجدر التركيز على التعاون العربي منه والأوروبي قصد تعبئة الموارد اللازمة لتمويل الاستثمار وبالتالي تكون في غنى عن السوق المالية.
5 الظروف التي تمر بها البلاد غير مألوفة ولكل حالة استثنائية قرار استثنائي ، ولا يمكن أن يتواصل الاقتصاد على هذا النسق دون أن نتخذ قرارات صارمة وجريئة للنهوض بالاقتصاد وندفع نسبة النمو إلى ماهو أفضل من خلال تكثيف الاستثمار والرفع من مستوى تسيير دواليب الحكم.
تصريح وزير التنمية الاقتصادية أخيرا في حوار في وسائل الإعلام المرئية يبعث على الاستغراب والانشغال حيث نوه بالإنجاز الذي حققته البلاد في العشرينية الفارطة فيما يخص معدل نسبة النمو السنوي الاقتصادي (4-٪ 4.5٪) ويعتبره مكسبا مهما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن نموا اقتصاديا يرمي بما يقارب 10.000 15.000 طالب شغل كل سنة إلى البطالة لا يعتبر انجازا ونعتبره نموا بطيئا ومحتشما ولا يمكن بحال من الأحوال من حل مشكل التشغيل الذي يتطلب قرارات حاسمة وجريئة في ميدان الاستثمارات وتمويلاتها الداخلية والخارجية حتى ترفع نسبة النمو السنوي إلى مستوى 7 أو 8 ٪ وهو أمر ممكن إذا أحسن التصرف في الأموال العمومية ووقعت التعبئة المثلى للموارد المالية الخارجية وتوظيفها على أحسن وجه لتدعيم مقومات القدرة التنافسية للاقتصاد وقد خاب ظننا بعدما أردف برنامج الحكومة المؤقتة مؤكدا على تلك النسبة التنموية (4.5) لسنة 2012، علما وأن السنة القاعدة (2011) هي سنة بيضاء بحيث لم يؤخذ بعين الاعتبار وجوب تدارك الاقتصاد لهاته السنة التي خسر فيها العديد مواطن شغلهم.
فالزيادة في نسبة النمو الاقتصادي ب 1٪ تمكن من خلق ما لا يقل عن 15000 موطن شغل ونحن نعتقد جازمين أننا قادرون على حل مشكل البطالة بالمقترح الآنف الذكر مع حسن التصرف في الأموال العمومية وتعبئة الموارد الخارجية والمحلية وبذلك يمكن القضاء على البطالة في ظرف خمس أو ست سنوات في ظلّ المستجدات المحلية يجب وضع خطة محكمة قصيرة المدى لرفع الاقتصاد والرفع من نسق نموه قصد إيجاد حلول سريعة الانجاز منها جبر الأضرار للمؤسسات المنكوبة (280) ومنح حوافز جبائية واقتصادية وقمرقية للمؤسسات المشغلة لليد العاملة وخاصة منها المنتصبة في المناطق المعوزة ورصد اعتمادات اضافية من ميزانية الدولة لدعم الاستثمار دون أن نشطّ في العجز الذي تشكو منه والذي بلغ في السداسية الأولى نسبة 5٪ بسبب الظروف التي مرّت بها البلاد، بعدما كان في موفى سنة 2010: 2.6٪ وكل هذه الاجراءات الاصلاحية لا تكون ذات جدوى إلا باستتباب الأمن حيث أن المستثمرين لا يستأثرون بالحوافز الاقتصادية بقدر ما ينعمون به من أمن وطمأنينة بعيدا على التوترات الاجتماعية والطلبات المشطة والاعتصامات.
ولا نعتقد أن ما ينادي به البعض وما جاء به أخيرا وزير التنمية الجهوية من أن تقسيم البلاد الى خمس مناطق كبرى سوف يحل مشكل تنمية البلاد وخاصة التنمية الجهوية ومشكل البطالة والتفاوت الجهوي فما هو إلا تقسيم إداري لا يحدث مواطن شغل بل سوف يخلق ازدواجية ادارية مع ادارة الولايات الشيء الذي من شأنه أن يثقل كاهل الميزانية ويبطئ القرارات والانجازات علما أن مصالح الولايات أكبر دراية ومعرفة بواقع الجهة وهي كفيلة بتوجيه الاستثمار والمستثمرين نحو المناطق المعوزة كما أن حركية اليد العاملة وسيولة تنقل المنتوجات والخدمات نحو مواطن الاستهلاك تجعل من إعادة تقسيم البلاد بدون فائدة فمشكل التنمية والتوازن الجهوي يكمن قبل كل شيء في استحثاث الاستثمارات الخاصة والعمومية وما على الدولة إلا أن تسرع في إنجاز الهياكل الاقتصادية في مناطق الظل قصد إخراجها من عزلتها وتجهيزها بالمعدات الادارية الضرورية الاجتماعية منها والثقافية والتربوية والصحية، مع امكانية إحداث أقطاب صناعية لاستغلال القدرات الطبيعية المتاحة.
كما عليه أن تخلق كل المقومات الأساسية لاستحثاث نسق الاستثمارات بتكثيف التشجيعات الاقتصادية والجبائية والقمرقية والمالية والرفع في الاعتمادات المرصودة للجهات عن طريق المندوبية العامة للتنمية الجهوية والمؤسسات الأخرى المماثلة وما صرّح به السيد وزير التنمية الجهوية من أنه لم تكن في الماضي بوادر تنمية جهوية إنما هو تجني على تلك المؤسسات القومية المحترمة التي تزخر بالاطارات الكفئة والمهندسين ذوي الخبرة العالية في ميادين التخطيط والتنمية الجهوية تشيد بها عديد الدول المتقدمة ولا يجب بحال من الأحوال تحميل محدودية الاعتمادات على تلك المؤسسات المحترمة.
أما على صعيد الأمد الطويل، علينا أن نتوخى سياسة الانفتاح الاقتصادي وهي الوحيدة التي تتلاءم مع تطلعات الشعب الداخلية وتنسجم مع المحيط الخارجي وهي تتسم بحرية المبادرة والانتصاب والاستثمار في نطاق القوانين والترتيبات الادارية مع تأمين التوازنات المالية وفقا لبرنامج تنموي يوفر الشغل لجميع المواطنين طالبي الشغل ويمكّن من تحسين ظروف العيش، ذلك مع مراقبة تطور الأسعار للحفاظ على القدرة الشرائية لضعفاء الدخل وهذا ما نسميه اقتصاد السوق الاجتماعي، وقد برهن نجاعته في عديد الدول وخاصة منها دول شمال أوروبا حيث يقع تعديل التوجه كلما تدهورت القدرة الشرائية لضعفاء الدخل فلا ننسى أن الثورة قامت من أجل الكرامة والتشغيل ولا كرامة بدون شغل الشيء الذي تناساه عديد السياسيين.
نفلا عن صحيفة الشروق التونسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.