«طالى» اليهودية وقعت فى حب قائد بمنظمة كتائب القسام.. و«مورال» و«محمود» تزوجا تحت حراسة الشرطة إذا كان الحب والارتباط بين الرجل والمرأة ظاهرة طبيعية وجد عادية فى كل مجتمعات العالم، وإذا كان الزواج حاجة إنسانية ضرورية وحرية شخصية يملكها كل من الرجل والمرأة حيث يُوحِدهما الحب والرومانسية مهما اختلفت ديانتهما وعقائدهما وحتى جنسيتهما، فإن الأمر ليس كذلك فى مجتمع كالمجتمع الإسرائيلى. وانتشرت فى السنوات الأخيرة ظاهرة قصص يهوديات، أسلَمْنَ وتزوجنَ ويعشنَ مع أزواجهن المسلمين فى فلسطينالمحتلة. الأمر الذى دفع بصحيفة «معاريف» اليمينية الإسرائيلية لتخصيص عدد من صفحات ملحقها الأسبوعى للحديث عن الظاهرة التى باتت تهدد بقاء إسرائيل، حسب رأيها. ووفقاً لتقديرات مسئولين إسرائيليين فهذه الظاهرة قوية بما يكفى وتزداد قوة فى السنوات الأخيرة: إسرائيليات، يهوديات، شابات يقعن فى حب رجال فلسطينيين ويقررن إقامة أسرة معهم والعيش على خط التماس النازف بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، على خط التماس المشبع بالكراهية بين كلا المجتمعين. وسردت «معاريف» عدة قصص لفتيات يهوديات وقعن فى حب شباب فلسطينيين مسلمين وتزوجن منهم.. ومن ضمنهم: ياعيل ومحمد «ياعيل» اليهودية التى تبلغ من العمر نحو 20 عاماً التى أنهت خدمتها فى الجيش الإسرائيلى وذهبت للبحث عن عمل ووصلت إلى منتجع مدينة إيلات الجنوبية، على الحدود المصرية والتقت هناك بأحد الأصدقاء الفلسطينيين الذين يعملون مع صديقتها فى أحد فنادق المدينة. وحدث التعارف بينها وبين محمد الشاب الفلسطينى من مدينة أريحا، الذى تعيش أسرته فى أراضى السلطة الفلسطينية. وبعد عدة شهور، اعتنقت ياعيل الإسلام وتزوجت من محمد وانتقلت للسكن مع أسرته فى أريحا، بعيداً عن أسرتها ووالديها، وتقول «معاريف» إنها ارتدت الحجاب. ومن وقت لآخر، تتلقى التهديدات من المجتمع اليهودى، الذى نشأت فيه، مطالبين إياها بالرجوع عن قرار إسلامها، والطلاق والعودة إلى حضن أسرتها ودينها وإلا فسيحدث شىء سيئ لها ولزوجها ولأطفالها. وتنقل «معاريف» عن "ياعيل" قولها: «منذ اليوم الذى تعلمت فيه أن أصلى، فى كل مرة أصلى أشعر بالارتياح ببساطة، كما لو أن حجراً قد سقط من قلبى، أبدأ ببساطة بالتنفس. كل ما يؤلمنى يختفى بينى وبين الله، فأنا قبل كل شىء مسلمة»، وتشير ياعيل فى التقرير إلى أنها بعد إنجابها لابنهما الأول لم تشعر بارتياح، شعرت بأنها ستموت ولم يكن على لسانها عبارات من التوراة وإنما آيات من القرآن. وقد أثار هذا التقرير عاصفة كبيرة فى إسرائيل، واشتكى معلقون إسرائيليون فى صفحات الفيس بوك من نشر هذا التقرير الذى يبدو فى نظرهم يشجع على التعاطف مع من اختاروا «خيانة إسرائيل»، على حد زعمهم. «يجب منع هذه الظاهرة فورًا»، كما كُتب فى أحد التعليقات الغاضبة. «ليست لدي مشكلة مع اختيارهن الشخصى. يجب على إسرائيل ببساطة أن تحرمهن من المواطنة وأن ينتقلن إلى فلسطين»، كما كتب معلق آخر. «جى» فتاة يهودية إسرائيلية، كان عمرها، 20 عاماً، من سكان منطقة «عيمق يزرعئيل» شمال إسرائيل، تنتمى لأسرة محافظة من الجيل الثالث للناجين من المحارق النازية. بدأت قصتها بالتعرف على شاب فلسطينى مسلم، شعرت بالراحة النفسية بصحبته، وتوطدت العلاقة بينهما بزيارته فى منزله، لكنهما لم يتجاذبا أطراف الحديث فى الحب والجنس، كما هو متوقع، بل بدأ فى تعريفها بالإسلام وفى كل