جوليو ريجينى اسم لم يعد مرتبطاً بشخص، بقدر ما صار عنواناً لأكبر أزمة تواجه مصر حالياً. والأزمة كبيرة وخطيرة، ليس فقط لأنها تهدد مستقبل العلاقات بين مصر وإيطاليا، أحد أهم حلفائها في دول الاتحاد الأوروبي،ولا لأن تداعياتها ستلقي بظلال سلبية كثيفة علي سمعة مصر الخارجية. ففوق كل ما سبق، تحمل الأزمة، رائحة بارود حرب استخباراتية مستعرة في القاهرة.. قلب مصر، ربما تكون قادمة من السفارة الأمريكية. فكل الدلائل تشير إلى أن هناك ألاعيب من المخابرات الأجنبية ظهرت على سطح الأحداث منذ فترة، وما تواجد الإرهابيين في سيناء وقيامهم بكل هذه العمليات إلا دليل على انهم يتلقون دعماً استخباراتياً ضخماً من أجهزة مخابرات دول عدة، نفس الحكاية تتكرر مع الإرهابيين القابعين حالياً في ليبيا بالقرب من حدودنا الغربية. ولكن تبقى عملية قتل الشاب الإيطالي «ريجيني» مثالاً مرعباً على تطور الأعمال المخابراتية ضد مصر، لأنها وقعت في قلب القاهرة، ولأنها- أيضاً- تدار باحترافية كبيرة منذ لحظتها الأولى وحتى الآن. فقاتل «ريجيني»- أياً كان اسمه أو وظيفته أوجنسيته- هو عميل بامتياز لجهاز مخابرات أجنبي يسعي بكل قوته إلى تدمير مصر، وقطع كل شرايين التواصل مع حلفائها في المنطقة، وجرها إلي صدامات ومعارك، تشتت تركيزها، وتشغلها عن طريق البناء والتنمية، وتكلفها كثيراً من سمعتها الدولية. وليس خافياً على أحد أن حادثة مقتل «ريجيني» تدار منذ بدايتها بشكل احترافي كبير، فالبداية كانت يوم 25 يناير الماضي، وهو يوم شهد زخماً كبيرا، وأنباء متواترة عن تظاهرات غاضبة تردد أن شوارع القاهرة ستشهدها في هذا اليوم. وفي ذات اليوم كانت مصر كلها تحت مراقبة عدسات الإعلام العالمي، التي تسابقت في رصد أنفاس القاهرة، وتصوير قوات الأمن المتمركزة في بعض مناطقها، والمفاجأة أنه في اليوم الذي شهد كل هذا الزخم، اختفي «ريجيني»!، أي أن اختفاءه كان في يوم مشهود. وكذلك كان ظهور جثته يوم 3 فبراير الماضي في يوم مشهود أيضاً.. ففي هذا اليوم كان وفد إيطالي رفيع المستوى في زيارة مصر، وكان منتظراً أن يوقع اتفاقيات تعاون عديدة مع مصر، ولكن فجأة ظهرت جثة «ريجيني».. كانت ملقاة على قارعة الطريق ونصفها السفلي عار تماماً وآثار التعذيب توحي من أول وهلة بأن الشاب الإيطالي تعرض لتعذيب بشع، وأنه مات على أثره. وكان طبيعياً والحال هكذا، أن يقطع الوفد الإيطالي زيارته لمصر، دون أن يوقع أي اتفاقيات، وأن يغادر القاهرة غاضباً. ومن يومها، بدأت أصوات عديدة تلقي زيتاً على الأزمة لتزيدها اشتعالاً، حتى وصلت إلى استدعاء إيطاليا سفيرها من القاهرة. ولعبت صحف إيطالية ودولية دوراً خطيراً في زيادة هوة الأزمة، وكان في مقدمتها صحيفة «ريبوبوكلا» الإيطالية التي زعمت أن لديها أدلة بالصوت والصورة لشهود وتسجيلا لمكالمات بين رجال شرطة مصريين تحدد المتورطين في قتل الشاب «ريجيني».. وقالت الصحيفة إنها حصلت على تلك الأدلة من طرف ثالث. لم تحدد الصحيفة اسم هذا الطرف