وجع قلب العدالة.. بل وجع في قلب مصر كلها سببه الصراع الدائر بين القضاة والمحامين، هذا الوجه يدفع ثمنه كل المصريين وسيتسبب في انهيار الدولة بسبب مصالح فئوية ضيقة وأنانية من أجل حصد أصوات انتخابية سواء في انتخابات نادي القضاة القادمة أو انتخابات نقابة المحامين، وسقط الجميع في فخ الأيدي الشيطانية التي تهدف هدم صرح العدالة وتعطيل محاكمة مبارك ورموز نظامه الفاسد وتعطيل الانتخابات البرلمانية. الحكاية التي استغلها خفافيش الظلام بدأت بريئة في صراع داخلي بين تيار الاستقلال بالقضاء والمشهود له بمواقفه الوطنية ودوره في إيقاظ الوعي والمطالبة بالتغيير ورفض التوريث واستقلال القضاء وبين نادي القضاة.. بعد أن تولي المستشار حسام الغرياني رئاسة محكمة النقض استبشر المصريون به لتحقيق أمنيتهم باستقلال القضاء وكلف الرجل المستشار أحمد مكي بإعلان مسودة مشروع قانون السلطة القضائية ولكن من أجل انتخابات نادي القضاة تحرك المستشار أحمد الزند بسرعة حتي لا تسحب السجادة من تحت قدميه مع اقتراب انتخابات النادي، فالنادي أيضا ممثلا للقضاة وشرع هو الآخر في إعداد مشروع السلطة القضائية.. واختلفت الرؤي بين المشروعين المقدمين للقانون الجديد واحتدم الجدل.. المستشار مكي حريص علي تقييد النقل والندب للهيئات والمؤسسات المختلفة والإعارة حرصا علي كرامة القضاء أمام الرأي العام عندما تسرب الحرص علي توريث التعيين في النيابة لأبناء القضاة وهذا المبدأ أصبح مرفوضا لدي الرأي العام وأحد أسباب قيام الثورة وتساءل الجميع كيف نعود مرة أخري الي عهد التوريث وتعيين أبناء القضاة في النيابة العامة والهيئات القضائية بتقدير مقبول وكان الغضب العام رغم تقدير الناس للقضاة وهو تمييز غير دستوري وسبق للمحكمة الدستورية العليا بإلغاء الاستثناء بتحديد نسبة من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات لأبناء الأساتذة دون التقيد بشرط المجموع وألغت أيضا استثناء ضباط الجيش والشرطة من الالتحاق بالكليات العسكرية. كانت المطالب الفئوية في مشروع القانون إيذانا بأننا نعود الي الماضي البغيض. وجاءت المادة 18 في مشروع القانون لتسكب البنزين علي النار وهاج المحامون ورأوا أن هذا حط من قدرهم وهم أحد أجنحة العدالة وألهبت الفضائيات الموقف التي استغلها مرشحو المحامون لانتخابات النقابة.. ودارت المعركة بينهم وبين رئيس نادي القضاة خاصة أن انتخابات النادي اقتربت والكل يرتدي ثوب البطولة لحصد الأصوات وليس الهدف مصر والعدالة. والحقيقة أن قاضي القضاة المستشار حسام الغرياني تصرف بحكمة ووطنية حينما دعا رموز القضاة وشيوخ المحامين والنخب الثقافية والقوي الوطنية في قاعة عبدالعزيز باشا فهمي بدار القضاء العالي وأعلن قاضي القضاة أن المادة 18 محل خلاف بين القضاة والمحامين وأنها جاءت في غير موضعها وأنه لا يوافق عليها وأطفأ الرجل النيران.. الخلاف إذن انتهي ولم يعد له داع علي الإطلاق ولكن المؤامرة اتضحت أبعادها وفوجئ الحضور بعد كلام المستشار حسام الغرياني بقلة قليلة من المحامين علي علاقة بمحام شهير يدخلون القاعة ويهتفون ضد القضاء ويطالبون بتطهيره.. وتواصل الاعتداء الممنهج وقال لي أحد المستشارين: من تيار الاستقلال معروف بمواقفه الشجاعة أن المحامين الشرفاء كثيرون جدا وهم رجال قانون وأغلبية محترمة وأنا أتفق معه في الرأي وذكر لي أن أحد المحامين الشرفاء التقي رئيس محكمة حلوان وأخطره أنه سيتم اغلاق محكمة حلوان وبعدها بيومين سيتم اغلاق محكمة جنوبالقاهرة وتعطل سير العدالة ومصالح المواطنين وبدأ مسلسل الاعتداء المتبادل وكانت النتيجة أن تقدم أكثر من 900 من القضاة يعتذرون عن عدم الإشراف علي الانتخابات البرلمانية والاعتذارات الباقية في الطريق خوفا علي حياتهم ولن يعودوا عن اعتذارهم إلا إذا تقدم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بوثيقة مكتوبة للقضاء تضمن تأمينهم وسلامتهم وتأمين رجال الانتخابات وتأمين المحاكم أيضا. من حق القضاة أن يكونوا مطمئنين وهم جالسون علي منصة العدالة ومن حق المحامين أن تصان كرامتهم أثناء دفاعهم عن موكليهم ومن حق مصر إطفاء النيران المشتعلة علي القنوات الفضائية بين المحامين والقضاة.. أرجوكم حافظوا علي مصر وحسبنا الله ونعم الوكيل.