لم يعد حلم الإرتباط بشاب وسيم جذاب ذو مستوى مادي مرتفع يهوى الخروج والسفر هو الحلم الذي يداعب جفون "سلمى" في صحوها ومنامها، فقد كانت هذه مواصفات فارس أحلامها حينما كانت في العشرين من عمرها، ولكن بعد فشل ارتباطها بشخص من هذا النوع وبلوغها سن الثامنة والثلاثين تيقنت أن الرجل لا يقاس بوسامته وارتفاع مستوى أسرته المالي، وأصبح حلمها أن تتزوج رجلا مسئولا يعرف كيف يدير شئون أسرته ويتعامل مع زوجته ويربي أبناءه. وبما أن "سلمى" مقتنعة أنه كلما تقدم عمر الفتاة كلما قلت فرصتها في الزواج، فقد تخلت وهي في هذه السن عن أحلامها، حتى أنها قبلت الزواج من إنسان مطلق ولديه ثلاثة أبناء خوفا من العنوسة ومن أن تقل فرصتها في الإنجاب بعد هذا العمر. احتويني من فضلك سلمى ليست الفتاة الوحيدة التي تغيرت مواصفات فتى أحلامها بعد تخطيها الثلاثين من عمرها ، فمع تعسر الظروف المادية لشباب اليوم، وانشغال المرأة بالعمل وتحملها للمسئولية واعتيادها الحياة بدون رجل، أصبحت فرصة الحصول على الزوج المناسب أمرا بالغ الصعوبة.. كم أحلم أن أصادف الشخص الذي يحتويني ويقدر مدى تحملي للمسئولية، هذا أول ما ترجوه "دنيا" ذات 33 ربيعا في فارس أحلامها، قائلة: لست من الفتيات اللاتي تفتقد لوجود رجل في حياتها، فلم أعد تلك الفتاة التي تعتمد على أسرتها للتصدي لمشكلات العالم الخارجي، فمنذ أن انتهيت من دراستي الجامعية وأنا أعمل فأنا عاشقة للعمل، والكل يعترف برجاحة عقلي ومدى تحملي للمسئولية، وصبري على أية مشكلة أمر بها. لذا أرجوا الله أن أصادف هذا الرجل الذي يعوض اعتيادي عدم وجود رجل في حياتي، رجل يحيطني بعطفه وحنانه ويشعرني بأنوثتي، تجبرني معاملته الطيبة واحترامه لي على طاعته فيما يرضي الله، يحترم رأيي وتعلقي بعملي الذي أمضيت فيه ثلث عمري، خاصة وأنني أعرف جيدا حدود التعامل مع زملائي، وأنني على استعداد لتركه بمجرد عدم تمكني التوفيق بينه وبين أسرتي. زواج مشروط بسن "هايدي" فتاة في الثلاثينات من عمرها، توفي والدها ،الذي كان يكبر والدتها ب 15 عشر عاما، حينما كانت في المرحلة الثانوية، لا تذكر من مرحلة الطفولة إلا تلك المشكلات بين والديها، فوالدتها دائمة التذمر من هدوئه وقلة كلامه، وعقلانيته وميله للخصوصية بشكل مبالغ فيه، فعلى الرغم من أنه أب من الدرجة الأولى، إلا أنه لا يتعامل معها كأنثى لها حقوقها الزوجية. لذا فقد اشترطت "هايدي" أن لا يتعدى فارق السن بينها وبين شريك حياتها خمس سنوات، لتضمن وجود تفاهم وتواصل فكري بينهما، وأن تعرف عنه كل شئ، باختصار يقدم لها تقريرا يوميا عن مسار حياته، ولأن هذا الشرط يصعب تحقيقه مع الظروف المادية الصعبة للشباب، وظنهم أنها مجرد فتاة تريد فرض سيطرتها على الزوج، فقد تقدم بها العمر دون أن تجد الشريك المنتظر، مما اضطرها لتغيير وجهة نظرها فقررت عدم الوقوف على عمر الشخص ولكن كان الوقت قد فات.. أحلام طبيبة "مريم" طبيبة اعتادت الصلاة في الكنيسة مع والدتها التي دائما ما تدعو الله أن يرزقها بشخص يتحمل شخصيتها القوية وحدة طبعها، حتى رزقها الله بإنسان يقاربها في العمر إلا أنه يعمل في مجال المحاسبة، وهي طبيبة بشرية، فاعترضت وبشدة على مهنته متعللة بأنها وصلت لهذه الدرجة العلمية بعد مشقة، ولا