لم أتخيل لحظة فى حياتى أنه سوف يأتى يوم من الأيام وأقف بقاعة محكمة الأحوال الشخصية أمام أشقائى، «نعم» للأسف فهم يقاضوننى لطردى من الشقة السكنية الخاصة بوالدى، لأنى رفضت الخروج منها بعد أن تدهور بى الزمن ولم أجد ملجأ غيرها لى أنا وطفلى، حاول أشقائى كثيرًا طردى على الرغم من أنهم ميسورو الحال ويملكون شققًا سكنية، استغلوا حبي وحناني عليهم وأننى تنازلت عن حقى فى الشقة من أجلهم. بكت «حنان» البالغة من العمر 45 سنة وقالت وهى ترتجف بشدة: سيدى القاضى سامحنى فأنا أول مرة أدخل فيها محكمة حتى فى أصعب أوقات حياتى وتعرضى للظلم من زوجى رفضت أن أدخل المحكمة وأقاضيه من أجل سمعة أطفالى، أنا مطلقة منذ 3 سنوات وأعول طفلين، منذ أن فتحت عينى وأنا أرى أشقائى جزءاً منى أخشى عليهم من الهواء الطائر وأحبهم بجنون وكأنهم أبنائى فهم شقيقان وبنت وكانت أحوالنا المادية متوسطة ورغم ذلك كافحت والدتى من أجلنا بعد وفاة والدى الذى كتب لى أنا وشقيقتى الشقة بأسمائنا خوفاً من غدر الزمن، كانت هذه الشقة هى الشىء الوحيد الذى حصلنا عليه من ميراث والدى لأن كل أمواله حصل عليها أقاربه ولم نحصل على شىء وظللنا نكافح مع والدتى ورفضت أن ندخل أى محاكم ضد أسرة والدى، وأكدت أننا بكفاحنا سوف نحصل على كل شىء، بالفعل تخرجنا جميعاً وحصلنا على شهادات جامعية وسافر أشقائى الثلاثة للعمل بالخارج وتزوجوا وأنجبوا الأطفال، وظللت أنا هنا أرعى والدتى حتى بعد أن تزوجت وافق زوجى على العيش معى فى شقة والدتى لمراعاتها خوفاً عليها من أن نتركها وحيدة لأنها كانت تعانى من أمراض الشيخوخة، لم أبالغ يا سيادة القاضى عندما أقول إننى كنت أتحمل كل شىء من علاج والدتى ورعايتها والإنفاق على المنزل ولم أطلب يوما من أشقائي مساعدتى فى الإنفاق على المنزل، بل كنت أرفض إنفاق أموالهم على أنا وزوجى وأطفالى، ولم أستغلهم أبداً فى أى شىء وعندما أعلم بحضورهم كنت أجهز لهم الطعام حتى لا أكلفهم أى شىء وأغادر الشقة وأعود إلى منزل الزوجية الخاص بى حتى لا يتهمنى أحدهم بأنى أحتل الشقة وعقب سفرهم أعود أنا وأبنائى مرة أخرى لرعاية والدتى، كل هذه التضحيات كانت على حساب صحتى وكانت تمثل ضغطا عصبيا على زوجى ووالدتى وأبنائى، ولخوفى الشديد من أن يظن أشقائى أننى أستغل كون نصف الشقة باسمى وحفاظاً على حقهم قررت أن أكتب تنازلاً عن حقى فى الشقة واعتقدت أنه لن يحدث شىء وأن زوجى لن يعترض، ولكن للأسف لم أعلم أن لعنة الزمن وغدر الأيام تنتظرنى، فقد وقعت بينى وبين زوجى الكثير من المشاكل واكتشفت أنه يخوننى وعندما واجهته كانت حجته «أنتِ مش فاضية لى كان لازم أبحث عن بديل» واتهمنى بأننى أقضى نصف وقتى فى العمل والنصف الآخر لمراعاة والدتى وأطفالى وأنى أتجاهله، وعلى الرغم من أننى كنت أرعاه وأعمل لكى أخفف عنه حمل المصاريف حتى لا يشعر أنه عبء على والدتى وحتى لا تكون أيضا والدتى عبئا عليه، ونتيجة لذلك كان راتبى كله ينفق على احتياجات المنزل، رفضت أن أكمل حياتى مع زوجى الخائن وقررت الانفصال، وطالبته بترك أطفالى لى مقابل التنازل عن كل حقوقى وعن شقة الزوجية، ولم أحصل منه على شىء وعدت أبدأ من الصفر، وبالفعل كان الأمر صعباً على جداً، ولكننى حاولت أن أخفى الحزن عن والدتى حتى لا تشعر أنها سبب شىء خوفا على صحتها، وانحصرت حياتى كلها فى العمل للإنفاق على أطفالى ووالدتى ورفضت مساعدة أحد حتى لا يتهمنى أحد بأنى أستغل أشقائى لأنهم ميسورو الحال ولديهم حسابات بالبنوك وأنا لا أملك غير قوت يومى، حتى والدتى رفضت أن آخذ شيئاً من معاشها وكنت أتركه لها حتى استطاعت أن تشترى قطعة أرض وكانت تعد بناءها لشقيقى وتناستنى تماماً، ورغم ذلك لم أطالبها بشىء فكنت أتكفل بكل المصاريف بمساعدة الله وحده، وظل الحال هكذا إلى أن فارقت والدتى الحياة والحمد لله كانت راضية عنى، وبعدها بعدة شهور فوجئت بأشقائى يطالبوننى بالبحث عن شقة لأنهم يريدون بيع الشقة وتوزيع ثمنها، وعندما رفضت كانت الصدمة الكبرى لى بموقف أشقائي ضدى واتهمونى بأنى ليس لدى أى حق لأننى تنازلت عن حقى بالشقة ولا أملك قرار الموافقة أو الرفض، وأعطونى مهلة لإخلاء الشقة أنا وأطفالى، ولكننى صممت على رفضى الإخلاء، ففوجئت بإعلان المحكمة بمقاضاتى واتهامى بالاستيلاء على ميراث والدتى والشقة، على الرغم من أن الجميع يعلم تماماً أنى الوحيدة التى لم تحصل على مليم من معاش وأموال والدتى وأنه عقب وفاتها سلمت لهم كل شىء من مصوغاتها وأموالها، ولكن للأسف كانت مكافأتى على مراعاة والدتى وأنى لم أطالبهم بمشاركتى فى الإنفاق على والدتى وعلى أبنائهم وقت عملهم بالخارج هى الطرد ومقاضاتى!! سيدى القاضى أنا لا أملك بديلاً عن هذه الشقة ولو تم طردى فسوف أعيش أنا وطفلى فى الشارع لأن راتبى الهزيل لا يمكننى من الحصول على شقة إيجار، إننى أعلم تماما أن القانون لا يحمى المغفلين، فهل تعد الطيبة والتضحية غباء فى هذا الزمن؟