عندما يتحدث الزعيم فإن على الجميع أن يصمت ويتأمل.. فلدى الفنان الكبير عادل إمام دائماً ما يثير الدهشة، ويدعو إلى التأمل، ويستحق الإنصات لاستيعاب الرسائل العميقة. فى آخر أعماله «مأمون وشركاه» قدم إمام رسالة أبدية مفادها بأن الإنسان يمضى إلى التراب تاركاً خلفه المال والثروات ولا يطوى معه سوى السيرة الطيبة، فهو واحد من أهم الفنانين المصريين الذين ظهروا فى تاريخ السينما والمسرح والدراما على مدار مشواره الفنى الكبير قدم عشرات الأعمال التى ساهمت فى إثراء الساحة الفنية العربية وظل محتفظاً بمكانته باعتباره النجم الأهم والأفضل فى العالم العربى طوال ما يقرب من نصف قرن، أهم ما فى عادل إمام وتربته أنه جمع بين أمرين عجز الكثير من الفنانين على الجمع بينهما، الأول القيمة التى يقدمها، حيث تناول فى أعماله الكثير من القضايا الوطنية والاجتماعية.. والأمر الثانى أن أعماله حققت أعلى الإيرادات، كما أن مسلسلاته حققت أعلى نسب للمشاهدة وهو أمر لم يتكرر كثيراً فى عالم التمثيل، فغالباً ما تكون الإيرادات فى معظم الأفلام ومع أغلبية النجوم على حساب القيمة، لكن عند عادل إمام الأمر مختلف تماماً. وبالرغم من تعاقب أجيال كثيرة وتغير الأفكار والمناهج، إلا أنه ظل محتفظاً بالقمة والمرتبة الأولى، ولم يستطع أحد أن يأخذ مكانه أو حتى يرتقى إلى أن يوضع معه فى مقارنة. وهذا العام قدم لنا «الزعيم» حكاية ممتعة خلال شهر رمضان، استطاع من خلالها أن يستمر فى محافظته على القمة، ونال العمل إعجاب الجمهور بشكل كبير. ويرى عادل إمام أن ردود أفعال الجمهور القوية هى النجاح الحقيقى الذى يبحث عنه دائماً، وأكد أنه ما زال يعمل بمنهج «الجمهور هو ترمومتر النجاح الحقيقى». تحدث الزعيم عن مسلسل «مأمون وشركاه» وظهوره فى شخصية «الرجل البخيل»، ورؤيته للعمل وعلاقته بالشباب وهنا التفاصيل. فى البداية.. كيف ترى «مأمون وشركاه» بعد نهاية عرضه للجمهور؟ - تجربة جميلة وجيدة بالنسبة لى، وشعرت بسعادة أكثر بعد أن لمست حباً كبيراً للعمل فى قلوب الناس بعد مشاهدتهم له، وهذا من خلال ردود الأفعال التى استقبلتها سواء من أصدقائى داخل وخارج الوسط الفنى أو من الناس البسطاء، وأكثر ما أسعدنى هو أنهم جميعاً أكدوا لى أنهم كانوا يضحكون من قلوبهم أثناء مشاهدة المسلسل، بالإضافة إلى استيعابهم ضرورة عدم البخل الزائد والاهتمام براحة الأسرة أكثر من أى شىء آخر، لأن الإنسان فى النهاية يذهب إلى التراب دون أن يأخذ أى شىء معه سواء مال أو غيره، ولذلك حديثهم عن العمل بهذا الشكل هو أكثر شىء بشرنى بالنجاح وتتويج مجهود شاق ولفريق العمل بالكامل، لأن نجاح هذا العمل ليس ل«عادل إمام» فقط، ولكن لكل المشاركين فيه. وما «الصعاب» التى واجهتها فى شخصية «مأمون» البخيل الذى يحرم أسرته من ماله؟ - لم أجد صعاباً فى مضمون الشخصية، لأن تقمص أي شخصية ينبع من الإحساس بها ورسمها بداخلى قبل تنفيذها وتجسيدها أمام الكاميرا، وهذا ما أفعله دائماً فى أعمالى، ولذلك تخرج بمصداقية كبيرة للجمهور، وهذا أيضاً ينطبق على الكوميديا، فإذا لم أضحك أنا بداخلى لن يضحك الناس، وهذا نتاج خبرة سنوات طويلة من العمل. ما رسالة العمل التى أرادت توجيهها للجمهور من خلال «مأمون وشركاه»؟ - الرسالة هى الحياة، لابد أن نعيش حياتنا ونجعل كل ما نملك لأسرتنا، لأننا نعيش ونعمل وندخر الأموال من أجل أبنائنا وأحفادنا، لابد أن نؤمن حياتهم ونجعلهم يستمتعون بها، لأننا فى النهاية نفارقها ولا نأخذ معنا شيئاً، علاوة على فكرة إمكانية التعايش مع الأديان والجنسيات الأخرى فى أمان وسلام، وأعتقد أن كافة هذه القضايا التى ناقشها العمل وصلت للجمهور بالشكل المطلوب. كثير من النقاد قالوا إنك تركت مساحة كبيرة للشباب فى هذا العمل ما تعليقك؟ - أنا أرى أن هذا أمر طبيعى للغاية، لأنى كما ذكرت فإن العمل ليس عادل إمام فقط، ولكن كل من شارك فى المسلسل كان له دور أساسى وفعال، بالإضافة إلى أنني مؤمن بالشباب يتمتعون بفكر جديد لابد من إضفائه على المسلسل حتى يناسب الجميع، وفى النهاية كل منا أدى ما عليه ولذلك حققنا هذا النجاح الكبير. لكن النهاية كانت صادمة للمشاهدين.. لماذا تم اختيار هذه النهاية؟ - لأنها النهاية التى ترسخ حكاية العمل ورسالته.. رجل بهذا الطبع من المستحيل أن يتغير مع كبر سنه، لأنه قضى حياته كلها بهذا الشكل، والرسالة هى أن الإنسان مهما ادخر المال وحرم أسرته فإنه سيذهب فى النهاية ولا يأخذ معه شيئاً، ولذلك من الأفضل أن يكفل ويوفر لأسرته حياة كريمة ويدخر ما يحتاجه للزمن فقط. وماذا عن التعاون مع الكاتب يوسف معاطي؟ - يوسف معاطى صديق وشريك أساسى فى النجاحات التى قدمتها خلال السنوات الماضية، وفى كل عمل يبهرنى بحكاية جديدة ويعرف ما يناسبنى، ولذلك أنا سعيد بالتعاون معه وأتمنى أن نحقق مزيداً من النجاحات خلال السنوات القادمة، أما بخصوص استمرار التعاون معه فالمستقبل لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وهل نفس الشىء ينطبق على التعاون مع المخرج رامى إمام؟ - بالطبع، لأنى أعمل مع رامى كمخرج وليس كونه ابنى، فهو إذا رأى أن عملى يناسبه يوافق على العمل، ولكن إذا لم ير أن العمل يناسبه ويضيف إليه كمخرج محترف يذهب لعمل آخر، وهذا حدث العام الماضى فى مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» الذي أخرجه وائل إحسان، ولكننى كفنان أشعر بكيمياء ناجحة أثناء العمل مع يوسف معاطى ورامى إمام وبالفعل هم شركاء نجاح السنوات الماضية فى الدراما، لأننا نعرف بعض جيداً ونستطيع قراءة أفكارنا. لماذا لا نرى دراما عادل إمام خارج الموسم الرمضاني؟ - ضيق الوقت هو السبب الرئيس، فالصحة لم تعد تستوعب سوى عمل واحد طوال العام، «مأمون وشركاه» استغرق أكثر من 7 أشهر فى تصويره، ولكن من الجيد طبعاً أن تعرض الأعمال الدرامية الجديدة طوال العام، خاصة وأننا فى حاجة إلى العمل خلال الفترة الحالية، حتى يقوى الإنتاج وهو المحرك الأساسى لأى صناعة. بعيداً عن «مأمون وشركاه» كيف تقيم موسم دراما رمضان؟ لم أستطع مشاهدة كافة الأعمال المعروضة فى الموسم لانشغالى بتصوير المسلسل، ولكن شاهدت ردود أفعال جيدة، ودائماً ما يحقق موسم دراما رمضان ردود أفعال قوية ليس على مستوى مصر فقط ولكن العالم العربى، وهذا هو سر الريادة الفنية للدراما المصرية. - هل يفضل عادل إمام العرض الحصرى؟ هذه أمور تخص الإنتاج، وهو من حقه أن يبحث عما يحقق الربح له، ولكن بالطبع أريد أن تكون أعمالى متاحة بشكل كبير للجمهور، ولذلك دائماً يكون الاتفاق على الحصرى فى العرض الأول فقط. ظاهرة الاعلانات الكثيرة أثناء المسلسل تسبب مللاً كبيراً للمشاهد.. ما تعليقك؟ - هذه أيضاً أمور تخص الإنتاج، وبالفعل من المؤكد أن كثرة الإعلانات تصيب بالملل، ولكن هى ظواهر تعود عليها الجمهور فى موسم دراما رمضان وأصبحت لا تؤثر على نسبة المشاهدة.