الثالث، ولكن داليا زيادة، مدير مركز المصري للدراسات الديمقراطية، قالت ل«الوفد» إنها تواصلت مع صحفيين ونشطاء حقوق الإنسان في إيطاليا، وأنهم أكدوا لها أن هذا الطرف الثالث الذي قصدته الصحيفة هو شخصية صحفية مصرية تقيم حالياً خارج مصر وهو الذي أرسل "إيميل" زعم فيه أنه حصل على معلومات تصف الطريقة التي تم بها تعذيب «ريجيني» وأين تم ضربه، وكيف تم التخلص منه. وتؤكد «زيادة» أن الإيميل الذي أرسله الطرف الثالث يحوي كلاماً كاذباً وخيالات مريضة لا علاقة لها بالحقيقة.. وقالت: « التحقيقات ستكشف كذب كل هذه المزاعم». المهم أن صحفاً ايطالية أخري دخلت على نغمة وجود فيديوهات وتسجيلات لمكالمات تليفونية، وزعمت هي الأخرى، وجود تسجيلات من هذا النوع. إذًا الحكاية كلها توحي بوجود عمل مخابراتي ضخم، تم تنفيذه في قلب القاهرة.. والسؤال: من الذي يمكن أن يكون وراء هذه الجريمة الخطيرة؟.. يجيب اللواء محمد رشاد، الوكيل الأسبق لجهاز المخابرات العامة، «رغم أن حادثة مقتل ريجيني لا تزال غامضة إلى حد كبير، وبالتالي لا يمكن الحزم وتحديد الجاني، ولكن بشكل عام فإن مصر، تعد هدفاً لكل أجهزة الاستخبارات العالمية، فالمنظومة الاستخباراتية الأجنبية تنشط في الدول التي تشهد عدم استقرار سياسي، أو تلك التي تعاني هزالاً اقتصادياً، وكلتا الحالتين تعاني منهما مصر، منذ ثورة يناير 2011، ولهذا فالمؤكد أن أجهزة استخباراتية عديدة نشطت في مصر منذ ذلك الحين، والمتوقع أيضا أن تكون قد نجحت في تجنيد عملاء لها في مصر، وأول من تسعى أجهزة المخابرات لتجنيدهم هم العاملون بمنظمات حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني». ويضيف: «المخابرات الأمريكية على وجه التحديد، لها خبرة كبيرة في تجنيد عملاء داخل منظمات المجتمع المدني، وتعتبر تلك المنظمات إحدى أذرعها داخل الدول المختلفة». وكر التجسس والواقع يقول إن المخابرات الأمريكية على وجه التحديد، هي الأكثر نفاذاً في مصر، ليس فقط بسبب منظمات المجتمع المدني- كما يقول اللواء محمد رشاد- ولكن لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية لها مركز تجسس ضخم في قلب القاهرة وهو السفارة الأمريكية القابعة في حي «جاردن سيتي». ففي قلب السفارة مكتب لجهاز المخابرات الأمريكية، ومكتب آخر تابع للمباحث الفيدرالية الأمريكية، وهو جهاز يشبه جهاز الأمن الوطني في مصر، ولكن واشنطن أقامت له مكتباً في قلب سفارتها بالقاهرة! والمباحث الفيدرالية الأمريكية لها 55 مكتبًا في جميع أنحاء العالم، منها 9 مكاتب في أفريقيا وحدها.. أغلبها في الشمال الأفريقي، حيث توجد في المغرب والجزائر وتونس وليبيا.. ويبقى مكتب القاهرة هو الأكبر في القارة السمراء. وكشفت وثائق «ويكيليكس» أن السفارات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، تقوم على أساس «السفارة الحاكمة أو القائدة»، حيث تمتلك أذرعًا متغلغلة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والأمنية، وهذا التغلغل