علي الرغم من «الكرسي في الكلوب» الذي أعلنته الإعلامية العزيزة «هالة سرحان» في برنامجها «ناس بوك» فإننا يجب أن نقر أن انتخابات المرحلة الأولي - التي تنتهي اليوم 5/11 - قد حملت بعض الإيجابيات، أذكر منها:1- بلغت نسبة من شاركوا بأصواتهم 62٪ وفق الإعلان الرسمي أو .. 48- 50٪ وفق إعلان بعض الجهات والحسابات الأخري..!! وبصرف النظر عن هذا التفاوت فإن هذه النسبة تمثل رقما قياسيا بالنسبة للانتخابات في مصر.. التي لم تتعد نسبة 28.5٪ في العقود السابقة..!! وهذه النسبة المستجدة تعني أكثر من مجرد رقم.. فمعناها الحقيقي هو أن الناخب المصري بدأ يهتم بالأمور السياسية لبلده.. كما أنه بدأ يتفهم أن صوته له قيمة حقيقية في تنظيم مؤسسات الدولة..!! ظاهرة إيجابية.. بكل المعايير..!! 2- تولي الجيش والشرطة تأمين اللجان الانتخابية.. وخلت الشوارع من بلطجة الانتخابات.. وتمت العملية الانتخابية في هدوء...!! ولو أنه هدوء قد يثير العجب..!!.. فما دامت هذه القوات قادرة علي توفير الأمن والأمان.. فأين كانت..؟! .. ولماذا لا تستمر..؟! مصر في حاجة إلي نفس النوعية من الأداء الأمني.. علي الأقل لعدة شهور .. قادمة!! إلا إننا علي حد المثل.. «فرحة ما تمت».. ولا أقصد بهذا أن الانتخابات قد واكبها «تزوير» من النوع الذي شهدته تقريبا كل الانتخابات السابقة علي مدي عدة عقود..!! .. استغفر الله.. فأنا أنفي صفة «التزوير».. تماما...!! ولكن لدي بعض تساؤلات حول: 1- الإعداد للانتخابات.. وكان هناك وقت كاف لمراجعة إمكانيات اللجان.. والصناديق.. وكشوف الناخبين.. بما في ذلك الأسماء.. والأرقام...!! 2- العمل في اللجان الانتخابية.. إذ شهدنا اختلاط «الحابل.. بالنابل»..!! زحام - ليس من مجرد الناخبين.. ولكن من ممثلي المرشحين..!! وافتقدنا «سرية الانتخابات»..!! إني - بحق - أتعاطف مع القضاة الذين تولوا أمر هذه اللجان.. وأتساءل.. ماذا كان يمكنهم أن يفعلوا.. في مواجهة الطوفان الذي رأيناه..!! 3- عملية فرز الأصوات.. وأنا هنا لا اتهم.. ولكني مجرد أتساءل.. كيف تسربت إلي الشارع بطاقات الناخبين.. وكيف حدث أكثر من تردد في إعلان نتيجة عدد كبير من اللجان..؟!.. ثم كيف أبطلت صناديق بأكملها.. وكيف اختفت صناديق أخري.. وكيف كسرت صناديق..؟! وكيف.. وكيف..؟!! 4- ومع كل احترامي وتقديري وحبي للجنة العليا لإدارة الانتخابات.. فإنه لدي العديد من التساؤلات حول إدائها: أين كانت اللجنة من أعمال الدعاية الانتخابية.. ذات الصبغة الدينية من ناحية.. والتي استمرت أيام الانتخابات من ناحية أخري..؟! وأين القرارات الحاسمة التي كان يجب اتخاذها بشأن الشكاوي التي تقدم بها بعض المرشحين وبعض الناخبين؟! وأين الشفافية المطلوبة في الإعلان عن الأصوات الصحيحة.. والأصوات الملغاة.. ؟! وأين القرارات الواجبة بشأن «الورقة الدوارة» وبشأن حاملي مجموعة من الأرقام القومية للناخبين..؟!! كان الله في عون.. محكمة النقض..!! كل هذه التساؤلات.. تثير في النفوس الكثير من الشجون.. وهي شجون تعتري الكثير من المجالات التي تشغل بال الكثيرين: 1- فمثلا.. هل تسرعنا في إجراء الانتخابات البرلمانية؟.. وهل كان من الأنسب البدء بوضع الدستور الذي يحدد مواصفات الدولة «المدنية» الحديثة القائمة علي أساس «الديمقراطية».. و«عدم التمييز».. و«تداول السلطة»..؟! 2- ومثلا.. في زحام الأحداث.. هل كان من المناسب - في ظل ظروفنا الراهنة - أن نري بعض الجماعات والأحزاب تعيد فلسفة ميكيافيللي إلي الساحة المصرية.. «الغاية تبرر الوسيلة»؟!! 3- ومثلا.. أين «شباب مصر» الذي فجر ثورة 25 يناير..؟!! ولماذا تفرقوا..؟! وأين أصحاب الخبرة من نصح هذا الشباب.. وتبصيره..؟!! يا شباب.. الدرس الأول الذي يجب ألا يغيب عن أذهانكم.. هو.. «الاتحاد .. قوة...»..!! 4- ومثلا.. استمعت إلي الدكتور أسامة الغزالي حرب في أحد برامج الفضائيات.. وأجدني أعاني من نفس نوعية الحزن.. علي حزب الوفد.. ذلك الحزب الذي قاد «الليبرالية» المصرية علي مدي سنوات طويلة.. ووقف حائط صد قويا ضد الاغتيالات والإرهاب والتخريب..!! وهنا أوجه قولي إلي كل من الدكتور السيد البدوي.. والابن العزيز نجيب ساويرس.. وفصائل شباب الثورة مع تعددها..: لا تتحالفوا إلا مع بعضكم.. ولا تثقوا إلا في بعضكم.. ولا تؤمنوا إلا بمصالح «مصر الغالية».. !! هل فهمتم.. وهل وعيتم..؟!.. ثم هل ستنفذون..؟! وأخيرا.. لدي تساؤلات لابد أن أختم بها مقالي هذا: 1- هل سيتمسك المجلس الأعلي للقوات المسلحة - رئيس الدولة - بترتيب الأحداث الذي ثبت خطأه والذي يثير الكثير من الشكوك حول مستقبل «مصر الألفية الثالثة»..؟!! 2- هل تم التحقق من الالتزام بحد «الانفاق» في الانتخابات.. أم أن الواقع قد تعدي هذا «الحد» بكثير..؟!! وإذا كان هذا «الانفاق» قد تعدي كل الحدود.. فمن أين..؟! وما العقوبة..؟!! 3- بعد قرن من الكفاح في سبيل تحرير مصر.. وتحرير المرأة المصرية.. بعد قرن من الكفاح شهد الإمام محمد عبده وقاسم أمين وهدي شعراوي وغيرهم.. وغيرهن.. هل قبلت المرأة المصرية العودة بنفسها إلي أنها ..«عورة».. وأن مكانها الوحيد هو «المنزل».. وأنها مواطن من «الدرجة الثالثة»..؟!! أقول هنا.. وسوف أردد دائما.. إن الله تعالي يحب مصر.. وستعود مصر رائدة وقوية ومثلا أعلي .. لن نتحول إلي أفغانستان.. أو الصومال.. أو إيران.. وإنما سنصبح مصر.. فقط لا غير..!! --------- دكتور فؤاد إسكندر