أثار مسلسل «فوق مستوى الشبهات» بطولة الفنانة يسرا، تأليف عبدالله حسن، وأمين جمال، العديد من ردود الأفعال الإيجابية، مع تتابع حلقاته خلال شهر رمضان الجارى، خاصة مع اختلاف الشخصية التى تجسدها يسرا، بعد أن غيرت جلدها بتقديم دور يحمل الكثير من الشر، خلال الأحداث التى تدور فى إطار دراما نفسية مشوقة، ولكن ردود فعل بعض العاملين فى مجال التنمية البشرية الذين انتقدوا تجسيد يسرا لشخصية شريرة، تنعكس على مهنتهم التى تهدف فى الأساس لمساعدة الناس لا إلى إيذائهم. ونفى السيناريست عبدالله حسن، أى تعمد لتشويه خبراء التنمية البشرية فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات»، مؤكداً أنه حرص مع المؤلف أمين جمال، على إظهار الجانب الإنسانى لا المهنى من الشخصية، مشيراً إلى أن مجال التنمية البشرية والعاملين بها لهم كامل الاحترام والتقدير، لدورهم البارز فى مساعدة الناس والقيام بواجبهم، لافتاً إلى أن شخصية «رحمة» هى الأخرى، قامت بمساعدة الناس خلال أحداث العمل، مشدداً على أن ممارسات وشرور الشخصية نابعة منها لا من مهنتها. وقال «حسن»: «كل مجال من المجالات المهنية يضم نماذج إيجابية أو سلبية، والتعرض لأى من هذه النماذج درامياً لا ينقص من المهنة فى حد ذاتها، كما أن اختيارنا لعمل البطلة فى مجال التنمية البشرية، يعتبر نوعاً من المفارقة الدرامية، للتأكيد على أن الشخصية لا تستطيع حل مشاكلها الشخصية، أو التغلب على عقدها النفسية القديمة، والتعرض لهذه المهنة أكد على أن هناك العديد من الناس، استفادت من محاضرات «رحمة» فى حل مشكلاتهم، وفى هذه المشاهد التى تؤكد على شعبيتها وتميزها مهنياً،وهي دليل على تقديرنا وتقدير شخصيات العمل لهذه المهنة، التى تضيف للمجتمع المصرى الكثير، والأزمة الآن أصبحت فى أن كل نموذج سلبى تطرحه الدراما، ينتقض أنصاره أو العاملين فى هذا المجال للدفاع عنه بمهاجمة الدراما، سواء بالهجوم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، أو برفع دعاوى قضائية ضد الأعمال الفنية، وهو أمر أصبح مقلقاً مع عدم وعى شرائح مختلفة من المجتمع بدور الدراما وآليات عملها». وفيما إذا كانت هذه الانتقادات والدعاوى القضائية محاولة لإرهاب كتاب الدراما، قال: «نعيش كارثة حقيقية فى مصر، لأن هناك تصور لدى كل طائفة من الطوائف المهنية، أن أعضائها ملائكة لا يخطئون، بغض النظر عن غيرها من أصحاب المهن الأخرى، وإذا ما تناولت الدراما شخصية ضابط شرطة أو محاميا أو طبيبا أو أحد المرشدين السياحيين، يواجه صناع الأعمال الدرامية إمكانية الوقوف فى قفص الاتهام، مع ما نواجه من دعاوى قضائية فى غير محلها، وكأن الدراما لا يجب أن تخرج عن المثالية، وهو أمر مستحيل ولو التزم به كتاب الدراما فلن يؤدى إلى شىء، باستثناء تزييف الواقع لأننا لسنا ملائكة، بل بشر يخطئون ويصيبون فى كل الأحوال، وما يحدث لا يرهب كتاب الدراما، الذين أصبحوا يرفعون شعار «لا تراجع ولا