يحدث بالترغيب حيناً، وبصرف مبالغ مالية ورواتب شهرية ضخمة حيناً آخر. اهتمام قديم لم يكن اهتمام المخابرات الأمريكية بمصر حديث العهد، فقبل ثورة يوليو 1952 بدأت المخابرات الأمريكية تتحسس موضع قدم لها في مصر، وأرسلت عددًا من رجالها للعمل في القاهرة، تحت ستار البيزنس، فدخلوا مصر على أنهم مستثمرون. ونجح أحد هؤلاء، وهو ضابط من المخابرات الأمريكية مايلز كوبلاند في إجراء اتصالات مع أعلي القيادات المصرية، خاصة- جمال عبدالناصر- قبل أن يصبح رئيساً.. وهو ما اعترف به «كوبلاند» في كتابه «اللاعب واللعبة» وتغلغل «كوبلاند» أيضاً في الوسط الصحفي، ونجح في أن يخلق مركز دعاية للولايات المتحدةالأمريكية في إحدي الصحف المصرية التي وصفها جمال عبدالناصر في ذلك الوقت بأنها وزارة خارجية أمريكية تحت الأرض. وفي العهد «الساداتي» تزايد الوجود الأمريكي، بعدما جعل «السادات» من مصر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة.. وفي مقابل ذلك حسبما يقول الصحفي الأمريكي بوب وود في كتابه «الحجاب»،قامت أمريكا بتزويد السادات بمعدات إلكترونية متطورة وامكانيات بشرية لكشف محاولات الانقلاب عليه، كما ركبت أجهزة التنصت في العديد من المواقع الحساسة. وكان الرئيس «السادات»- كما يقول «بوب»- يعامل رجال المخابرات الأمريكية كما لو أنهم رجاله في بعض الأحيان! ورغم هذا التقارب، لم يرتم «السادات» بشكل كامل في أحضان الأمريكان، بل كان علي الدوام يلاعبهم، مستعيناً بما لديه من مكر ودهاء، وهو ما عبر عنه في مذكراته وليام كولبى مدير المخابرات المركزية الأمريكية (خلال الفترة من 1973 حتى 1976) بقوله: كان «السادات» بالنسبة لنا ثميناً للغاية.. كان من النوع الذي تدفع له الوكالة لتسيطر عليه، ولكنه فتح بلاده للمخابرات المركزية وللمصالح المشتركة.. وهو في الوقت نفسه خطر جداً، فهو يشبه شارعاً له اتجاهان يمكن أن يصيب أحداً علي جانبيه، ورغم ذلك فشلت المخابرات الأمريكية في إقناعه بتوقيع اتفاقية لتحويل «رأس بناس» إلي قاعدة أمريكية، ومنع المخابرات الأمريكية من التغلغل في الجيش، ورفض اقتراحها بأن تراقب له كبار الضباط وتتنصت علي مكالماتهم.. ثم كانت الفضيحة الكبري للمخابرات الأمريكية بعدم قدرتها علي التنبؤ باغتيال «السادات». ومن هنا طلب وليام كيس، مدير المخابرات الأمريكية السابق، إضافة مزيد من المصادر البشرية والإلكترونية للسفارة الأمريكية في القاهرة. حكاية الI).B.F) رصدت العديد من الدراسات عدداً من الأحداث المريبة التي سبقت إقامة مكتب لجهاز المباحث الفيدرالية في السفارة الأمريكيةبالقاهرة.. أول هذه الأحداث وقع في عام 1987، بعد أن فشلت أجهزة الأمن المصرية في القبض علي التنظيم السري الذي أطلق علي نفسه «تنظيم ثورة مصر» الذي قام بالعديد من العمليات ضد بعض أعضاء السفارة الإسرائيلية من عملاء «الموساد»، وكذلك بعض أعضاء السفارة الأمريكية من عملاء جهاز المخابرات الأمريكي C.I.A أصرت الولاياتالمتحدة علي إرسال