اعتاد أعضاء الدعوة السلفية، على إصدار الفتاوى المتشددة، من الحين إلى الأخر، لإثارة الضجة وإشغال الرأى العام، فبمجرد اقتراب إحدى المناسبات، يبدأ السلفيون فى إعلاء أصواتهم بتحريم تلك المناسبة، دون وجود سند واضح وراء مايدعونه. ومع اقتراب موعد الاحتفال بأعياد رأس السنة، كثرت فتاوى المعارضة السلفية محذرين المسلمين من تهنئة الأقباط فى أعيادهم، أو الاحتفال بأعياد الميلاد "الكريسماس"، مطلقين على ذلك "إثم الاختلاف". أفتى الداعية السلفي محمود لطفى عامر، بحرمانية تهنئة الأقباط فى أعيادهم، قائلا "إن تهنئة الأقباط بأعيادهم حرام شرعا، والإفتاء بالجواز أشد حرمة". وقال عامر، فى بيان له، إن من يظهر من المسلمين مظهرا من مظاهر الاحتفال بأعياد الأقباط كشراء ما يسمى بشجرة الكريسماس أو تبادل التهنئة فهو آثم. كما أفتى الشيخ سامح عبد الحميد، عضو الدعوة السلفية، إنه لا يجوز تهنئة الأقباط بالأعياد المرتبطة بالدين، لافتا إلى أن الدين الإسلامى يمنعنا من تهنئة الأقباط فى أعيادهم، ولكن يجوز فى المناسبات المرتبطة بالأفراح. وقال عبد الحميد، إن شراء ملابس بابا نويل فى الكريسماس حرام شرعا، مدعيا أن الاشتراك في الكريسماس بأى شكل يعد من الحرمانيات، فلا يجوز تقديم الهدايا وتبادل التهاني أو شراء دُمية بابا نويل، أو شجرة عيد الميلاد وإظهار الفرح والسرور من خلال الألعاب النارية أو الخروج للمنتزهات في ذلك اليوم، أو تزيين المنازل وإنارتها بالألوان، وشراء الحلوى للأطفال. ولم يقتصر الأمر على الدعاة السلفين فقط بل انضم إليهم الداعية الإسلامى محمد العريفى، أستاذ العقيدة بجامعة الملك سعود، فقط أطلق عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى تويتر" موجها فتواه إلى المغتربين بالدول الأوربية. وطالب العريفى، خلال فتواه بعدم جواز تقبل الهدايا ولا إهدائها، كما منع امتلاك أو صنع شجرة عيد الميلاد، مؤكدا أنه رمز دينى مثل الصليب. وأضاف العريفى، أنه يجوز قبول هدية الكافر فى عيده غير الدينى وتقبل هديته سائر الأوقات تأليفا لقلبه ويجوز الإهداء له أيضا فى غير عيده، فيجوز تهنئتهم بالمناسبات السعيدة، لكن المناسبات الدينية تحرم التهنئة. وتابع العريفى، أن "بابا نويل"، معناها الإله أبونا، شخصية مسيحية، ترمز للقسيس "نيكولا" يساعد الناس، وله قصص، فيُقدسونه تعظيما للمسيحية، وشجرة الكريسماس، رمز دينى كرمزية الصليب، لها قصة بعقيدتهم، ولا يجوز تعظيمها وصنعها. وتعليقا على هذه الفتاوى المثيرة للجدل، نشرت دار الإفتاء المصرية، ردا على هؤلاء المتشددين، عبر صفحتها الرسمية، تؤكد فيه أن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح يعد أمرا مشروعا لا حرمة فيه، كما أن فيه تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم القائل في حقه "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ". وقالت الإفتاء، إن المسلمين يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نِعم الله تعالى على البشر. وأشارت الدار أنه بناء على ذلك فالاحتفال والاحتفاء بهم، من أنواع القرب التي يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه. أما عن تهنئة الأقباط بأعيادهم، فأوضحت الإفتاء، إنه لا مانع شرعًا من ذلك، وليس فيه خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة". وأشارت دار الإفتاء إلى أن "النبي صلى الله عليه وسلم، قَبِل الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها، فقد قال تعالى ((وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا))، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية". وواصلت قائلة: "أما دعوى التشبه والموافقة على شعائر غير المسلمين فالمنهي عنه شرعًا التشبه والموافقة في الأفعال والاعتقادات التي نهى الإسلام عنها أو خالفت شيئًا من ثوابته".