الدول تتفاخر بأنها تمتلك على أرضها أعلى مبنى فى العالم.. وأطول سور.. وأجمل مدينة.. وأغرب جبال.. مسميات عديدة، لكن الواقع يكشف أن مصر تمتلك أغلى مبنى فى العالم، ولعل أغلاها وأكثرها قيمة وأهمية بعد الأهرامات وأبوالهول هو المتحف المصرى بالتحرير، الذى يعد بما يحتويه لأكثر من 160 ألف قطعة أثرية.. فى مبنى يقع على مساحة 28 ألف متر مربع ومساحة عرضه أكثر من 10 آلاف متر مربع فى أهم مكان فى قلب القاهرة.. هو الأعلى قيمة وأهمية فى العالم لو تم تقدير قيمة المعروضات الأثرية فيه، لنجدها تتخطى حاجز مئات التريليونات من الدولارات كتقدير مبدئى، لكن ربما يتضاعف هذا الرقم. سمية عبدالسميع، مدير المتحف المصرى بالتحرير، قالت: من المستحيل تقييم وتقدير قيمة الآثار الموجودة داخل المتحف برقم معين، لأنها لا تقدر بثمن ولا يمكن معادلتها برقم لأن قيمتها الأثرية عالية جدًا.. فهو مجد وتراث وحضارة توارثناها.. وأضافت: هناك 160 ألف قطعة فى صالات العرض بالمتحف وتضم الطابق الأرضى ويحتوى القطع الأثرية الكبيرة من توابيت حجرية ضخمة وتماثيل، مثل تمثال رمسيس الثانى، وتمثال سنوسرت، وخفرع، ولوحات كبيرة وتماثيل أبوالهول وأخناتون وحتشبسوت، وهى آثار ضخمة وكبيرة مصنوعة من حجر جيرى ورملى وديورينت صغيرة لخدم.. ويضم وجرانيت، وتماثيل الطابق الأرضى آثار العصر الأول «عصر التأسيس» الأولى والثانية، وتضم «صلاية نارمر»، وتماثيل «خع سخميت»، وأيضًا آثار عصر الدولة القديمة، مثل تمثال زوسر وخفرع وكورع شيخ البلد.. و«القزم سنب» وبيبى الأول وأيضًا يضم الطابق الأرضى آثار مجموعة الملكة «حتب حرس»، وتماثيل «منتوحبت»، وآثار الأسرة ال12 مثل سنوسرت الأول ومنحاتب الثالث. وأضافت سمية عبدالسميع: الطابق الثانى من المتحف يضم آثار عصر الدولة الحديثة، وأشهرها مجموعة الفرعون الصغير، أو الذهبى «توت عنخ آمون»، وتضم نحو 357 قطعة تضم العجلة الحربية والقناع الذهبى والخنجر وثلاثة توابيت وكرسى العرش وأدوات الصيد والزراعة والكتابة.. وكلها قطع ذهبية وأحجار كريمة وفضة وخشبية مرصعة بالأحجار الكريمة والحلى كلها من الذهب الخالص مع آثار أخرى لها قيمة عظيمة تاريخيًا وأثريًا لا يمكن تقديرها بمال أو مقابل، لأن القطعة الصغيرة يمكن أن تكون قيمتها الأثرية تفوق القطعة الأثرية الضخمة أو من الذهب.. وتساءلت سمية عبدالسميع: هل يمكن لشخص فى العالم أن يقدر قيمة تابوت «توت عنخ آمون» أو قناعه أو كرسى العرش الخاص به، وكلها من الذهب.. وهل يمكن تقييم تمثال رمسيس الثانى أو أخناتون.. وتكمل: معظم القطع الأثرية الموجودة فى المتحف من أحجار رملية وجيرية وشيست وقطع ذهبية وأحجار كريمة وجرانيت بأنواعه، وكلها تعبر عن عظمة وإعجاز الحضارة الفرعونية القديمة ووجودها فى المتحف المصرى لا يمكن تقديره برقم حتى بأضعاف «التريليون» دولار. وأضافت: لو قيمنا مثلاً قيمة الأرض التى عليها المتحف بوصفها أهم وأغلى بؤرة فى مصر والعالم، أعتقد -والكلام لمدير المتحف المصرى- لا يقل ثمن المتر عن 100 ألف جنيه فى 28.5 ألف متر. هذا يعنى أن ثمن الأرض فقط يتخطى 2 مليار و800 مليون جنيه، أما الآثار التى بداخله فلا تقدر بأى ثمن. وعن تاريخ المتحف المصرى، قالت: إن نشأته الأولى كان عام 1835 فى منطقة الأزبكية، ونقل بمحتوياته لقاعة عرض بقلعة صلاح الدين وتم إهداء مجموعة الآثار بالقاعة لدوق النمسا أثناء زيارته لمصر 1855، ثم انتقل المتحف لقاعة عرض بمنطقة بولاق ومنطقة تخزين وتولى الفرش «أوجست ماريت» ناظر مدرسة الآثار، وبعد خطر الفيضانات تم نقله لقصر الخديو إسماعيل بالجيزة، ولكن المتحف كأول مبنى تم افتتاحه 1902 بقلب القاهرة بميدان التحرير وقام بتصميمه وبنائه المهندس الفرنسى «مارسيل درنيه» على الطراز المعمارى الكلاسيكى الأوروبى ليضم بداخله 100 قاعة عرض فى مسطح المبنى على مساحة 10 آلاف متر مربع. ومن أشهر من تولوا رئاسته، كما تقول مديرة المتحف، المثّال محمود مختار ومحمود حمزة ود. محمد صالح ودكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار السابق، ونخبة كبيرة من خبراء الآثار. وأضافت: يضم المتحف فى صالات العرض 160 ألف قطعة أثرية بجانب 19 ألف قطعة فى مخازن المتحف، وكان يحقق دخلاً يوميًا قبل الثورة من 500 ألف لمليون جنيه أحيانًا فى اليوم، وبعد الثورة لا يحقق هذا الرقم فى شهر كامل بسبب انخفاض السياحة بعد الثورة، وقالت: تم سرقة 57 قطعة فى أيام الثورة، وعاد منها 38 قطعة، وما زال هناك 19 قطعة مفقودة ذات قيمة أثرية مهمة. ونفت عبدالسميع تراجع مكان المتحف المصرى بعد افتتاح المتحف الكبير، مؤكدة أن المتحف المصرى سيهتم بعرض القطع الصغيرة وبشكل جديد ومختلف باستخدام خرائط جديدة وشاشات عرض وإعادة استغلال المكان برؤية مختلفة، وعمل بانوراما تاريخية بالمدخل، وعودة مدرسة الطفل لتثقيف الطفل المصرى وتنمية وعيه الأثرى المفقود، ليتعرف على حضارة وتاريخ وتراث أجداده وتشجيعهم والطلاب على التعرف على قيمة وأهمية المتحف المصرى، خاصة أن المتحف يستعد لتجديد شبابه ويستعيد مكانته برؤية عصرية تناسب وضعه الجديد فى المنافسة مع المتحف الكبير.