ترغب في الزواج برجل أقل منها في المهنة أو الدرجة العلمية, وتمضي السنون ولا تزال الطبيبة الشابة تبحث عن الطبيب المنتظر . وتشبهها "كريمة" 32 سنة تعمل مديرة تسويق في إحدى الشركات، الجميع يعترف بقوة شخصيتها وتحملها للمسئولية منذ صغرها، إلا أن هذا كان سببا رئيسيا في فشل خطبتها عدة مرات، فهي تعتز برأيها ولا ترضى بالأمر الواقع، وتسعى دائما لمعرفة ما بين السطور، وقراءة أفكار أي إنسان تدخل معه في حوار، وتؤمن بعمل المرأة وأنها لا يمكن أن تضحي بالمكانة التي وصلت لها بجد واجتهاد لإرضاء أي رجل، فالسن لا يعيبها مادامت مهتمة بنفسها وبمظهرها، لكن الخطأ في اختيار الزوج المناسب هو العيب. خبرات شخصية من جانبها تشير الدكتورة ميري عبد الله ،أستاذ علم الإجتماع، أن اختيار الزوج تحكمه أبعاد نفسية واجتماعية خاصة مع تقدم سن الزواج، فضلا عن الظروف الإقتصادية السيئة التي تمر بها بعض المجتمعات، وتحرر المرأة وخروجها للعمل، بالإضافة إلى الخبرات الجيدة والسيئة التي تمر بها الفتاة أو من خلال أسرتها والمقربين لها. مؤكدة على أن العوامل النفسية ،الظاهر منها والخفي، هي أول الأسباب التي تحكم اختيار شريك، فالفتاة أكثر تعلقا بأسرتها، وأكثر حساسية للتعامل مع الرجل، وكلما تقدمت الفتاة في السن كلما جانبها التوفيق في الإختيار لعدة أسباب أخطرها أن ترضى بعريس فقط كتأدية واجب أوهروبا من لقب عانس. وتلفت أن كثيرا من الفتيات تتأثر بخبرات الآخرين خاصة الأم والأب، فتحاول تجنب الخطأ الذي وقعوا فيه، لكنها تتبع أساليب خاطئة وتضع شروطا قهرية في شريك العمر مما يتسبب في مشكلة أكبر، فضلا عن أن دخول المرأة في مجال العمل ، جعل بعضهن تشعر بندية في التعامل وأنها قادرة على الإستغناء عن الرجل، إلا أنها تغفل أن الله خلقنا ذكرا وأنثى في مجتمع متكامل، وأن اصرارها على قوتها واستغنائها عن الرجل يجعلها تستغني أيضا عن الأبناء الذين لا تستطيع تعويض فرحتها بهم بأي مناصب في العمل. عوامل اختيار الزوج من هنا تدعو الدكتورة ميري كل فتاة ،مهما كانت أسباب تأخر سن زواجها، أن تتعرف قبل أن ترفض أي عريس على الخلفية الإجتماعية التي نشأ فيها، وعلاقته بأسرته، وأسباب تأخره عن الزواج إذا كان يكبرها بعدة أعوام، على ألا يتعدى العشرة سنوات تفاديا لتعرضهما لأي مشكلات فيما بعد. وتنصح الفتيات أنه مهما تقدم بهن العمر لابد وأن يحتفظن بكونهن أنثى لهن خصوصيتهن ورونقهن، وأن المرأة لا تستطيع الإستغناء عن الرجل، وأن العمر لا يتحكم في شخصية وميول الإنسان، فقد نجد شابا في العشرينات منطوي لا يجيد معاملة المرأة والتعبير عن مدى حبه واحترامه لها، بينما نجد رجلا في الأربعينات مرح متفائل يجيد التعامل مع المرأة يحترمها ويشعرها بأنوثتها. وتتابع: يجب على المرأة الذكية أن تشعر الخطيب المتدين الخلوق الذي تشعر تجاهه بالقبول أنه كل شئ في حياتها، ولا تتعالى عليه أو تشعره بالاستغناء ، فالرجل أناني بطبعه ويريد أن يشعر برجولته مع امرأته وحاجتها له مهما كانت مكانتها في المجتمع. وأخيرا تنصح كل فتاة أن لا تنظر لتجارب الآخرين على أنها قضايا مسلم بها، فلابد من أن تخوض التجربة بنفسها، وتحسن التصرف وتثبت مدى تحملها للمسئولية من خلال تعاملها مع الشخص الذي يتقدم لخطبتها.