العراق سيقسّم ويتغير. هذا المعنى نقلته، أول من أمس، صحيفة تركية، على لسان نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي. وهو قال إن «شيئاً لن يبقى كما هو في العراق، والتوازن الذي أقامه الأميركيون انهار بعد انسحابهم». وزاد: «العراق يحتاج الى عملية جراحية ولا يمكن أن يستمر مع رئيس الحكومة الحالي. وإذا لم يتم ذلك فإن السنّة يريدون إقليمهم المستقل وهو حق دستوري لهم». رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دفع السنّة الى التصرف على طريقة الأقليات، وإن شئت، تعامل معهم منذ اليوم الأول على أنهم اقلية جاء وقت قمعها. استهدف رموزهم، وخيّرهم بين الإذعان وقبول السيادة الإيرانية على بلدهم، أو السعي الى الانفصال. وإصراره على اعتقال الهاشمي بهذا الاستكبار، كان استفزازاً يعدّ سابقة، وهو بمثابة اعلان حرب على الأمة. طارق الهاشمي أشار في حواره الى ان إيران تقف خلف قرار اعتقاله، وتريد «أن تعوّض في العراق ما قد تخسره في سورية». ورأى ان هذا العبث في العراق سيأتي على حساب السنّة. والخطورة هنا أن الأزمة العراقية الحالية أصبحت على تماس مع الأزمة السورية، وكلما اشتد الضغط على سورية زاد العراق اشتعالاً وتوتراً. ما يحصل في العراق اليوم يذكّر بالتهديدات التي اطلقها النظام السوري بإشعال المنطقة، بعد اندلاع ثورة الشعب السوري، وهي تهديدات قوبلت باستخفاف في وقتها. بعض وسائل الإعلام تعامل معها باعتبار ان دمشق أقل قدرة على تنفيذ تهديد بهذا المستوى. لكن من يتأمل ما يشهده العراق اليوم ربما يعاود النظر. واضح ان هناك توجهاً لفتح الحدود السياسية والجغرافية بين عاصمة الأمويين، وعاصمة العباسيين، وخلط أوراق أزمتي البلدين، وإعطائهما طابعاً مذهبياً مفزعاً. الإشعال الذي جرى الحديث عنه هو تأزيم الوضع العراقي بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات في المدن السورية. واذا اشتعلت الساحتان السورية والعراقية في آن، فإن وصفة إشعال المنطقة لا تبدو مبالغاً فيها، فضلاً عن ان تركيا ستكون ضمن هذا الصراع. يبدو ان إشعال المنطقة أمر ممكن إذا استمر نظام المالكي.