استمرار لمسلسل الفوضى وعدم الانضباط فى الأسواق، وغياب الرقابة أصابت لعنة القيمة المضافة أسواق السلع المنزلية وامتنع عدد كبير من التجار وأصحاب المحلات البيع طمعاً فى تحقيق المزيد من المكاسب بعد تعطيش السوق. هذه الحقيقة أكدتها جولة «الوفد» على بعض المحلات، واستماعها إلى شكاوى عديدة من المواطنين، وقال مكى الشريف: إنه ذهب إلى أحد المعارض التجارية الكبرى، لشراء ثلاجة، ففوجئ بأن البائع يقول له إن الثلاجات المعروضة ليست للبيع، لأن الشركة قامت بوقف الاستيراد منذ شهر، لحين تطبيق الأسعار الجديدة، بعد تطبيق قانون القيمة المضافة. ولكن نفى الحج كرم شوقى، صاحب إحدى محلات الأجهزة الكهربائية الكبرى، ما يتردد حول امتناع أصحاب محلات استيراد وبيع الأجهزة الكهربائية عن البيع للمواطنين، موضحاً أن هذا الكلام عار تماماً من الصحة، متسائلاً: «هننزل من بيوتنا ليه ونفتح محلاتنا ليه طالما احنا مش عاوزين نبيع، كنا أخدنا أجازة أفضل وروحنا نتفسح» وذلك بحسب قوله. ولكن شوقى كشف عن سبب آخر للامتناع وللزيادة فى الأسعار قائلا: الأجهزة الكهربائية تشهد كل صباح سعراً جديداً، وذلك قبل تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، مرجعاً ذلك إلى عدم توافر العملة الصعبة فى البلاد، مطالباً الحكومة بالعمل على تثبيت سعر العملة الصعبة فى البلاد، مؤكداً أن عدم وجود سعر محدد للعملة الصعبة هو السبب الرئيسى لتفاقم المشكلة يوماً بعد يوم. وأوضح أنه ألغى نظام حجز الأجهزة الكهربائية، سواء تليفزيون أو ثلاجة أو ما شابه ذلك، لأى مشترى، بسبب تغير الأسعار يومياً، مؤكداً أنه كان فى السابق يأخذ مقدم حجز من جميع زبائنه لتلبية احتياجاتهم من الأجهزة الكهربائية، كما أكد أن أي تاجر يريد أن يبيع جميع البضائع المتواجدة داخل محلاته، بسرعة لدوران عملية الشراء والبيع فى تجارته، مؤكداً أن التاجر إذا قام برفع سعر سلعته فسوف يتجه المستهلك إلى تاجر آخر. وقال أشرف العزم، صاحب محل للأجهزة الكهربائية، بعض المستوردين الكبار قاموا بوقف البيع للمحلات المنتشرة بالمحافظات، مشيراً إلى وجود عجز فى الكميات المطروحة من الثلاجات، وأشار إلى أن المستوردين يرغبون فى رفع الأسعار، وأن الأسعار الجديدة، زادت بنسبة 50%، وأنه على سبيل المثال ارتفع سعر الثلاجة 12 قدماً من 1500 جنيه إلى 3200 جنيه، وأن الكبار فقط هم من يسعون لرفع الأسعار، وأكد أن رفع الأسعار ليس فى مصلحة الموزعين، لأنه يجعل الطلب أقل عن السابق، وأشار إلى أن بعض الأجهزة اختفت تماماً، من مخازن المستوردين وكبار الموزعين. وقال محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، إن الامتناع عن بيع الأجهزة المنزلية من قبل بعض المحلات التجارية يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، مشيراً إلى أن ضعف الرقابة من قبل مباحث التموين، أتاحت لضعاف النفوس الامتناع عن بيع تلك الأجهزة، حتى يتم تعيطش السوق لحين تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، ثم البيع بأسعار أكبر مما أقرها قانون الضريبة، مثلما فعل البعض فى أزمة كروت الشحن، ووجدنا من قام بمضاعفة الأسعار أكثر من 50%، مطالبا المواطنين بتقديم البلاغات الفورية فى مثل هذه الحالات لمباحث التموين والقبض عليهم حتى يتم ردعهم عما يقومون به. وأكد العسقلانى أنه كان