استسلام»، ليستمر الجميع فى رفع الدعاوى القضائية طوال الوقت دون توقف، ويستمر كتاب ومؤلفو الدراما فى التمسك بحقهم فى حرية الإبداع، والتعبير عن واقع المجتمع المصرى بما يحمله من سلبيات وإيجابيات مختلفة». وحول الشكل الجديد الذى ظهرت به يسرا، واختيار شخصية بكل هذا الشر، قال «حسن»: «فكرة تقديم شخصية شريرة لبطولة العمل، ترجع فى الأساس إلى الفنانة يسرا، واختيار المكان الذى تدور فيه الأحداث كان فكرة المنتج جمال العدل، واللذان منحانا الحرية أنا والسيناريست أمين جمال، فى تناول طريقة هذا الشر الذى ابتعد ب«يسرا» عن منطقة الشخصية البريئة بمثاليتها المفرطة، وليس من المهم تقديم شخصية شريرة أو طيبة، ولكن الأهم هو كيفية التناول، وهو ما اعتمدنا عليه فى صياغة السيناريو، بمحاولة تقديم رؤية جديدة ومختلفة تحمل هذه الملامح الشريرة، بالابتعاد عن ظاهرة الشخصية الذى يبدو لافتاً، والغوص فى أعماقها المظلمة لنقدمها من داخلها، ليبدو العمل كتحليل لأسباب كل هذا الشر بالاعتماد على تاريخ الشخصية، بحياد يجعلنا لا نتجنى على هذه الشخصية، أو نتعاطف معها بعد كل ما ارتكبته وما سترتكبه خلال الحلقات المقبلة، فهناك انحياز لفكرة الوجه الآخر من الإنسان، ومحاولة لفتح الصناديق المغلقة بداخل كل منا، والتى تعمل على إبعاد مفاتيحها عن المحيطين بنا، وشخصية يسرا فى العمل شخصية محيرة، فلا يمكن التعامل معها باعتبارها ضحية». وعن اتهام العمل بالتعرض لقضايا سكان «الكومباوندات» دون التطرف للفئات الأكثر تهميشاً فى المجتمع، قال: «العمل لا يتناول طبقة بعينها بقدر تناوله للإنسان والشخصية المصرية بشكل عام، لأن الأزمة الأساسية تتمثل فى الإنسان المصرى، لا فى المكان الذى يعيش فيه، لأن المستويات الثقافية والاجتماعية لا تختلف من مكان لآخر، والأزمة أزمة إنسان، فمشاكلنا أكبر من أزمة القمامة أو العشوائيات، لأن الأزمة الحقيقية هى أزمة نفسية لا طبقية، خاصة أن «الكومباوند تعرض لنفس الجرائم التى تتعرض لها مختلف المناطق، كما أننا نراعى عدم الانجرار للطبقية بالتحيز لفئة دون الأخرى، والعمل لا ينتمى لتلك الأعمال التى تميل لاستفزاز الطبقات الأخرى، لأنه لا يعبر عن مستوى اجتماعى، بقدر ما يعبر عن معالجة إنسانية للشخصيات، من خلال شخصية تقتحم هذا المكان لتعرى وتفضح من حولها، فى الوقت نفسه لا تدرك أنها تعرى روحها، وتكشف ما كانت تخفيه بداخلها». وأضاف «حسن»: شخصية «رحمة» مازال أمامها الكثير لتفعله فى الحلقات المقبلة، ويسرا ممثلة عظيمة تقدم واحدا من أفضل أدوارها على الإطلاق بشهادة الجمهور، فهى استطاعت مذاكرة الشخصية بحب جعلها تدرك كل كلمة أو انفعال تقوم به، ومشاركتها فى هذا العمل إضافة للسيناريو الذى كتبناه، لأنها نقلته إلى منطقة أخرى بأدائها العبقرى، وتركيزها فى كل مشهد أو كلمة تنطقها، وهو ما أتى ثماره بالتفاف الجمهور حول العمل منذ بداية عرضه، ونتمنى أن نوفق فى جذب الجمهور حتى نهاية شهر رمضان.