في تطور مؤسف من شأنه أن يضاعف المخاوف إزاء قدرة الحكومة الانتقالية الليبية على تثبيت القانون والنظام وإنهاء فوضى السلاح في البلاد، لقي أربعة أشخاص على الأقل مصرعهم وجرح ستة آخرون عقب اندلاع اشتباكات جديدة في 3 يناير بين مجموعات من الثوار السابقين في طرابلس. ولعل ما ضاعف من قلق الليبيين تضارب الروايات حول حقيقة ما حدث ، حيث قال الموقع الإلكتروني لصحيفة "قورينا الجديدة" الليبية إن الاشتباك اندلع نتيجة قيام ثوار منطقة سيدي خليفة باعتقال ثلاثة من ثوار مصراتة وتعذيبهم وسبهم، بدعوى أنهم كانوا من المتطوعين في كتائب العقيد الراحل معمر القذافي ثم انضموا إلى الثوار. وأضافت الصحيفة أنه تم الإفراج عنهم في اليوم التالي مقيدين، الأمر الذي دفعهم إلى حشد قوة والهجوم على مقر اعتقالهم، مطالبين بتسليمهم من قام بتعذيبهم. وفي رواية أخرى ، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد المشاركين في الاشتباكات قوله إن المواجهات اندلعت عندما أوقفت مجموعته أحد ثوار مصراتة، قائلا :" ثوار مصراتة أرادوا الانتقام بعد أن أمسكنا واحدا منهم كان في حالة سكر وأصبح عنيفا وشتم الثوار". وأضاف "فوجئنا بوجود رتل من ثوار مصراتة جاء بأسلحة ثقيلة"، موضحا أن أحدهم أطلق النار أثناء الحوار، ثم بدأت المواجهات. ومن جانبه ، قال رئيس اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة الانتقالية العقيد مصطفى نوح لوكالة الأنباء الليبية إن الاشتباكات دارت بين مسلحين تابعين للمجلس العسكري بشارع الزاوية وإحدى كتائب الثوار من خارج مدينة طرابلس والمتمركزة بمقر إدارة الاستخبارات العسكرية سابقا. وتتواصل الروايات المتضاربة، حيث نفى ثوار الزنتان ما بثته إحدى الفضائيات العربية عن مشاركتهم فى الاشتباكات مع ثوار شارع الزاوية في طرابلس. وقال المتحدث الإعلامى باسم ثوار الزنتان توفيق الكفالى فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن الدور الذى قام به ثوار الزنتان هو محاولة التوفيق والصلح لإنهاء الاشتباكات التى وقعت في طرابلس بين ثوار شارع الزاوية ، وثوار من مدينة مصراتة بسبب نزاع على مبنى بالشارع كان يتبع جهاز الأمن الداخلى السابق . ويبدو أن الأسوأ مازال بانتظار ليبيا الجديدة في حال لم تنجح الحكومة الانتقالية في إنهاء فوضى السلاح في البلاد بأسرع وقت ممكن ، خاصة في ظل الغموض الذي يلف الأوضاع الأمنية داخل العاصمة ، وتكرار مثل تلك الاشتباكات من حين لآخر. ففي أوائل نوفمبر الماضي، وقعت اشتباكات أمام مستشفي طرابلس عندما منع حراس من كتيبة طرابلس ثوارا من الزنتان جاءوا لقتل أحد الجرحى في المستشفى، كما وقعت اشتباكات مماثلة بمدينة الزاوية قرب طرابلس بين الثوار ومجموعة قبلية يوم 12 نوفمبر أدت لمقتل شخصين. ولعل التصريحات التي أدلى بها رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل في 23 ديسمبر تضاعف القلق أكثر وأكثر ، حيث أكد حينها أن الحكومة الحالية عجزت حتى الآن عن ضبط المسلحين وأن الثوار السابقين لا يزالون يحيطون بالمنافذ البرية والبحرية والجوية في البلاد. ويبقى الأمر الأخطر وهو أن مثل تلك الاشتباكات تعطي ذريعة قوية للغرب للتدخل على نطاق واسع في تحديد مستقبل ليبيا الجديدة وخاصة في ظل أطماعه الواسعة في ثرواتها النفطية، وهذا ما ظهر واضحا في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 21 ديسمبر الماضي وزعم أن الربيع العربي جاء بنتائج مختلفة عن تلك المرجوة من وراء الانتفاضات والثورات الشعبية التي شهدتها بلدانه، مشيرا إلى ما تتعرض له ليبيا ما بعد القذافي من أعمال عنف وتصاعد المخاوف من عمليات انتقامية واسعة.