فى وعاء الذكريات تعيش التفاصيل، وتتلون الذكريات بتغير وتحول المواقف، قد تكون مواقف سعيدة فنرحل إليها دائماً، وقد تكون مغلفة بالحزن ونتمنى أن تسقط من الذاكرة.. هكذا تحدثت الفنانة الكبيرة سميرة أحمد عندما سألتها عن أيام جميلة مضت فى حياتها وأيام أخرى تتمنى الهروب منها.. تختلف «سميرة أحمد» عن كثير من بنات جيلها لأنها مثقفة إلى حد كبير، ومؤمنة بأن الفنان يجب أن يخلق فرصاً جيدة للجيل الجديد ولا يعتبر نفسه الأفضل دائماً.. فى مسلسلها «امرأة من زمن الحب» قدمت مجموعة من الشباب الموهوبين الذين يحتلون الساحة الفنية الآن، وأبرزهم كريم عبدالعزيز وياسمين عبدالعزيز، وكررت التجربة، فى مسلسل «أميرة فى عابدين» وتتسم أعمالها الفنية بأنها تعتمد على الموضوع والفكرة والرسالة لذا لا تموت بمرور الأيام والسنوات. فى البداية: لماذا طال الغياب عن الساحة الفنية؟ - فى أوقات كثيرة يكون الغياب أفضل بكثير من الحضور الباهت، بعد مشوار حافل بالعمل والعطاء، أصبحت أخاف من التكرار والظهور العادى، أبحث عن سيناريو يحمل فكراً جديداً، ولست مؤمنة بالاعتزال لأن الفنان ملك للناس ويستطيع العطاء فى أى سن وتحت أى ظروف ما دام قادراً على الوقوف والصمود أمام الكاميرا والتعبير عن مشاعر وهموم الناس. كلامك ليس واضحاً بما يكفي؟ - أقصد أننى متحمسة للعودة ولكنى أبحث عن ورق جيد من خلاله أعود للناس وأقدم شيئاً محترماً، كما تعودت طوال مشوارى الفنى. عندما يتحدث الكبار عن البداية يؤكدون أنها كانت مؤلمة فكيف كانت بداية سميرة أحمد؟ - من الطبيعى أن يبذل الإنسان جهداً كبيراً حتى يحقق أحلامه ويصل للناس، لا يوجد نجاح دون تعب وجهد، ولكنى لا أبالغ إذا قلت إن حياتى ومشوارى كان سهلاً بالمقارنة بحياة آخرين، أحمد الله كثيراً على ما وصلت إليه وأتمنى أن يظل الود والحب يربط بينى وبين الناس. من الشخص الذى تعتبرينه صاحب فضل عليك؟ - بدأت كومبارس ولم تكون البداية كبطلة مطلقة وصلت إلى القمة بعد مشوار طبيعى جداً، كومبارس ثم دور صغير ثم دور كبير وهكذا انتقلت إلى القمة وتصدرت الأفيش، ولا أبالغ إذا قلت إن لكل مرحلة جمالها ولكن أستاذى الكبير هو الفنان عبدالوارث عسر. ما رأيك فى مسلسلات السيرة الذاتية؟ - لا أحب هذه النوعية من المسلسلات، فكل الأعمال التى تناولت حياة كبار النجوم أو السياسيين لم تخرج بشكل يليق بمشوارهم، ولم تكن مقنعة إلى حد كبير، فى أوقات كثيرة نقدم الشخصيات وكأنهم ملائكة وفى أوقات أخرى نقدمهم وكأنهم شياطين، ويجب الموضوعية والحياد حتى تصل القصة إلى الناس ويصدقها الناس. سمعنا أن هناك فكرة تداعب خيالك وهى تقديم قصة حياتك فى مسلسل؟ - هذا الخبر لا يمت للحقيقة بصلة.. من أكون حتى أقدم قصة حياتى فى مسلسل، وما الذى سوف يستفيد منه الناس حتى يشاهدوا قصتى ويعرفون تفاصيل حياتى.. أنا إنسانة عادية جداً كل ما أرجوه أن يحبنى الناس وأعيش فى وجدانهم بأعمال رائعة ومحترمة. بعد مشوار طويل هل يوجد فى أرشيفك أفلام تخجلين منها؟ - الحمد لله.. لا يوجد فى أرشيفى عمل فنى أخجل منه أو أندم عليه فقد تعودت أن أختار أعمالى بعناية شديدة ولم أتعمد الاستسهال، لذا لو تأملت أرشيف أعمالى سوف تكتشف أن أغلبها جاد جداً، وأذكر منها «قنديل أم هاشم» و«الخرساء» بالمناسبة عندما تم ترشيحى لهذا الدور كنت خائفة ولكنى لم أتردد وتحديت نفسى ونال الفيلم إعجاب الجمهور والنقاد. ولكن لماذا قلتِ إنكِ نادمة على فيلم «غراميات امرأة»؟ - لست نادمة، ولكن تعرضت لهجوم كبير بسبب فيلم «غراميات امرأة» كانت البطلة الفنانة والصديقة الراحلة سعاد حسنى وجمع بينى وبينها مشهد بالغ الصعوبة، وطلب منى المخرج ضرب سعاد حسنى وغضب الجمهور جداً لأننى ضربت سعاد حسنى التى كانت وما زالت تحظى بحب كبير من الجمهور العربى.. أنا تعرضت لهجوم كبير من جمهور سعاد حسنى بسبب مشهد الضرب في فيلم «غراميات امرأة»، فاتنى القول إن مخرج الفيلم كان «طلبة رضوان» والقصة كانت ل«عبدالمنعم مدبولى». بمناسبة سعاد حسنى.. كيف ترين نهايتها؟ - كانت نهاية سعاد حسنى بالغة الحزن، وقد تأثرت جداً بعد رحيلها كنت أتألم عندما ذهبت لاستلام جثمانها، كانت صديقة رائعة وإنسانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الحياة بقدر جمالها وسحرها تحمل الكثير من المواجع والهموم، وعلينا دائماً أن نحارب ونرفض الاستسلام مهما كانت ضغوط وأعباء الحياة. وهل رحيل سعاد حسنى فقط هو مصدر حزنك الوحيد؟ - فى حياتى مساحة من الألم والحزن لكن دائماً أقول إن الجمهور ليس له ذنب حتى نصدع رأسه بهمومنا وأوجاعنا، الجمهور يستحق منا دائماً أن نرسم الابتسامة على ملامحه، وأن نصنع أعمالاً تخلق بداخله حالة من البهجة والسعادة. فكرتِ فى خوض الانتخابات البرلمانية عام 2010 فما رأيك فى حال البرلمان الآن؟ - حتى هذه اللحظة لا أجد أو ألمس أى إنجاز للبرلمان، أنتظر مثل كثير من المصريين القوانين التى سوف تصدر من هذا البرلمان، لكن حتى الآن لا أشعر بأداء ملموس، أتمنى أن يكذب أعضاء البرلمان ظنون الجميع ويصدرون قوانين تساهم فى البناء وتحدث نهضة اقتصادية لمصر التى تستحق أن تكون فى المقدمة، فلدينا كل المقومات التى تجعل من بلدنا رقم واحد، لدينا شعب واعٍ ومقومات جيدة، وقد مرت مصر بظروف صعبة كثيرة ونجحت فى عبورها والتغلب عليها لذا أنا متفائلة بأداء الرئيس عبدالفتاح السيسى وأثق فى إخلاصه لهذا البلد، ومؤمنة بأنه الوحيد القادر على العبور بمصر إلى بر الألمان. هل تفكرين فى لعب أى دور سياسى خلال السنوات المقبلة؟ - بصراحة شديدة ندمت على خوض الانتخابات البرلمانية عام 2010، كنت أتعامل بمثالية شديدة واكتشفت بعد هذه التجربة أن السياسة لا تعرف المثالية على الإطلاق لذا ابتعدت ولا أحب أن أتذكر هذه التجربة، ولا أريد أن يعتبر السياسيون كلامى إساءة لهم، أقصد من كلامى أن تجربتى فى خوض الانتخابات لم تكن جيدة ولم تكن طيبة، وعلى أي حال، أتمنى لأعضاء البرلمان التوفيق وأن يجتهدوا لكسب ثقة الناس الذين تزاحموا أمام صناديق الانتخابات من أجلهم. من النجوم الذين تشعرين بأن موهبتهم الفنية كبيرة من أبناء الجيل الحالي؟ - أعترف بكل صدق بأن حجم ورصيد الموهبة لدى الجيل الحالى كبيرة، كما أن مستوى التكنيك كبير، ومن الجيل الحالى أنا معجبة جداً بالفنانة الشابة سهر الصايغ وجميلة عوض وأتمنى لهما التوفيق دائماً. كيف ترين المشهد السياسى الآن؟ - متفائلة رغم كل التحديات وحزينة بسبب أعمال الإرهاب وتابعت مشكلة الصحفيين مع الدولة وأدعو دائماً إلى صوت العقل. كيف تنظرين لحال السينما فى الوقت الحالي؟ - يجب أن نعترف بأن السينما فى حالة تراجع، والدولة يجب أن تتدخل لإنقاذها.. الحل أن تعود الدولة إلى الإنتاج، وأن تصدر قرارات حادة لحماية الصناعة من الانهيار مثل تخفيض رسوم التصوير فى الأماكن الأثرية مثل الأهرام والأماكن المهمة مثل المطارات، وثانياً أن تخفض الجمارك على معدات التصوير.. كل هذه الإجراءات سوف تخلق مناخاً جيداً يسمح بالعمل والإبداع، ولا ننسى أن دولة مثل تركيا قد استغلت السينما والدراما التليفزيونية من أجل الترويج للسياحة. هل تؤيدين إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية؟ - أنا ضد إلغاء الرقابة لأن المجتمع المصرى محافظ، ووجود الرقابة شيء مهم وضرورى حتى لا تمر أعمال تهدم القيم وتهدد ثوابت المجتمع.. أرجو أن ندرك طبيعة المجتمع المصرى حتى لا نبالغ فى أحلامنا.. هناك من يسمح لخياله بالعدو إلى شواطئ مخيفة قد تحمل أفكاراً غريبة تهدد المجتمع، لذا وجود الرقابة ضرورى ومهم، لكن يجب أن يتولى مسئولية الرقابة مبدعون لديهم القدرة على الفرز والاختيار حتى لا يظلم مقص الرقيب أعمالاً فنية مهمة. ما العمل الذى تتمنين العودة به إلى الجمهور؟ - لم أفكر فى الاعتزال كما تردد وأقرأ الآن عدداً من السيناريوهات أملاً فى العثور على عمل فنى متكامل يسمح لى بالعودة إلى جمهورى بشكل أفضل يليق بتاريخى الفنى.. ولكنى أتمنى من كل قلبى تقديم قصة «أم شهيد»، ففى السنوات الأخيرة فقدت مصر مئات الشهداء، ويستفزنى إحساس الأم عندما تفقد ابنها أمام عينيها.. لذا أرجو العثور على سيناريو من خلاله أجسد شخصية أم لشهيد وأثق فى أن هذا العمل سوف ينال إعجاب الجمهور والنقاد.