عقب الأزمة الأخيرة التى شهدتها الحكومة مع مزارعى قصب السكر، ورفض مزارعى القصب التوريد للمصانع، بسبب تدنى سعر طن القصب والذى فرضته الحكومة فى بادئ الأمر بمبلغ 500 جنيه، ألزم ذلك تراجع الحكومة عن قرارها وإصدار قرار جديد برفع سعر طن القصب إلى مبلغ 620 جنيهًا، لكن هذا الأمر لم يكن هو ما طمح إليه الفلاحون، وخاصة بجنوب الصعيد. ففى الأقصر لم يكن السعر الأخير مرضيًا لدى المزارعين، بل سادت حالة من الاستياء حتى إن بعضهم اعتزم على أن يكون هذا الموسم هو الأخير بالنسبة لزراعة القصب بأرضه، تعبيرًا عن غضبهم من تدنى سعر التوريد والذى وصفوه بالقرار الظالم. بدوى الحسانى، أحد مزارعى قصب السكر بغرب المدينة، يرى أن السعر الذى أقرته الحكومة مؤخرًا لا يصل إلى السعر الذى يتكلفه المزارع على مدار فترة زراعته القصب حتى توريده. ويضيف الحسانى: «إن تكلفة كسر المحصول تتجاوز ال600 جنيه، فالأنفار الذين يتم تأجيرهم للعمل بالأرض خلال عملية الكسر يحصل كل منهم على 50 جنيهًا نظير عمله لمدة ثلاث ساعات فقط، ناهيك عن التكاليف التى يتحملها الفلاح من عملية رى الأرض ودعم المحصول بالأسمدة، إلى جانب تأجير أنفار لتنظيف المحصول خلال فترة زراعته». ويتابع: «الدولة بقرارها الأخير حمّلت الفلاح أعباء إضافية، مما سيجعله مضطرًا للاستغناء عن المحصول واستبداله بآخر لطالما فى النهاية يصبح هو الخاسر». واستطرد قائلًا: «قَبِلنا بأمر التوريد حتى لا يفسد المحصول فى الأرض، ف خسارة قريبة أفضل من مكسب بعيد». فيما يقول خيرى على، مزارع، إن هذا السعر «620 جنيهًا» للطن دفع به وبآخرين من المزارعين إلى الاعتزام فعليًا للقيام باستبدال محصول القصب بالموز أو البصل، فإنه سيدر عائدًا أفضل مما أنتجه القصب». ويعبر على عن غضبه بعد قرار الحكومة قائلاً: «إن الموسم المقبل من المؤكد سيشهد توقف مصانع السكر والبالغ عددها 8 بجنوب الصعيد، بعد عزوف الفلاحين عن زراعة القصب نظرًا لتعنت الدولة ضدهم، واستمرار الحكومة فى إهمال الفلاحين». ويتساءل: كيف للدولة تقف ضد المزارع كى ترضى المستوردين، ألم يكفهم أن المزارع يساهم فى اكتفاء الدولة من الإنتاج المحلى للسكر، مستكملاً: مصانع سكر الصعيد أصبحت مهددة بالسقوط نتيجة لقلة الإنتاج وانعدام الزرع. وأضاف محمود عبدالله أن الدخل الناتج من توريد القصب ينتهى كله فى تحصيل العمالة وتسديد أجورهم، وستعتمد الدولة على استيراد السكر بالعملة الصعبة بعد إحجامنا عن زراعة القصب. وطالب المزارعون الدولة بمراعاتهم ومحاولة رفع سعر طن القصب إلى 700 جنيه بحد أدنى حتى يكون هناك هامش ربح قليل لهم فى ظل ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التى سادت فى الفترة الأخيرة. موسى مصطفى قرين منسق اتحاد منتجى قصب السكر أكد ل«الوفد» أن نسبة كبيرة من مزارعى قصب السكر بجنوب الصعيد مستاءون من قرارات الحكومة، ويرى أن أنسب سعر من الممكن أن يكون عادلاً للفلاح هو ألف ومائة جنيه للطن الواحد. أشار قرين إلى أن السعر الجديد لم يصل حتى للسعر المعتاد، خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار، إلى جانب الزيادات ومستلزمات الإنتاج والنقل والرى والأسمدة التى ارتفعت أسعارها ويتحمل تكلفتها الفلاح. وبحسب منسق اتحاد منتجى القصب، فإن الدولة لم تقم بزيادة ال120 جنيهًا الأخيرة لولا توقف المزارعين عن عملية التوريد للمصانع لمدة 15 يومًا، مشيرًا إلى توقف المصانع عن العمل والمفترض أن تبدأ موسم العصر فى 21 من ديسمبر