مرة كانت تزوره كان يعلمها بعض آيات القرآن. دخلت الفتاة فى صراع نفسى رهيب، لكن المعانى والرسائل التى استخلصتها من القرآن أمدتها بالقوة كما تقول. فبدأت تعود إلى منزلها كل مرة مع أجزاء من القرآن، وفجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب إذ اكتشفت الأم أمر صغيرتها المنشغلة بالإسلام، بعد أن عثرت لدى تنظيف حجرتها على تلك النصوص، وهو ما كان بمثابة كارثة بالنسبة إليها. وبين بكاء الأم وصراخ الأب، حاولت «جى» أن توضح لهما أن تلك النصوص فقط تثير اهتمامها، لا شىء أكثر من ذلك، لكن كانت الشكوك قد بلغت مبلغها وأدركا أن الفتاة تمضى فى طريق خطير من وجهة نظرهما. وبالفعل بدأت «جى» فى عملية بحث على الإنترنت، كانت متعطشة للكثير من الإجابات حول الإسلام. ساعدتها فى ذلك شقيقة صديقها المسلم، التى مدتها بكتيبات دينية. فى ذلك الوقت، قررت الفتاة، مع تزايد حدة خلافاتها مع أسرتها مغادرة البيت وبادرت إلى إشهار إسلامها فى محكمة شرعية، والإقامة لدى صديقة مسلمة بمدينة يافا. وتضيف جى: «قال لى أبى إنه سيتبرأ منى إذا اعتنقت الإسلام، بل سيعتبر أننى مت ويحزن عليّ سبعة أيام حداداً ويشق ملابسه حزناً. لقد قاطعنى تماماً، كذلك توسل إخوتى كى أتراجع، لكن الأمر برمته لم يشغلنى». ونقلت «معاريف» عن الأم وهى فى انهيار تام «أخبرتنى ابنتى هاتفياً أنها قررت أمراً، وأنها تريد الحديث معى ومع أبيها، لم أتخيل فى أكثر أحلامى سوداوية أن تسير الأمور على هذا النحو، عندما أخبرتنى باعتناقها الإسلام شعرت أن جسدى يتهاوى، لم أتحمل المزيد، أنا ابنة لعائلة ناجين من المحرقة، أبناء عائلتى ماتوا فى المحرقة وابنتى أنا تتحول من اليهودية للإسلام؟ من يصدق ذلك؟». طالى فحيما وزكريا الزبيدي ومن أشهر قصص دخول اليهود الإسلام، قصة «طالى فحيما»، وهى ناشطة سلام يسارية إسرائيلية من عائلة يهودية ذات أصول جزائرية، وعرفت «فحيما» بمواقفها الداعمة لحق الفلسطينيين فى المقاومة، لذا سجنتها سلطات الاحتلال من 2005 إلى 2007، بتهمة مساعدة الناشط فى كتائب شهداء الأقصى زكريا الزبيدى الذى ربطتها علاقة عاطفية معه وتزوجته بعد ذلك. «شيرا دهان» و«فراس حليحل» «فراس حليحل» و«شيرا دهان» شابان يعتبران من مشاهير الزواج المختلط فى إسرائيل ورغم أن كلاً من «فراس حليحل» المسلم و«شيرا دهان» اليهودية يحملان الجنسية الإسرائيلية ويعتبران مواطنين إسرائيليين، إلا أن ارتباطهما واجه عاصفة من الانتقادات غير أنهما لم يستسلما لها وأقاما عرسهما وانتقلا للعيش وسط تل أبيب. مورال ملكا ومحمود منصور مورال ملكا، فتاة يهودية تبلغ من العمر (23 عامًا) أعلنت إسلامها وتزوجت من محمود منصور (26 عامًا) الشاب الفلسطينى.. بعد قصة حب عاشتها على مدار سنوات وتحولت قصة محمود ومورال إلى قضية رأى عام فى إسرائيل. حيث بدأت الضجة تُثار حول الزواج عندما نشر عناصر اليمين الإسرائيلى دعوات على شبكات التواصل الاجتماعى، بهدف منع الزواج، والتظاهر أمام قاعة الزفاف، خلال هذا أنفق محمود منصور على تأمين استعدادات الزواج على نفقته الشخصية بأمر من الشرطة. ومن جانبه، أرسل والد العروس رسالة لها عبر مقطع فيديو تداولته وسائل الإعلام الإسرائيلية قائلًا: «مورال.. أنا أحبك، وأنتِ ابنتى الكبرى، أريدك أن تعودى إلى بيتك، أنتِ لا تستحقين هذا، أنتِ ترتكبين خطأ حياتك، وسيكون له عواقب وخيمة»، وأضاف: «مورال، يجب أن تعودى وتتزوجى وفقًا لقوانين