ليست واحدة، بل اثنتان ينتظر الغرب لكي يلتهمهما وينعم بهما وحده.. نقصد في ليبيا الآن اكثر من تورتة واحدة.. بل اكثر وأي واحدة منهما شهية.. الأولي هو تورتة اعمار ليبيا فقد استمر القصف الجوي لمدن ليبيا الشهور الطويلة.. وساعد علي طول الدمار عنف المقاومة التي كان يبديها القذافي.. كأنه كان يطبق سياسة الأرض المحروقة.. أو كان يقول: أنا وبعدي الطوفان. كان يتمركز بقواته وبكل أمواله في المدينة. ولا يتركها إلا بعد أن تدمرها قنابل طائرات الناتو.. أو تحرقها قذائف الثوار.. فالكل شارك في تدمير الكل.. ومن يتجول اليوم في أي مدينة ساحلية علي امتداد البحر المتوسط من شرق مدينة بني غازي الي غرب مدينة طرابلس.. أو حتي يندفع الي الداخل يجد الدمار كله.. ولا يصلح فيه الا استكمال الدمار ليعاد البناء من جديد.. ليس المباني السكنية وحدها ولكن كل مرافق البنية الاساسية من طرق ومطارات ومحطات كهرباء وشبكاتها.. ومحطات المياه وشبكتها. والمدارس والمباني الحكومية. ونتذكر هنا العراق، وما جري له.. ثم اسراع الكل من شرق آسيا.. الي اوروبا.. وامريكا.. مروراً بدول الشرق الأوسط من تركيا ولبنان وسوريا ودول الاتحاد السوفيتي السابق. حقيقة كان لمصر وشركات المقاولات فيها «بعض من نصيب» بسبب اشتراك مصر في عملية تحرير الكويت.. ونتذكر أيضا اعادة تعمير الكويت وتكالب الشركات الاجنبية علي هذه الكيكة الدسمة.. والفلوس جاهزة!! ولم تحصل مصر إلا علي أقل القليل، سواء من عمليات تعمير الكويت.. ثم من عمليات تعمير العراق بعد ذلك.. ونفس الشيء نتوقعه.. وبالذات من دول الجنوب اوروبا، اي من الشاطئ الاوربي الآخر، وبالذات من ايطاليا التي مازالت تعتبر ليبيا جزءاً حيوياً من مجالها الحيوي منذ قرن من الزمان. ولم تنقطع ذراع ايطاليا في ليبيا، سواء قبيل الاستقلال عام 1951.. أو حتي بعد الاستقلال.. بل وزادت علاقات ليبيا بعد الثورة عام 1969 في كل المجالات.. حتي في ارتداء القبعة الايطالية!! وكانت ايطاليا تحصل علي نصيب الاسد من حجم التعامل التجاري الليبي. ولهذا كانت ايطاليا تقود عمليات حلف شمال الاطلنطي في سماء ليبيا.. التي كانت تنظر اليها ايطاليا علي ان العودة الي ليبيا تعني احياء الامبراطورية الرومانية القديمة.. وتحيي أيضا حلم موسوليني!! ثم هناك فرنسا.. وكانت تحصل علي المركز الثاني في حجم التعامل التجاري في ليبيا.. وكانت الشركات الفرنسية تصول وتجول هناك كما تريد.. ثم هناك اسبانيا وما أدراك ما هي احلام اسبانيا في ليبيا لتسهم في انعاش الاقتصاد الاسباني.. وهنا لا يمكن تجاهل الحلم الامريكي في ان تحصل شركاتها علي حصة محترمة من عمليات تعمير ليبيا.. ولما كانت الحرب الاهلية التي استمرت 8 أشهر قد استنزفت مخزون السلاح الليبي، سواء من طرفي الصراع: القذافي وقواته والثوار وقواتهم.. ولما كانت ليبيا تحلم بدور كبير فانها سوف تحتاج إلي اعادة بناء قواتها المسلحة: البحرية والجوية والبرية لتتفق مع دورها القادم. ولو كانت ليبيا دولة فقيرة لما سمعنا ما سمعناه. ولكن لانها ثالث دولة منتجة ومصدرة للبترول في افريقيا - بعد نيجيريا والجزائر - فإن عائدات البترول تصل إلي 60 مليار دولار وأكثر. وحتي إذا لم تستطع ليبيا استعادة مئات المليارات المهربة قريبا فانها يمكن ان تسحب علي المكشوف كما تشاء.. أو أن تدفع من بترولها للوفاء بثمن ما تريده من سلاح أو اعادة تعمير هكذا اصبح البترول نقمة علي بلاده.. بعد ان كان يفترض ان يصبح نعمة لصالح شعوبها.. وسوف تستغرق عمليات اعادة التسليح.. وعمليات اعادة التعمير سنوات وسنوات.. بل سوف تتصارع تلك الدول علي الاثنين معا: التسليح والاعمار.. ولكن هذا الصراع لن يصل الي حد الاشتباك. وهكذا تسترد الدول المستوردة الثمن الذي دفعته لهذا البترول العربي.. تماماً كما فعلت في الكويت.. ومع العراق.. ثم استردت الحصة الاكبر عندما رفعت اسعار ما تستورده الدول البترولية في شكل ارتفاع اسعار ما تصدره الدول الكبري لهذه الدول من منتجات صناعية أو غذائية أو حتي مصانع جاهزة للبيع. ويخطئ من يعتقد ان الدول المستوردة للبترول تخسر عندما تشتري البترول بأسعار عالية.. لأنها ترفع في المقابل ثمن ما تصدره للدول المنتجة للبترول. وعلينا ان ننتظر هجمة شرسة علي ليبيا في الايام القادمة سعيا وراء تورتة التعمير.. وتورتة التسليح.. وافرحوا يا عرب البترول.