طرحت الحكومة برنامجها للمناقشة، ولكنها لم تطرح لنا آلياتها للبرنامج، الذى وعدت به الشباب، والشعار الذى رفعته لمواجهة مشاكلهم هو «تمكين الشباب لسوق العمل» والخطير أن السادة أعضاء مجلس الشعب الموقرين لم يهتموا كثيرا بهذا البرنامج الذى يخص شباب مصر.. وهم الفئة الأكثر معاناة وتضرراً من الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد.. ويبدو أن الحكومة والبرلمان معا، لا يهتمان أن معدل البطالة ارتفع، حيث بلغ 13٪، وأن بطالة الرجال فى مصر بلغت وفقاً لتقرير البنك الدولى 9٪ من قوة العمل، مقابل 28٪ للنساء، وأن الأغلبية الساحقة من العاطلين تتركز فى خريجى الجامعات الذين بلغت نسبة بطالتهم 31٪ من مجموع العاطلين مقابل 47٪ لخريجى المدارس الثانوية.. فإلى متى نترك الشباب فريسة لغول البطالة، أليس من حقهم دستوراً وقانوناً الحصول على وظيفة مناسبة تقيهم شر الغرق فى البحر قرب سواحل اليونان وإيطاليا أو الانتحار من فوق أعلى كبارى مصر، حيث يستقبل قصر العينى 5 حالات انتحار للشباب يوميا ولصالح من يصبح حصول الشاب على وظيفة حلماً مستحيلاً، لا يتحقق إلا عندما يشتعل رأسه شيباً أو ينتحر يأسا من الفوز بوظيفة تذهب فقط للمحظوظين من أصحاب الواسطة والقريبين من المسئولين الكبار؟ وإلى متى يبقى شباب مصر فى برامج الحكومات المتعاقبة.. بطالة دائمة.. وخيبة أمل؟ الخطير، أن الحكومة ما زالت تكذب، ولا تتجمل وتدعى فى برنامجها أن عام 2016 سيكون للشباب، وإنها ستمكنهم جميعا من سوق العمل بمشروعات صغيرة ومتوسطة، وإنها ستمول هذه المشروعات بفائدة 5٪.. كما أعلنت الحكومة عن برامج للتدريب والتشغيل، من بينها برنامج يشمل 500 شاب تحت رعاية رئيس الجمهورية، وإنها ستطلق حواراً موسعاً لأطياف الشباب كافة للوقوف على آمالهم وطموحاتهم والتفاعل الفورى مع مشكلاتهم.. ونسيت الحكومة ان هذا الكلام «طفح» منه شبابنا، وأنه سئم هذه الوعود الورقية، ولم يعد يثق بحكومة يؤكد برنامجها وكما قال لنا بعض الشباب «أنها خارج نطاق الزمن والإحساس بالمشاكل الأساسية لشباب مصر». أرقام تقرير البنك الدولى تؤكد أن معدل البطالة فى عام 2014 ارتفع إلى 13٫2٪ فى مصر فى العام الماضى إلى 13٫5٪ وتبلغ بطالة الرجال 9٪ من قوة العمل من الرجال، أما بطالة النساء فبلغت نحو 28٪ من قوة العمل النسائية. أما معدل البطالة بين الشباب الذكور الذين يتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة يبلغ 33٪ من قوة العمل فى هذه الفئة العمرية، أما البطالة بين الأناث فى هذه الفئة العمرية فتبلغ 65٪ فى مصر. وتؤكد البيانات الرسمية أن الغالبية الساحقة من العاطلين من خريجى النظام التعليمى، يشكل خريجو الجامعة منها نحو 31٪ من مجموع العاطلين فى مصر، وخريجو المدارس الثانوية 47٪ من العاطلين، بينما يشكل خريجو المدارس الابتدائية نحو 4٪ من إجمالى العاطلين فى مصر، إذن مجموع العاطلين