لكن بدأ الموسم 4 يناير الجارى نتيجة إحجام الفلاحين عن التوريد. ويتابع: إذا لم تساند الدولة الفلاح ومراعاة جهوده التى يبذلها، فستنهار صناعة السكر وتتوقف المصانع، وتصبح أزمة السكر شبيهة بأحداث صناعة الغزل والنسيج على حد قوله. وأعرب عن غضبه من النقابات وأعضاء مجلس الشعب لعدم وقوفهم بجوار الفلاحين، مؤكدًا أن الزيادة التى أقرتها الحكومة جاءت بعد مجهودات مضنية للفلاحين للدفاع عن حقوقهم. وطالب منسق اتحاد منتجى قصب السكر - من خلال جريدة الوفد - الحكومة بالانتباه إلى قراراتها ودراستها جيدًا، خشية أن تنهار صناعة السكر فى الدولة، وخاصة أن المزارعين يساهمون فى تغطية 75% من الإنتاج المحلى للسكر. وتظهر المشكلات سنوياً مع بداية الحصاد فى شهر يناير دون إيجاد حلول بناءة، حيث تتبدل فرحة المزارعين إلى غم يعانون منه طوال العام بسبب الأسعار وسوء تقدير الوزن وتعرض المحصول للنهب. فى البداية يطالب أنور بهادر، رئيس لجنة الوفد بسوهاج، الحكومة بزيادة مناسبة فى سعر طن القصب إلى ألف جنيه ليتناسب مع مجهود المزارعين فى زراعة وقطع ونقل هذا المحصول الاستراتيجى، رغم وعود الحكومة لنا بزيادة تتناسب مع المجهود الذى نبذله فى هذا المحصول، مضيفًا أن المزارعين يظلون فى حراسته طول العام دون أن يزرعوا محاصيل أخرى مثل القمح الذى يعتمد عليه المزارعون فى طعامهم، أو الذرة والبرسيم الذى نطعم منه الماشية فقد أصبحنا نشتريها أو نقوم باستئجار الأرض لكى يقوموا بزراعتها ولابد من زيادة سعر الطن الذى يقومون بتوريده لمصانع السكر والتكرير بجرجا. ويضيف محمد عبدالله أبوزيد، من نجع سعيد بجرجا أن المحصول معرض للسرقة أثناء ذهابه إلى المصنع، رغم أن المزارعين يدفعون بدل حراسة، وللأسف لا توجد حراسة بل يقوم المزارعون بحراسة المحصول سواء كان على الجرارات الزراعية أو قطار الديكوفيل المخصص لنقل القصب بعد قطعه إلى مصانع السكر والتكرير، والغريب أن الأطفال الصغار يقومون بسحب أعواد القصب من فوق السيارات فى وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع ولا يجدون من ينهاهم عن ذلك، ليس هذا فحسب، بل إن بعضهم يتعرض للسقوط أسفل عجلات السيارات المحملة بالمحصول وهنا تكون الطامة الكبرى حيث يتم اصطحاب السائق وصاحب السيارة وأيضاً صاحب القصب إلى مركز الشرطة لإنهاء الإجراءات القانونية، مطالباً بزيادة منحة الرى للمزارع إلى مائة جنيه، بدلاً من عشرين جنيهاً، لأنها لم تزد منذ إنشاء المصنع فى الثمانينيات، كما أن المصنع يمنح المزارعين البعيدين عن خط الديكوفيل جنيهين وهذا لا يتماشى مع هذه الفترة بعد زيادة أسعار البترول أو ارتفاع أجرة الأيدى العاملة فى القطع والنقل. المسئولون بمديرية الزراعة بسوهاج أكدوا أن المحافظة تزرع 17 ألف فدان قصب، يتم توريد عشرة آلاف فدان للمصنع بينما يبيع الباقون محصولهم للعصارات، فى حين أن المصنع يحتاج إلى 50 ألف فدان مما يضطر إلى الاستعانة بباقى الكمية من مراكز أبوتشت وفرشوط ونجع حمادى، كما أن المصنع فى انتظار تحديد السعر، لصرفه فوراً لموردى المحصول، بعد الزيادة الجديدة، والمزارعون لا يلتزمون بتاريخ الحصاد، وهذا السبب الذى يشكو منه بعض المزارعين يحتم عليهم الالتزام بتاريخ القطع، والوزن يتم فى حضور لجنة من الجمعية الاستهلاكية ومنتجى القصب وحضور مسئول من المزارعين، وطالب المزارعون الحكومة بضرورة إدخال القصب إلى المصنع، حيث يستمر فى الأرض أربعة شهور فقط ويمكن استغلال الأرض فى محاصيل أخرى.