كل حدث جليل تمر به الشعوب لابد أنه يفتح الباب أمام المؤرخين لتدوين وكتابة تفاصيل هذا الحدث حتى يبقى محفورا في ذاكرة الأمة. هذا هو الدور الذي تحاول سلسلة حلقات "يوميات الثورة" القيام به مع الثورة المصرية، وذلك على يد مجموعة كبيرة من المخرجين المصريين الشباب. تُعرض السلسلة على شاشة الجزيرة الوثائقية يوميا ابتداء من يوم الثلاثاء 24 يناير، في تمام السادسة مساء بتوقيت القاهرة. حيث يتكون من مجموعة من حلقات وثائقية تعرض وتوثق لكافة الأحداث التي شهدتها البلاد طوال أيام الثورة، فمنذ يوم 25 يناير تحولت كل شوارع القاهرة وغيرها من المحافظات إلى مسرح يعج بالكثير من المشاهد والأحداث، بداية من خروج المظاهرات إلى الشارع في اليوم الأول؛ حيث كان الأمر مقتصرا على الناشطين قبل أن تنتشر دعوات التظاهر ويشارك فيها الشعب بكافة فئاته وانتماءاته. ويرصد العمل تصاعد الأحداث تباعا حتى وصول الأمر إلى استخدام العنف من قبل الأمن ضد المتظاهرين؛ مما أدى إلى سقوط أعداد هائلة من الشهداء؛ وما تلى ذلك من نزول قوات الجيش إلى الشوارع لحفظ الأمن، واستمرار الاعتصام في ميدان التحرير طيلة 18 يوما استنفذ خلالها النظام كافة وسائله محاولا إجهاض الثورة، فكانت موقعة الجمل التي دقت آخر مسمار في نعش النظام، ويضطر مبارك في النهاية إلى الرضوخ والتنحي عن الحكم. وتعيش سلسلة الحلقات مع فرحة الشعب المصري بإسقاطه للطاغية، وهو ما بدى في الاحتفالات التي خرجت في كافة أنحاء الجمهورية دون سابق ترتيب. يُضاف إلى ذلك رصد العمل لكيفية تعاطي الأطراف الدولية مع انتفاضة الشعب، ليقدم العمل في النهاية صورة واقعية لما عاشته مصر إبان الثورة، يستطيع من خلالها المشاهد أن يعيش الأحداث مرة أخرى مع حلول الذكرى الأولى للثورة. ويخصص العمل حلقة كاملة يبحث خلالها السبب الذي دفع المصريين لصناعة ثورتهم، وتُلقي الضوء على المشكلات التي عانها منها أبناء الشعب طيلة حكم مبارك، وتفاقمها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما كان بمثابة سكب الوقود الذى أدى إلى حدوث الانفجار في النهاية. ويوضح جلال عبد السميع المنتج الفني للعمل أن هذا العمل يُعد من أهم الأعمال التي تم إنتاجها عن ثورة 25 يناير لأنه يقوم بدور التوثيق لكافة أحداث الثورة بما يعد مستندا تستطيع الأجيال المقبلة، أو من فاته الأحداث أن يطلع عليها لمعرفة تفاصيل الثورة المصرية. وتابع عبد السميع: "اعتمدنا في توثيق الأحداث على كافة أدوات الأفلام الوثائقية من استخدام التعليق الصوتي والصور الواقعية التي تم التقاطها خلال الأحداث، بالإضافة إلى الاستعانة بأرشيف ضخم للصحف كانت ترصد الأحداث لحظة بلحظة". ويقول المخرج هيثم صلاح أحد المشاركين في تنفيذ العمل: "استغرقنا وقتا طويلا في توثيق الأحداث والتأكد من صحة المعلومات التي يتضمنها العمل، كذلك واجهتنا مشكلات عديدة في الوصول إلى أدق تفاصيل الأحداث لنروي الوقائع ونضيف للمشاهد معلومات موثقة تثري معرفته بالثورة". وأضاف: "اعتمدنا على مجموعة كبيرة من شهود العيان الذين عايشوا الأحداث على أرض الواقع، يروون ويؤكدون صحة ما نعرضه من معلومات ليتحول العمل في النهاية إلى وثيقة تاريخية يمكن الاعتماد عليها في المستقبل". تتكون السلسلة من عشرين حلقة، تبدأ بأجواء ما قبل الثورة، ثم تعرض في كل حلقة أحداث يوم من أيام الثورة على مدار ساعة كاملة، وهو عمل ضخم من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية وتنفيذ شركات إنتاج مختلفة منها شركة "نيو ميديا" التي نفذت حلقات "بذور الغضب" وأيام 25 و 26 و 27 و 28.