تتطلع الأنظار لمجلس النواب المصرى، وذلك عقب تأكيد رئيس البرلمان د.على عبدالعال مناقشة البرلمان لاتفاقية ترسيم الحدود، وذلك باعتبار الأمر حقًا أصيلًا له ولمبدأ فصل السلطات، ما أدى إلى طرح عدد من السيناريوهات من قبل الخبراء وأعضاء البرلمان بخصوص الموضوع ومنها إما موافقة البرلمان على الاتفاقية، أو رفضها، أو العرض على الاستفتاء الشعبى، أو الانتظار لصدور حكم المحكمة الدستورية العليا الذى يقضى بأحقية القضاء الإدارى من عدمه فى مناقشة الاتفاقية، فضلا عن احتمالية لجوء السعودية للتحكيم الدولى. ومن جانبها أيدت شادية ثابت، السيناريو الخاص برفض الاتفاقية، حيث أكدت أن مجلس النواب هو صاحب القرار بشأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، موضحة أن صدور أحكام قضائية بشأن بطلان توقيع الاتفاقية، ليست له علاقة بمناقشتها بالبرلمان، ويجب إعمال مبدأ الفصل بين السلطات. وبينت ثابت، أن القضاء المصرى استند فى حكمه إلى أوراق ومستندات قوية، موضحة أن الجزيرتين مصريتين والبرلمان لن يتخذ قرارًا يترتب عليه ضياع الأرض، مشيرة إلى أنه من حق السعودية أن تلجأ للتحكيم الدولى فى حالة رفض البرلمان الاتفاقية، لكن موقف مصر سيتحدد وفق الأوضاع الراهنة وتوجهات مؤسسات الدولة. بينما رفض فؤاد عبدالنبى، أستاذ القانون الدستورى، مناقشة البرلمان الاتفاقية ترسيم الحدود، قائلا ان مناقشتها خروج عن الشرعية القانونية والدستورية واستخفاف بالحكم القضائى. وأفاد عبدالنبى، بأن البرلمان يجب أن يكون ممثلًا للشعب وأن يرفض التعدى على أرضه، مفيدًا بأنه فى حالة موافقة البرلمان على هذه الاتفاقية فإنها ستكون عارًا فى تاريخ الحياة التشريعية المصرية، موضحًا أن هذا الامر سيكون مخالفًا الدستور والاحكام القضاء. وأعلن محمد أبوحامد، عضو مجلس النواب، موافقته على اتفاقية ترسيم الحدود، مؤكدا أن محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة غير معنية من البداية بنظر القضية لأن هذا يعتبر تعديًا على أعمال السيادة، مفيدًا بأن الحكم غير ملزم للبرلمان ولكنه سوف يعتمد على قراره طبقًا للمستندات التى ستأتى مع الإحالة الخاصة بالحكم، والمستندات الذى اعتمدت عليها الحكومة فى التوقيع على الاتفاقية. وأشار أبوحامد، إلى أن المناقشات ستكون علنية ومن حق أى مواطن أن يتقدم بالمستندات إذا كان يمتلك شيئًا، لافتًا إلى أن هناك دعوى قضائية مرفوعة أمام المحكمة الدستورية العليا تناقش أحقية القضاء الإدارى فى مناقشة الاتفاقية من عدمه. ولفت أبوحامد، إلى أنه إذا أقر البرلمان الاتفاقية فإنها ستصبح ملزمة ونهائية، ولا فصل فيها وذلك مع احترام أحكام القضاء، ولكن مجلس النواب هو صاحب الكلمة النهائية فى هذه الاتفاقية وقراره هو الملزم للدولة وليس القضاء. وأكد أبوحامد، أن حكم القضاء الإدارى لم يأخذ فى حكمه عددًا من الاعتبارات الأخرى المهمة التى كانت ستؤثر فى سير الحكم، موضحا أنه فى حالة لجوء السعودية للتحكيم الدولى، فيجب أن توافق مصر على الانضمام له، وإذا حدث ذلك فسوف تأخذ السعودية الجزيرتين بكل سهولة. وأكد حسنى حافظ، عضو مجلس النواب، أن القضاء المصرى قد قال كلمته، التى عبرت عن مشاعر عدد كبير من المصريين الرافضين لهذه الاتفاقية، مشيرًا إلى أن هذا الحكم لا يمنع من مناقشة الاتفاقية. وبين حافظ، أن البرلمان سوف يستعين بجميع المستندات والوثائق والخبراء القانونيين وأساتذة فى التاريخ والجغرافيا، وذلك لعدم إصدار قرار نهائى دون دراسة. وقد أثارت دعوى قضائية أقيمت أمام القضاء الإدارى للمطالبة بسحب مناقشة اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية من جانب البرلمان وإحالتها للاستفتاء الشعبى للخروج من المأزق السياسى والقانوني، جدلا بين مراقبين سياسيين وقانونيين. ويأتى