أكثر من 10ساعات عصيبة قضاها زميلنا الصحفى فى بوابة الوفد الشاب أسامة محمد مع والدته المريضة أمس بحثا عن سرير عناية مركزة لإنقاذ حياتها، البداية كانت فى الحادية عشرة صباحا فى استقبال مستشفى الهرم، حيث أكد التقرير المبدئى ضرورة حجزها فى قسم العناية المركزة ولكن للأسف كانت جميع الأسرة مشغولة والمطلوب نقل والدته إلى مستشفى آخر. رشح طبيب الطوارىء بمستشفى الهرم له مستشفى الشيخ زايد التخصصى، ومع تدهور الحالة اضطر الزميل إلى نقلها، وهناك كان الرد جاهز «لا يوجد سرير فاضى» وكان عليه أن يبدأ رحلة عذاب «كعب داير» للبحث عن مستشفى آخر. اتصل بى الزميل لمساعدته فى العثور على سرير باعتبارى مندوب الجريدة فى وزارة الصحة، وبالفعل حاولت الاتصال بالدكتور أيمن صلاح مدير المستشفى أكثر من مرة ولكن سيادته لا يرد على التليفون حتى لو كان الرد ثمنه إنقاذ حياة مريض من الموت. اتصلت بالدكتور سامح العشماوى أمين عام المراكز الطبية المتخصصة باعتباره المسئول الأول عن هذا القطاع الذى يضم الهرم والشيخ زايد ومعهد ناصر والزيتون والبنك الأهلى وعدد آخر من المستشفيات المتخصصة والحقيقة الرجل لم يقصر ورد على الفور رغم أنه كان فى طريق العودة من مطروح بعد زيارة تفقدية لعدد من المستشفيات هناك وظلت الاتصالات بيننا مستمرة نحو ساعتين من السادسة إلى الثامنة مساء فيما يشبه غرفة طوارىء للبحث عن سرير عناية فى أى مستشفى إلا أن المحاولات باءت بالفشل وفى نفس الوقت كان الدكتور هانى راشد مدير مستشفى الهرم يحاول تدبير سرير، والدكتور أيمن خلاف نائب مدير مستشفى الشيخ زايد التخصصى يجرى اتصالات مكثفة بمستشفيات أخرى متطوعا لمحاولة إنقاذ الحالة، وبالفعل أخبرنى بعد نحو ساعة بوجود سرير فى مستشفى هليوبوليس بمصر الجديدة، ومشكورا أعطانى رقم الدكتور أحمد إيهاب نائب الطوارئ هناك، ولكن سيادته رفض استقبال الحالة واشترط حضور ابن المريضة بنفسه بالتقرير الطبى من مستشفى الشيخ زايد إلى هليوبوليس بمصر الجديدة لعرضه أولا على متخصصين «لإبداء الرأى»، لأن سيادته لا يستطيع تحمل المسئولية، اقترحت عليه ارسال التقرير عبر «الواتساب» توفيرا للوقت، حيث ان المشوار فى هذا التوقيت لن يقل عن ساعة ونصف الساعة أو ساعتين، والمريضة فى حالة حرجة ولكنه تعنت وتمسك بموقفه.. وبالبلدى كدة دخلنا حارة سد. لم أفقد الأمل وفى محاولة اخيرة اتصلت بالدكتور أحمد محيى القاصد مساعد وزير الصحة للطب العلاجى، وكان يستعد لركوب الطائرة فى طريقه للأقصر فى مهمة عمل، أبلغته بما حدث فطلب إرسال تقرير طبى فورا بالحالة عبر «الواتس آب» وخلال دقائق كان قد كلف الدكتور أحمد خشبة القائم بعمل مدير مستشفى الشيخ زايد بالتوجه بنفسه إلى استقبال المستشفى حيث ترقد والدة زميلنا منذ ساعات تصارع الموت، وتم نقلها إلى العناية المركزة بعد تدبير سرير. هذه تفاصيل رحلة مريضة من آلاف المرضى الذين يحتاجون يوميا إلى أسرة عناية مركزة لإنقاذ حياتهم ولا يجدونها بسبب النقص الحاد فى هذه الخدمة حيث لا يزيد عدد أسرة العناية المركزة فى مصر كلها عن 7 آلاف سرير فقط ،بما في ذلك المستشفيات الخاصة والعسكرية والشرطة، فى حين أن عدد السكان تجاوز 90 مليونا، ولذلك ليس غريبا أن يتذوق المريض طعم الموت خلال رحلة العذاب بحثا عن سرير عناية مركزة. فى جريدة الوفد وحدها التى لا يتجاوز عدد العاملين فيها 500 شخص احتاج 3 زملاء لأسرة عناية مركزة لذويهم خلال شهر منهم الزميلة نادية مطاوع التى فشلت فى العثور على سرير لوالدتها واضطرت لادخالها مستشفى خاص على بعد امتار من الشيخ زايد التخصصى ودفعت 25 ألف جنيه خلال 3 أيام فقط، وزوج شقيقة الزميل محمد حسنين الذى فشل فى العثور على سرير فى مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحى بالدقى وكاد يفقد حياته فى استقبال المستشفى وسط حالة من الإهمال واللامبالاه لولا نقله إلى مستشفى خاص تكبد فيها آلاف الجنيهات رغم أن لديه بطاقة تأمين صحى! يحدث كل هذا فى مصر ولدينا وزير صحة يعيش فى كوكب تانى منعزل تماما عن آلام المرضى وعذابهم ،متفرغ لتصفية حساباته مع خصومه أو لعمل تربيطات وترضيات لمن يتصور انهم يساندونه للبقاء فى منصبه سواء من اعضاء مجلس النواب او مسئولين كبار او جهات اخرى يعرفها هو جيدا ،ولذلك اطالب الرئيس السيسى بتبنى ملف العناية المركزة بنفسه انقاذا لحياة لالاف المرضى الذين يموتون خلال رحلة البحث عن سرير،ولا يستطيعون تحمل نفقات المستشفيات الخاصة .