منذ أن تولى سعد عبد الرحمن رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة في مارس الماضي، وقد أعلن عن وجود مشروع جديد لتطوير سلاسل النشر بالهيئة، وبناء على ذلك قام بتنحية جميع رؤساء تحرير السلاسل القدامى، وقد طال الوقت للإعلان عن هذا المشروع، ومنذ أيام قليلة تمخض الجبل ليسفر عن أسماء رؤساء تحرير السلاسل الجدد فحسب، وليس عن المشروع الجديد المزعوم. ورغم الاكتفاء بأسماء رؤساء وهيئات تحرير السلاسل، فإن الأمر لم يخلُ من أخطاء فادحة رصدنا منها عشرة أخطاء، تدل أولا وقبل كل شيء على العشوائية التي تعتمدها قيادات قصور الثقافة في إدارة كيان في مثل حجم هذه الهيئة وعدم وجود خطة حقيقية، وإنما يتلخص الأمر في نية المسئولين بعمل تغييرات شكلية، اللهم بعض الإجراءات أو الاختيارات التي جاءت مناسبة. تمثل الخطأ الأول، بجانب الزمن المستغرق في إعداد قائمة بهيئات تحرير سلاسل الهيئة، كثرة عدد السلاسل وزيادة تكاليفها على ميزانية الهيئة، وهي هيئة غير معنية بالنشر في المقام، فضلا عن افتقاد هيئات تحرير عديدة لخطة نشر حقيقية؛ وإنما جاءت بعض الاختيارات على علاقات شخصية، ومجاملات من رئيس الهيئة لبعض أصدقائه والمقربين منه. ثانيا: لم يذكر المؤتمر الصحفي أي معلومات عن تعاملات الهيئة مع المطبعة التي كانت يتعامل معها، وهل سيتم تغييرها، نظرًا لسوء جودة مطبوعاتها، وهو ما مثل إهدارا للمال للعام؛ والكل يعلم ما يتردد بشأن فرض هذه المطبعة من جهات سيادية على الهيئة، والغريب أنني كنت قد ألمحت لرئيس الهيئة عن كيفية تغيير المطبعة أو تعديل الاتفاق معها، وحين ذكرت اسمها قال، وكأنه من خارج الهيئة، "لا داع لذكر الاسم"، مع العلم أنه أشار إلى وجود بعض المخالفات التي تقوم بها هذه المطبعة. ثالثا: الإعلان عن تكليف الباحث والروائي عمار علي حسن برئاسة تحرير سلسلة "مستقبل مصر" دون إخطاره أو على الأقل الاتفاق بشكل نهائي معه، مما ترتب عنه اعتذار عمار علي عن التكليف برمته. رابعا: تم تكليف الباحث عبد العزيز جمال الدين بسلسلة "ذاكرة الكتابة" دون الاتفاق معه، وحد تصريح جمال الدين فإنه كان على علم بالترشيح لكن القرار النهائي لم يعرفه إلا بعد المؤتمر الصحفي. خامسا: أُعلن عن تكليف الدكتور حسين نصار برئاسة سلسلة "الذخائر" دون علمه، ودون الاتفاق معه على الشكل الجديد للسلسلة، وحد رواية د.نصار، والتي صرح بها لأخبار الأدب، فإن سعد عبد الرحمن ومحمد أبو المجد وكيل الوزارة للشئون الثقافية قد زاراه منذ فترة وعرضا عليه الأمر، وقد وافق طالما أن المنصب سيحتاج قوته الذهنية وليس قوته البدنية، حيث لا يتمكن من الحركة كثيرا، ولكن بعد هذا اللقاء المبدئي لم يحدث أي اتصال آخر مع مسئولي الهيئة من أجل وضع النقاط على الحروف، على حد تعبير نصار الذي تابع قائلا: "لا أعرف حتى الآن ماذا يريد المسئولون صنعه بالسلسلة فهذا الاتفاق مهم بالنسبة لي كي أتمكن من بدء العمل". سادسا: عدم وجود امرأة واحدة ضمن رؤساء تحرير السلاسل، وقد تنبه إلى ذلك الشاعر والناشط الثقافي شعبان يوسف قائلا: "لكن لي ملحوظة أهمس بها في أذن السادة المسئولين، تتعلق بعدم وجود امرأة واحدة تتولى رئاسة تحرير أي "حاجة" لماذا؟ هل حكمنا على هذا الجنس بالإعدام بينما نتشدق ليلا ونهارا بحرية المرأة وحقوقها ونحن نرى أن هناك أديبات وكاتبات ومثقفات على درجة عالية من الكفاءة والوعي والمسئولية لكن الإدارة السياسية والثقافية تعمل بإصرار على إبعادهن !!". يضاف إلى ذلك، على كثرة عدد السلاسل، والذي بلغ واحدا وعشرين سلسلة، عدم وجود سلسلة تُعنى بنشر الكتابات الفكرية الخاصة بالمرأة وقضاياها، في ظل الهجمة الشرسة من التيارات الدينية والانغلاقية على المرأة، ونشر ثقافة متخلفة تطالب بإقصاء المرأة والنظر إليها كمجرد جسد يجب تغطيته لا غير، على الرغم من وجود إدارة عامة لثقافة المرأة ضمن إدارات الهيئة. سابعا: قامت الهيئة باختيار الروائي حمدي أبو جليل كمدير تحرير سلسلة "عبقرية المكان" دون إخطاره أو حتى التفاوض معه، أما الخطأ الثامن فيتمثل في تحويل فكرة السلسلة، والتي اقترحها أبو جليل نفسه إلى "سبوبة" حد قوله؛ حيث قال إن المقترح الذي قدمه لا يحتاج إلى رئيس تحرير بقدر احتياجه إلى لجنة من المثقفين تعمل على تحقيق أهداف السلسلة. تاسعا: عدم استقرار الهيئة وقياداتها على مسميات بعض السلاسل الجديدة، بجانب عدم وضوح خطط النشر وقواعده، والخطوط والأهداف الرئيسية التي ستعمل من خلالها هيئات التحرير الجديدة. أما الخطأ العاشر: فهو نتيجة لكل الأخطاء السابقة، فإعلان الهيئة عن كامل طواقم تحرير السلاسل دون الاتفاق مع رؤساء التحرير، يعني حرمان هؤلاء الرؤساء من حقهم في اختيار الفرق المعاونة من مدراء التحرير أو طواقم السكرتارية، كذلك الفرق الاستشارية ولجان القراءة، ومسئولي المتابعة، وليس أمام رؤساء التحرير سوى التعامل مع هيئات اختارتها الهيئة وفق مخطط، ومعايير لا يعرف بها سوى قيادات قصور الثقافة.