كعادتنا نحن المصريون نحسن استغلال كل شىء.. وهكذا كان الحال في انتخابات مجلس الشعب، فأمام إحدى اللجان الانتخابية بمدينة الشيخ زايد التابعة لمحافظة الجيزة تجمع الباعة الجائلون على طول الطابور ليبيعوا المنتجات البسيطة للواقفين من الرجال والسيدات والأطفال، كما قامت شركة كبرى لانتاج العصائر بتوزيع منتجاتها مجانا على الوافدين على لجان الاقتراع..! "عم جودة".. كان يحمل شنطة مليئة بالمناديل الورقية، ويحاول أن يبيعها للواقفات المنتظرات دورهن في دخول اللجنة والانتهاء من عملية التصويت، كان البعض يتعاطف معه ويعطيه "اللي فيه النصيب" دون أن يشتري منه شيئا، ربما لأن مظهر عم جودة يوحي بالفقر الشديد، ويوحي أيضا بالعجز وضعف الحال.. فهو قد تجاوز السبعين من عمره، وبالرغم من ذلك مازال واقفا في الشارع يحاول كسب قوت يومه بتلك الطريقة التي هي أقرب إلى التسول من كسب الرزق. سألته: أين أولادك ياعم جودة؟ رد قائلا: لم يرزقني الله بأولاد وأعيش أنا وزوجتي بما يأتينا من هذه المناديل الورقية. واستطرد قائلا: نحن أصلا من محافظة أخرى ولكننا أتينا هنا كي نكسب قوت يومنا. دعاية وإعلان من جهة أخرى تفننت إحدى المصانع الكبرى الخاصة بإنتاج العصائر والألبان المعلبة في لفت انتباه جميع الواقفين في الشارع.. حيث قام مندوبوها بتوزيع العصائر وجميع المنتجات الخاصة بها مجانا على جميع الوقفين في الطابور خصوصا الأطفال. "طارق" 21 سنة ،طالب بكلية التجارة الخارجية جامعة القاهرة، كان يرتدي "يونيفورم" الشركة ويقوم بتجميع الأطفال حوله ليوزع عليهم تلك المنتجات، وعندما تنتهي ويحزن بعض الأطفال لأنهم لم يأخذوا نصيبهم بعد، كان يطمئنهم ويقول لهم سأعود حالا بعصائر أخرى لا تقلقوا. اقتربت منه وسألته: لماذا تقوم شركتك بتوزيع العصائر مجانا؟ رد قائلا: نحن نوزع تلك العصائر كي نساند المصريين الواقفين في تلك الطوابير الطويلة لكي يشاركوا في العملية السياسية من أجل أن تقف مصر على رجلها مرة أخرى، نحن نقول لهم بهذه الطريقة: شكرا.. ثم أضاف على استحياء: ومن أجل الدعاية أيضا، فانا أعمل بشركة دعاية. أما إسراء فهي فتاة جميلة كانت تبتسم هنا وهناك وهي تحمل تلك الحقيبة لتقوم بنفس مهمة طارق الخاصة بتوزيع العصائر. سألتها: هل هذا عملك أم أنك تدرسين؟.. فأجابت قائلة: أنا أعمل في إحدى شركات الدعاية بجوار دراستي بالجامعة لأنني بحاجة ماسة إلى الإمكانيات المادية التي تؤهلني لإكمال دراستي.. هكذا هو الشعب المصري.. الذي عرفه أحدهم على موقع الفيس بوك قائلا: "المصري هو كائن محبوب دوليا، مظلوم محليا، معتدل وسطيا، ذكي فهلويا، فقير ماديا، مدمر عاطفيا، تعبان يوميا، و معهوش فلوس نهائيا..... والعجيب إنه مازال حيا!!