المأزق السياسى والقانونى بعد إحالة الحكومة اتفاقية ترسيم الحدود لمجلس النواب لمناقشتها فى ظل حكم قضائى نهائى يقضى ببطلان الاتفاقية- صدر الأسبوع الماضى- ويحظر مناقشتها برلمانيا باعتباره نوعًا من التفريط فى أراضى الوطن، حسبما جاء فى حيثيات الحكم. وتستند الدعوى القضائية المطالبة بالاستفتاء الشعبى والتى رفعها المحامى جمال صلاح إلى المادة 151 من الدستور التى جاء بها «يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة». ورأى سياسيون- تحدثوا ل«الوفد»- هذه الدعوى نوعا من العبث لتجاوزها حق البرلمان فى مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات، فيما توقع قانونيون رفضها لأنها تتخطى حكمًا قضائيًا باتًا يقضى ببطلان الاتفاقية وعليه فلا يجوز عرضها على مجلس النواب أو طرحها للاستفتاء الشعبى. وكان رئيس الوزراء وقع اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية- فى إبريل الماضي- وتقضى بتبعية جزيرتى تيران وصنافير الواقعتين على مدخل مضيق العقبة بالبحر الأحمر للسعودية. أكد اللواء حمدى بخيت عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، أن مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات حق أصيل من حقوق البرلمان كفله الدستور له ولا يمكن التحايل عليه بإقامة دعوى قضائية. وأشار بخيت إلى عدم اختصاص القضاء سواء فى مناقشة بطلان الاتفاقية من عدمه أو إحالة الأمر للاستفتاء الشعبي، واصفا محاولة سلب البرلمان حقوقه بالجنون. وأضاف عضو لجنة الدفاع والأمن القومى أحقية المعترضين على القرار النهائى للبرلمان فى الاتفاقية فى اللجوء إلى القضاء للاعتراض. ومن جهته وصف اللواء محمود منصور رئيس الجمعية العربية للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدعوى المطالبة بإقامة استفتاء شعبى بالساذجة والأمر المبكى والمضحك فى الوقت نفسه. وقال إن الجزيرتين ليستا ضمن السيادة المصرية ووجودهما ضمن حدود مصر كان باعتبار أنهما وديعة يمكن استردادها فى أى وقت من الجانب السعودى، مؤكدا عدم قدرة أى شخص على تجاوز الدستور والقانون. وأكد: من يرد التحدث فى أمور المصريين فعليه أن يقرأ الدستور أولا، لقد مضى عهد المهازل وتحدث الغوغاء فى أمور العامة، ودستور مصر أقوى من رغبات ساذجة كرفض الاتفاقية أو إحالتها للاستفتاء الشعبى». من جهته رفض السفير يحيى نجم عضو الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض أية محاولات للالتفاف على الحكم القضائى الصادر ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود الصادر الأسبوع الماضى. وأضاف أن الدستور واضح فى تشديده على عدم التنازل عن أراضى الدولة سواء بمناقشات برلمانية أو استفتاءات شعبية، وتابع :«الخريطة الملحقة بدستور 2012 الذى جرى تعديله فى سنة 2014 تتضمن جزيرتى تيران وصنافير ضمن الحدود المصرية». وعليه فأكد نجم رفضه الدعوى القضائية المقامة للاستفتاء الشعبى على اتفاقية ترسيم الحدود باعتبارها تجاوزًا للدستور والقانون، داعيا أعضاء مجلس النواب إلى أن ينأى بنفسه من مناقشة هذه الاتفاقية التى وصفها بالباطلة. وأضاف: «النظام سيتحمل هذا العبث أمام الله والتاريخ ولا يمكن توريط الشعب فى استفتاء شعبى». وتوقع طارق نجيدة أحد مقيمى دعوى بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، رفض القضاء الإدارى إقامة استفتاء شعبى. وأوضح أن الحكم القضائى الصادر ببطلان الاتفاقية يؤكد مصرية الجزيرتين وعليه فلا يجوز لأحد- أيًا كان- أن يتنازل عنها سواء بتمرير برلمانى أو استفتاء شعبى. وتابع نجيدة: «السلطة أخطأت بتجاوز الحكم القضائى وعرض الاتفاقية للمناقشة أمام مجلس النواب وهذا لا يعنى أن نجارى الخطأ بخطأ آخر ونقيم دعوى قضائية لإقامة استفتاء شعبى».