من خريجى النظام التعليمى يبلغ 82٪ من مجموع العاطلين فى مصر. الغريب أن أرقام البنك الدولى يختلف كثيراً عن الأجهزة المختصة المصرية، فالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أعلن منذ شهور عن انخفاض معدل البطالة إلى 12٫8٪ خلال الربع الأول (يناير - مارس) لعام 2015 مقابل 13٫4٪ فى نفس الربع عام 2014. وأشارت بيانات الجهاز إلى انخفاض عدد المتعطلين ليبلغ 3٫5 مليون متعطل من إجمالى قوة العمل بانخفاض قدره 21 ألف عن الربع السابق، وبانخفاض قدره 152 ألف عن نفس الربع لعام 2014 وكشفت بيانات الجهاز عن انخفاض معدل البطالة الذكور والإناث ليبلغ بين الذكور 9٫1٪ خلال الربع الحالى، بينما كان 9٫2٪ فى الربع السابق، و9٫9٪ لنفس الربع لعام 2014، وبين الإناث 24٫7٪ خلال الربع الحالى مقارنة ب24٫8٪ فى الربع السابق ونفس الربع لعام 2014.. هكذا تشير لغة الأرقام ولكن على الواقع لا نجد نتيجة ملموسة لهذا الانخفاض. وأوضحت بيانات الجهاز أن معدل البطالة فى الحضر بلغ 16٫5٪ خلال الربع الحالى مقارنة ب15٫5٪ فى الربع السابق و16٫5٪ عن نفس الربع عام 2014، وبلغ معدل البطالة فى الريف 10٫3٪ خلال الربع الحالى مقابل 10٫8٪ فى الربع السابق و11٫0٪ فى نفس الربع عام 2014. وسجلت المحافظات الحضرية أعلى معدلات البطالة بنسبة 17٫1٪، بينما سجل ريف الوجه البحرى أقل معدلات البطالة بنسبة 10٫3٪. 65٫6٪ من إجمالى المتعطلين شباب فى الفئة العمرية (15- 29 سنة)، وسجلت 16٫5٪ للفئة العمرية (15- 19 سنة) 32٫6٪ وللفئة العمرية (20 -24 سنة) 16٫5٪، للفئة العمرية (25 - 29 سنة). وأشارت بيانات الجهازإلي أن 76٪ من إجمالى المتعطلين من حملة المؤهلات العليا مقابل 46٫1٪ للحاصلين على مؤهلات متوسطة وفوق المتوسطة، و29٫9٪ للمؤهلات الجامعية وما فوقها. عرض البحر وإذا نظرنا إلى الشباب اليائس، ستصدمنا أيضا لغة الأرقام فقد تضاعفت نسبة الغرقى من الشباب المصرى فى البحر المتوسط أثناء التسلل إلى أوروبا هذا العام مقارنة بالعام الماضى 2014، بيانات المنظمة الدولية للهجرة أن من بين كل 50 متسللاً كان يغرق متسلل واحد فى عام 2014، بينما وصل عدد الغرقى فى العام الحالى إلى غريقين من بين كل 46 متسللاً. وهناك تقديرات رسمية للسلطات الإيطالية تقول بأن هناك 2500 صبى مصرى هاجر بطريقة غير شرعية. أوضحت تلك التقديرات برنامج الحماية فى هيئة إنقاذ الطفولة بمصرأن 25٪ من الصبية الذين يصلون إلى إيطاليا دون مرافق لهم من مصر ومعظمهم فى سن 17، 18 سنة. ومن مديرية أمن مطروح صدرت أرقام رسمية أن عدد العائدين عبر منفذ السلوم البرى 56 ألف عامل مصرى، منهم 22 ألف عامل دخل بصورة غير شرعية إلى ليبيا، و34 ألف عامل دخلوا بصورة شرعية والغالبية العظمى منهم شباب فى عمر الزهور يبحثون عن فرصة عمل. انتحار الشباب 157 حالة انتحار رصدتها التنسقية المصرية على موقعها خلال أول 7 شهور من عام 2015.