موسى وإسرائيل، وهذا مخالف لديننا، كل عائلتنا عرفت بالأمر، وأمى تبكى، وكل العائلة حزينة». ولا تتوانى وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نقل قصص عشق اليهوديات للعرب، فقبل فترة وقعت مجندة إسرائيلية فى حب أحد العمال الفلسطينيين، وعلى الفور قامت شرطة الاحتلال العسكرية بمداهمة منزل المجندة المغرمة واستدعتها للتحقيق، كما اشتهرت قبل نحو عام قصة مجندة يهودية من عسقلان وقعت فى حب شاب فلسطينى من بيت ساحور وهربت لتعيش معه، إلا أن الجيش الإسرائيلى طلب من السلطة الفلسطينية إعادة تسليمها فوراً وسُلِمت. وتقول مصادر إسرائيلية إن هناك العديد من الحالات من قبل عشرات الفتيات والنساء اللواتى تربطهن علاقات عاطفية مع عرب. وبحسب إحصائية رسمية نشرت عام 2009 هناك 100 يهودى يعتنقون الإسلام سنوياً بشكل رسمى فى إسرائيل، بينما لا توجد هناك معطيات دقيقة عن العشرات الذين يبقون الأمر سراً خوفاً من ردة فعل أسرهم. وتظهر الإحصائيات التى قامت بها السلطات الإسرائيلية، أنه فى سنة 2012 مثلاً تم تسجيل 25 حالة زواج مختلط طرفاها شباب فلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة مع إسرائيليات يهوديات، أما داخل الخط الأخضر (إسرائيل) فقد تم تسجيل أكثر من 800 حالة زواج لإسرائيليات يهوديات بفلسطينيين من عرب 48، وهو الأمر الذى اضطر معه الحاخام الإسرائيلى المتطرف «إيال أكرم»، إلى توجيه تحذير لليهوديات من الزواج بغير اليهود، بل وأفتى لجماعة «أولاد لاخيم» اليهودية المتطرفة بخطف اليهوديات فى حالة زواجهن من الفلسطينيين. رعب بين الحاخامات من تفاقم الظاهرة ويقوم رجال الدين اليهود وناشطو اليمين المتطرف بدور كبير ورئيسى فى منع كل أشكال الزواج المختلط بإسرائيل، بل ويقومون بالتصدى بقوة وعنف لأى تعديل قد تُقدم عليه الحكومات الإسرائيلية لقوانين الزواج بما يتلاءم مع القوانين الدولية. وقام الحاخام الأكبر فى إسرائيل بإصدار بيان رسمى بهذا الخصوص جاء فيه: «بالنسبة للزواج المختلط، نحن لسنا عنصريين، غير أن النظام فى إسرائيل يطالب بوقف الزواج المختلط، وعلى كل شخص التوجه إلى ربه، وعدم الاختلاط بالآخرين». ولم يكتف رجال الدين المتعصبون بذلك، بل عمدوا إلى القيام بعدة مبادرات فى هذا الشأن كإصدار فتوى تحرم تأجير اليهود مساكنهم للعرب وهو الأمر الذى أثار استياء واسعاً، باعتبارها فتوى عنصرية تبعث على الحقد والكراهية. وفى يناير 2011 قامت مجموعة من زوجات رجال الدين بإصدار نداء للفتيات اليهوديات يحذرنهن فيه من «مغبة» الاختلاط بالشباب العرب، خشية أن يؤدى ذلك إلى وقوعهن فى الحب ومن ثم «توريطهن» فى زواج أو ارتباط. وهذا النوع من الحملات العنصرية والعدائية تقودها منظمة «لهافاه» اليمينية المتطرفة بدعم من رجال الدين فى إسرائيل، وقامت منظمة «لهافا» بحملة إعلانية فى شوارع القدس، تحذيراً للآباء من تزويج بناتهم من العرب. وضعت المنظمة المتطرفة إعلاناً يبدو للوهلة الأولى كبطاقة دعوة زفاف وهمى بين عروس إسرائيلية اسها ميشال وعريس اسمه محمد، وزعتها فى جميع أنحاء الشوارع فى القدس فى محاولة لإثبات ما يمكن أن يحدث إذا فشل الآباء في الحفاظ على مراقبة بناتهم، وحفظهن من الوقوع فى حب شباب عرب. و«لهافا» منظمة يهودية متطرفة ضد اختلاط الأعراق فى الأراضي المقدسة، حتى مع وسيلة للتحايل جديدة هى التى تخلق نقاشاً عاصفاً حول مسألة الزواج المختلط بين اليهود والعرب.