صدق أو لا تصدق.. أكثر 300 مليون جنيه من المال العام تقدم كهدية لرئيس مجلس أمناء جامعة خاصة، وكل الأجهزة الرقابية لديها علم بالواقعة ومع ذلك تلتزم الصمت.. على مدى شهور عديدة تم نشر نداءات واستغاثات وموضوعات صحفية كلها تشير بوضوح إلى وجود إهدار للمال العام فى شركة تمتلك جامعة خاصة، وكلها تؤكد أن المال المهدر بمئات الملايين من الجنيهات.. ورغم ذلك لم تخرج جهة واحدة فى مصر لترد على ما ينشر، أو على الأقل لتقول إن ما يتم نشره غير صحيح أو غير دقيق .. فما حدث هو أن الكل التزم الصمت وكأن كل ما قيل هو مجرد دخان فى الهواء.. وهذا الصمت المريب لكل الأجهزة المسئولة على ضياع مئات الملايين من الجنيهات من المال العام، دليل على حالة مريبة من الفساد والإفساد. بداية الحكاية تعود إلى عام 1996، وتحديداً عندما تم تأسيس جامعة 6 أكتوبر بموجب القرار الجمهورى رقم 243 لسنة 1996، ووقتها ضمت قائمة مؤسسى الجامعة، رجل الأعمال سيد التونسى محمود، وشركة مصر للتأمين، وشركة قناة السويس للخدمات التعليمية. وبمجرد أن حصلوا على الموافقة بتأسيس الجامعة، قبل 20 عاماً، حصلوا على مساحة 40 فداناً بمدينة 6 أكتوبر لإقامة الجامعة عليها، وضخت شركة مصر للتأمين بعض الاستثمارات فى الجامعة. وفى عام 2004 تم دمج شركة قناة السويس للخدمات التعليمية فى شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا بناء على تقرير من هيئة الرقابة المالية وهيئة الاستثمار، وتقرر أن تكون ملكية وقيمة أصول الجامعة مملوكة لشركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، وتعتبر هذه الشركة هى المالكة للأصول وتقوم بتأجير هذه الأصول بالكامل للجامعة.. وبالتالى صارت الشركة الجديدة مالكة لنسبة 99,68% من الجامعة والباقى تمتلكه شركة مصر للتأمين، وامتلك التونسى بعض الأسهم فى شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا. وتولى سيد التونسى رئاسة مجلس أمناء الجامعة ومجلس إدارة شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، وكان يحصل سنوياً من الشركة، ومن بعد ذلك الجامعة، على مخصصات تزيد على 35 مليون جنيه سنويا، تدفع عنها الشركة الضرائب ..ويحصل عليها مقدماً ومع بداية كل سنة مالية دون تقديم مستندات ترصد أوجه إنفاق هذا المبلغ. وفى كل عام كانت القوائم المالية للشركة تبين ملكيتها للجامعة بنسبة 99,68% ويعتمدها مراقب حسابات الجامعة والشركة، ويعتمدها أيضاً «سيد التونسي» بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة، ثم تعتمدها الجمعيات العمومية المتتالية منذ 2004، ويتم الإفصاح عنها فى البورصة المصرية، وفى عام 2015 وافق مجلس إدارة شركة توطين التكنولوجيا برئاسة «التونسي» على اعتماد لائحة جديدة للتقاعد وصرف 67 مليون جنيه كمكافأة تقاعد للتونسى، بالإضافة إلى 28,8 مليون جنيه مخصصات سنوية يحصل عليها من الجامعة، كما وافق المجلس على تخصيص 209 ملايين جنيه للتونسى كمصاريف تأسيس للجامعة دون أى مستندات، وبالمخالفة لعقد الملكية المبرم عام 2004، ومن المؤسف أن المجلس يتكون من قيادات رفيعة المستوى بالجهاز المصرفى وشركات التأمين العامة. والأدهى من ذلك أن أعضاء مجلس الإدارة وافقوا على أن يعيد «التونسي» وحده تشكيل مجلس أمناء الجامعة رغم أن كل عضو فى مجلس إدارة الشركة كان عضواً فى مجلس الأمناء! وبدأ «التونسي» يشيع أنه المالك الفعلى والقانونى لجامعة 6 أكتوبر، والمفاجأة أن مجلس إدارة الشركة بدأ بحث ما سموه تقنين العلاقة بين الشركة والجامعة، رغم استقرار الأوضاع على ملكية الشركة ل99,68% من الجامعة، والباقى تمتلكه شركة مصر للتأمين، وهو ما تؤكده عقود موثقة فى هيئة الاستثمار بهذا المعنى! بقى أن نعرف أن 80% من رأسمال شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا هى أموال عامة، والباقى مساهمات خاصة.. منها حوالى 16% لشركة الأهلى للاستثمارات التى تم التخلص من أعضائها فى مجلس إدارة الشركة قبل ارتكاب لكل ما جرى. ويبقى السؤال: ما سر صمت الأجهزة الرقابية على ضياع مئات الملايين من المال العام؟