بلغ عدد حالات انتحار الشباب الرجال 128 حالة بنسبة 81٫5٪، فيما بلغت حالات انتحار الإناث من يناير حتى أغسطس 2015، 29 حالة بنسبة 18٫47٪. كما أشارت التنسيقية إلي أن هناك يومياً ما بين 5 أو 6 حالات انتحار شباب، تأتى إلى مستشفى قصر العينى بالقاهرة مما يعنى أن عدد حالات الانتحار فى البلاد أكبر بكثير. وقالت «التنسيقية» بأن النسبة الأكبر من حالات الانتحار فى شريحة الشباب من (18 - 35) سنة، بلغت 83 حالة بنسبة 52٫87٪ وشريحة عمر المنتحرين من 36 إلى 60 عاماً جاءت فى المرتبة الثانية ب28 حالة انتحار بنسبة 17٫83٪. لا عدالة اجتماعية فعن أى شباب يتحدث برنامج الحكومة؟! ومن هم الشباب الذين سيحظون بتمويل مشروعاتهم؟! وعلى أى أساس سيتم اختيار ال500 متدرب لتنمية مهارتهم وقدراتهم وسط آلاف من الشباب تقدر نسبتهم ب30٪ من سكان مصر؟! أسئلة طرحها النائب البرلمانى هيثم الحريرى وأجاب عنها بأنه كلام مرسل غير حقيقى، فالشباب يعنيهم فى المقام الأول فرصة فى الوظيفة، الحصول على شقة، الحصول على مستوى تعليمى مقبول كل ذلك للأسف لم يتوفر فى برنامج الحكومة لأنها ببساطة تكلمت عن الحماية الاجتماعية ولم تتركز العدالة الاجتماعية. وورد فى البرنامج أن عام 2016 عام للشباب، والشباب هم أول من نزل إلى الشارع مطالباً بعيش ..حرية.. عدالةاجتماعية،وهو الآن فاقد للحرية داخل برنامج الحكومة، فشباب المسجونين داخل السجون لا يشعرون بالعدل كما يقول الحريرى متعشماً فى أن يجد فى البرنامج إصلاح الخلل فى منظومة العدالة أو حتى تتم الإشارة من قريب أو بعيد إلى إصلاح وزارة العدل ولكن للأسف جاء البرنامج على عكس مستوى طموحات الشباب. ومن شدة تردى مستوى برنامج الحكومة بصفة عامة، وفيما يتعلق بالشباب بصفة خاصة يرفض الدكتور شادى الغزالى حرب عضو ائتلاف شباب الثورة قراءته أو متابعته أو حتى التعليق عليه واصفاً الحكومة ب«شوية» سكرتارية يقومون بتمثيليات وهمية، فالحكومة والبرلمان أقل من أن يعلق عليهما من وجهة نظره. مراكز الوهم ما أسهل التغنى بالكلمات.. لا يوجد حالة إجرائية واحدة اتخذت فى قطاع الشباب ولا يوجد شىء واحد محدد الملامح فى برنامج الحكومة الذى يخلو من وجهة نظر أحمد عبدالهادى رئيس حزب الشباب من مشروع يستوعب قدرات الشباب، فالآليات الموجودة فى وزارة الشباب كان ممكن استغلالها داخل بيان الحكومة، ولكن حتى اللحظة الراهنة لم تتقدم الحكومة بمشروع قومى للشباب، بل خلا البرنامج من أن لائحة تنفيذية لتفعيل دور الشباب على مستوى الجمهورية. مؤكداً أن الخطة الإجرائية لو اعتمدت على الميزانية التى يتم ضخها فى مراكز الشباب لاختلفت المسألة تماماً. ولكن الواقع المرير يثبت أن مراكز الشباب لا تستقبل الشباب ولكنها مازالت وستظل المراكز حكرًا على مجموعة محددة من الشخصيات تعمل وفقاً لمصالحها الشخصية فقط. فالبرنامج مجرد فرقعة إعلامية لمجرد طرحه على البرلمان والرئيس.