صناعة السلال والمقاعد وأدوات الزينة من سعف النخيل من المهن التى اشتهرت بها البحرين قديما، وقد وجدت هذه المهنة نظرا لتميز المملكة بوفرة النخيل، ويهتم البعض بالمنتجات المصنوعة من سعف النخيل لكونها منتجات يدوية تتطلب موهبة ومهارة، حيث يقبل على شراء هذه المنتجات اليدوية عدد من المواطنين والزوار والسياح. وامتهن بعض أبناء البحرين قديما مهنة صناعة السلال، التى كانت تصنع من خوص النخيل، وتستخدم لأغراض عدة، منها حفظ متاع الإنسان، فضلاً عن مساعدته فى أداء عمله فى المهن الأخرى التى اشتغل بها البحرينى فى السابق بداية من صيد الأسماك وانتهاءً بنقل التراب والحجارة، ومرورًا ببناء البيوت وتسقيفها بسعفه. ومع العناية التى أولاها البحرينيون بالنخيل باعتباره مصدر رزق ومورد غذاء، وأصلًا من أصول رأسمالهم، كان من البديهى أن تنشأ حرف وصناعات تستفيد مما تنتجه «الأمهات» النخلات، التى اهتم بها العرب فى الماضى، ومنهم أهل البحرين، وأطلقوا عليها تسمية «العمات» لما لها من فوائد عديدة لا حدود لها، ووصفها أمير الشعراء بقوله: «ملك الرياض أمير الحقول عروس العرب.. طعام الفقير حلوى الغنى وزاد المسافر والمغترب». ويستطيع الماهر فى هذه المهنة، التى لم تقتصر على الرجال فحسب، وإن كانت بعض النسوة وربما الأطفال أيضا اشتغلوا بها لتلبية بعض احتياجاتهم الحياتية والمعيشية، يستطيع إنتاج أنواع عدة من الأشكال التى كان يحتاجها البحرينى فى أداء مهامه اليومية، المنزلية منها والعملية، ومنها «الحصير» الذى يهدف لتغطية الأرض والجلوس فوقها، و«القفة»، وهى أشبه بوعاء يتباين فى حجمه وأشكاله، ويتسع كلما ارتفع، واستخدم لحفظ الأطعمة والملابس وأدوات الخياطة وغيرها، و«المهفة» تلك المروحة البسيطة التى يحرك بها البحرينى القديم الهواء بغرض تلطيف الجو، و«السرود» أو السفرة التى يمكن تشبيهها بمفارش وأوراق تقديم الطعام الآن. ويجد المشتغل فى صناعة السلال مشقة كبيرة قبل خروج منتجه للنور، إذ بالإضافة إلى عملية جمع الألياف والسعف المطلوب لعملية التصنيع، التى يقوم بها مختصون ومحترفون مهمتهم فقط الصعود للنخلات العاليات، مع ما لذلك من خطر ومشقة، ومن ثم نقعه لساعات وأيام فى المياه حتى يسهل تطويعه، تأتى صعوبة أخرى تتمثل فى عملية تشكيله الفعلية التى تأخذ هى الأخرى وقتاً طويلاً من وقت الصانع وعرقه قبل أن يظهر منتجه للمشترين ومحبى التراث، خاصة إذا ما أضيفت الأوانى والزخارف إليه. وتوفرت مثل هذه المنتجات بأشكالها وأحجامها المختلفة فى الأسواق الأسبوعية التى خصصها أهل البحرين لبيع منتجاتهم وتبادل المنفعة مع غيرهم من أصحاب الحرف والأعمال وممن يشتغلون بمهن أخرى، إذ لا يخفى هنا مستوى الاعتماد المتبادل بين العامل الزراعى والمعنى بصعود النخل وجلب الثمر وغيره، وصانع السلال الذى لا يستطيع أن يكسب قوت يومه إلا بوجود ألياف وسعف وجذوع النخل، التى توفر لكثير من الصانعين بعد تشكيلها احتياجاتهم من أوعية الحفظ والنقل والحمل وأدوات المنزل وربما الزينة أيضاً، حيث يحتاجها «الطواش» تاجر اللؤلؤ، ولا يستغنى عنها الغواص ومساعده «السيب» عند استخراج اللؤلؤ، حيث تحمل سلال خوص النخل ما يقدمه لهم البحر، وغير ذلك الكثير. ولذلك يبدو هذا الاهتمام الذى توليه الدولة، فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدنى الأخرى، للاحتفاء بأهل هذه الصنعة، والعناية بالكبار المحترفين منهم، ورعاية الجيل الجديد من النشء الراغب فى وراثة أصول مهنة صانع السلال باعتبارها فنا تراثيا يجب حمايته والحفاظ عليه.