يجب صدور تشريع قانونى يجرم مثل هذه التصرفات التى يقوم بها التجار، قبل صدور قانون ضريبة القيمة المضافة، مشيراً إلى أن بعض التجار يحتالون على أنفسهم، ويستغلون المواطنين، مؤكدا أنه كان من الأكثر استفادة للتجار أن يقومون بتكثيف بيع الأجهزة الكهربائية، قبل تطبيق القانون، خاصة أن التجار لم يستفيدوا بشىء من تطبيق الضريبة، بل يقومون بجمعها لصالح المنتج والحكومة على سبيل الأمانة عندهم. وطالب العسقلانى بتغليظ العقوبة فى التعاملات الاقتصادية، خاصة فى الوقت الحالى، مضيفاً أنه بغير ذلك سوف يستمر مسلسل الفوضى وعدم انضباط الأسعار فى الأسواق، معللاً ذلك بقول «من أمن العقوبة أساء الأدب» موضحاً أنه كان يجب على المشرع الجنائى أن يتروى حالتين من التشريع، أولاً ضمان الردع العام، والردع الخاص، والردع العام هو رؤية المجتمع للمخطئ الذى ارتكب جريمة فعوقب عليها، فتكون رادعا للآخرين فى عدم ارتكاب مثلها، والردع الخاص يتمثل فى عدم عودة الشخص الذى ارتكب الجريمة. ونفى أيضا المهندس بهجت الداهش، عضو شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات، ما يتردد حول انتظار التجار لحين تطبيق القانون لاستغلالها، أو أن يكون بعض التجار أوقف الاستيراد أو أوقف البيع لحين تطبيق قانون الضريبة المضافة، موضحا أنه لا يوجد تاجر يريد أن تكون بضاعته متراكمة أمامه وهو يتفرج عليها، ولا يقوم بسداد التزاماته، موضحاً أن جميع التجار لديهم تفهم جيد بالضريبة الجديدة وأن الضريبة المضافة ب13% فالضريبة الحالية سوف تزيد 3% وسوف يوردها التجار للدولة، مؤكداً عدم صحة تلك المعلومات، مشيراً إلى أن هناك انخفاضاً فى حركة البيع والشراء فى الوقت الراهن لأسباب أرجعها إلى دخول موسم المدارس وعيد الأضحى من قبل. وأكد أن جميع التجار فى الأسواق لديهم التزامات من دفع مرتبات وفواتير كهرباء وإيجار وضرائب ولا تستطيع وقف أرزاقهم ليوم واحد، كما أن هناك الكثير من التجار الذين كبلتهم الديون بسبب ارتفاع أسعار العملات الأجنبية فى البلاد. وأوضح عضو شعبة الأجهزة الكهربائية، أن أزمة الدولار تسببت فى خسائر ضخمة جداً لبعض التجار، وأن هناك بعضهم يصرف على تلك المحلات من جيوبهم لعدم تحقيقها أي أرباح. وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية التى تقابل التجار اليوم ليست تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، ولكن المشكلة الحقيقية هى عدم توافر سعر الدولار، وتثبيت سعر الصرف فى البلاد، مضيفاً أن الحكومة لا تستطيع أن تعترف بذلك، ولذلك ترمى بالمشكلة على التجار بقولهم إن هناك تجاراً شرفاء وهناك آخرون مستغلون. وأوضح أن الأسعار فى زيادة مستمرة نتيجة بعض السياسات، فرغم الإجراءات التى تم فرضها على الاستيراد للحد من استنزاف العملة يظل سعر الدولار مرتفعاً، مشيراً إلى أن منتجات الأدوات المنزلية والكهربائية يتم استيراد 80% منها من خارج مصر، فسعرها لا يتحمل أى زيادات لأنه متأثر بالفعل بسعر الدولار فى السوق الموازى. ومن جانبه أكد اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك ل"الوفد"، بأن الجهاز مستعد للتحقيق فى أية شكاوى بهذا الشأن، عبر الأرقام الخاصة بالشكاوى، وعبر الواتس آب، وأضاف أن الجهاز يواصل جهوده لحماية المستهلك المصرى، ويرحب بتلقى شكاوى المواطنين على مدار 24 ساعة.