فى حقبة الستينيات أقال عبدالناصر وزارة زكريا محيى الدين عندما رفع سعر كيلو الأرز تعريفة (نصف قرش) بينما اندلعت مظاهرات 17 و18 يناير عام 1977 عندما قررت الحكومة رفع رغيف الخبز قرش صاغ، والناظر إلى العديد من المظاهرات يجد السواد الأعظم منهم ما أخرجهم إلا الجوع واليوم أزمة الأرز التى نحن بصددها هى أزمة مفتعلة والحكومة تعلم أسرارها وتلتزم الصمت أو الحذر أو لها مصلحة من خلف الستر. الشركة القابضة للسلع الغذائية هى المسئولة عن أزمة الأرز فالشركة تمتلك ثمانية شركات مضارب وهى مضارب البحيرة ورشيد وكفر الشيخ والإسكندرية والغربية والدقهلية ودمياط وبلقاس وبها أحدث المضارب التى أسست فى حقبتى الستينيات والسبعينيات وكان إنتاجها ينافس الجودة الأمريكية والآسيوية وكان باستطاعة الشركة القابضة أن تمون هذه الشركات بحيث تجمع كميات الأرز الشعير التى تنقذ بها الشعب فى مثل هذه الأزمة دون خسارة فسعر الطن فى بداية الموسم الحالى كان يتراوح ما بين 1200 إلى 1400 جنيه للأرز العريض بينما قفز منذ شهرين إلى 3500 ثم إلى 4500 والمعتاد على مدار الحقب الماضية أن تقوم مضارب القطاع العام بتشوين الأرز وتطرحه بعد تصنيعه حسب احتياجات السوق فتم تخريب هذه الشركات الآن. وزارة التموين هددت التجار باستيراد الأرز لإجبارهم على خفض الأسعار واستوردت بالفعل كميات الأرز (بسمتى) درجة ثالثة وطرحته بسعر 6٫5 جنيه للكيلو ونفذ بعد ساعات من طرحه فى الأسواق ولم يتبق غير كميات تم طرحها فى أرض المعارض للعرض وليست للبيع لزوم تلميع رؤساء الشركات والسادة المسئولين وتصويرهم فى وسائل الإعلام على أنهم منقذو البلاد والعباد مع إن الوزارة مستفيدة من استيراد هذه الكمية فلا يتجاوز سعر هذا الأرز عالمياً أكثر من 4 جنيهات. أما السبب الثالث فى الأزمة فهم التجار المحتكرون للسوق وهم طبقة قليلة ولكنها استطاعت شراء معظم محصول الأرز الشعير بأسعار زهيدة لم تتجاوز 1500 جنيه للطن وقامت بتخزينه وعدم تصنيعه حتى تعطش السوق وقفزت الأسعار من 3 جنيهات إلى 6 جنيهات ثم إلى 7 ثم إلى 8 ثم أخيراً إلى 10 جنيهات وبالطبع التجار معلومين للحكومة وتعرفهم بالاسم ومنهم شخصيات كبيرة لها وزنها فى سوق الأعمال وكان باستطاعة الحكومة مصادرة المخزون وتطبيق قانون الاحتكار عليهم إلا أنها لم تفعل ولن تفعل لمآرب أخرى!! وأعجب ما فى الأمر ومما يدل على أن الحكومة قصيرة النظر وعديمة الخبرة وقليلة التجربة هو أنها تعلم أن محصول الأرز للموسم الحالى كان يكفى الاستهلاك المحلى ويوجد فائض للتصدير يقدر بحوالى مليون طن ولم يتم التصدير فأين ذهب المحصول ؟!! وهل يتم تهريبه بطرق لا تعلمها الحكومة؟! وماذا ستفعل الحكومة فى الموسم المقبل، وقد تقلصت المساحة الزراعية للأرز بسبب نقص المياه ومعلوم أن الأرز هو الغذاء الرئيسى للشعب. ويقول الدكتور السيد عاشور، أستاذ بجامعة القاهرة، أنشئت وزارة التموين إبان الحرب العالمية الثانية حينما اشتدت أزمة السلع لتكون ناصراً للغلابة أما وقد فشلت الوزارة وساهمت بقدر كبير فى خلق الأزمة فأرى أن يشكل مجلس من المستشارين أصحاب الرؤى فى هذا الأمر لأن الصورة تزداد سواداً. وأضاف الدكتور الدسوقى شتا، الأستاذ بجامعة القاهرة، أن الساحة قد غاب عنها رؤساء الشركات الذين كانت لهم الخبرة والحنكة وكان يعدون للمواسم خاصة شهر رمضان الفضيل ولا يشعر الناس بأى أزمة فى أى سلعة، فقد خرجت شركات التموين من قبل أحمد نوح وزكريا توفيق عبدالفتاح وسعد شلبى وغيرهم. وأشار الدكتور مدحت منير، مستشار المعونة الأمريكية مستشار صندوق النقد الدولى مستشار وزير المالية الأسبق، إلى أن حل الأزمة يتلخص فى أن تقوم الحكومة باستيراد كميات من الأرز وطرحه بالأسواق دون هامش ربح، عندها سيضطر التجار المحتكرون للأرز بطرح ما لديهم من المخزون وسيعود السعر كما كان فى بداية الموسم 3 جنيهات للكيلو وإلا ستكون خسائرهم فادحة والحل الثانى أن تقوم الحكومة بتطبيق قانون الاحتكار عليهم خاصة والرئيس السيسى لا يتهاون فيمن يتلاعب بقوت الشعب.