فريق أمني رفيع المستوي قيل إنه تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ورغم أن هذا الفريق الأمني ظل في مصر عدة أسابيع قام خلالها بالتحري وجمع المعلومات، فإنه لم يطلع الجهاز الأمني المصري علي أي تفاصيل أو نتائج توصلوا إليها ولكن بعد أن تقدم عصام نور الدين شقيق محمود نور الدين «قائد تنظيم ثورة مصر»، بنفسه وبإرادته الي السفارة الأمريكية؛ ليبلغها عن التنظيم الذي يعمل به، فاحتجزت السفارة الأمريكية «عصام» لمدة أسبوعين وقاموا باستقدام مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ووفد أمني رفيع المستوي من الولاياتالمتحدة وظلوا يحققون مع عصام نور الدين حتى حصلوا علي جميع المعلومات، ثم قدموها إلي أجهزة الأمن المصرية التي قامت بعد ذلك بالقبض علي أعضاء التنظيم وتقديمهم للمحاكمة. وأثناء محاكمة أعضاء التنظيم في ديسمبر 1987 وجه عادل أمين، محامي أحد المتهمين، سؤالاً إلي زكي بدر، وزير الداخلية- آنذاك- عن حقيقة وجود فريق أمني أمريكي تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالية وأنه هو الذي قدم المعلومات إلي جهاز الأمن المصري عن حقيقة «تنظيم ثورة مصر»، إلا أن زكي بدر لم ينف ولم يؤكد هذه الحقيقة. وفي إبريل 1995، وقع حادث تفجير «مركز التجارة العالمي» الذي اتهم فيه عدد من أفراد الجماعات الإسلامية من الدول العربية والإسلامية، كان علي رأسهم الدكتور عمر عبدالرحمن، أمير الجماعة الإسلامية في مصر- وقتها- وعقب هذا الحادث قام فريق تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بزيارة سرية إلي مصر، ومكث بها عدة أسابيع وتمكن من الوصول إلي أحد المتهمين وهو محمود أبوحلمية، وتم خطفه و ترحيله من مصر إلي أمريكا وتقديمه للمحاكمة. وفي عام 1996، وقعت حادثة غريبة أمام الباب الرئيسي لفندق «سميراميس» المطل علي النيل، هاجم شاب من الجماعة الإسلامية سيدة أمريكية وقتلها طعناً بالسكين، وتبين فيما بعد أن هذه السيدة الأمريكية تابعة لجهاز المخابرات الأمريكي، وأنها جاءت إلي مصر في مهمة سرية وغامضة، ولم تعترف السفارة الأمريكيةبالقاهرة بالنتائج التي توصلت إليها أجهزة الأمن المصرية، فقررت إرسال فريق أمني تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي لتقصي الحقائق للوصول إلي دوافع الجريمة وحقيقة مرتكبها. وفي يناير عام 1997، وصلت إلي الولاياتالمتحدة عدة رسائل ملغومة عليها طوابع بريد مصرية، وتبين أنها مرسلة من مكتب بريد بالإسكندرية، وطلبت أجهزة الأمن المصرية من السلطات الأمريكية إرسال هذه الرسائل الملغومة لمعرفة هل هي مرسلة بالفعل من الإسكندرية ومضاهاة الأختام الموجودة عليها بالموجودة في مصر، إلا أن سلطات الأمن الأمريكية رفضت ذلك وتجاهلت الطلب المصري، وأرسلت فريقاً أمنياً تابعاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي للتحري وجمع المعلومات والتحقيق حول دوافع الجريمة وحقيقة مرتكبها، ولم تعلن أجهزة الأمن المصرية أي تفاصيل عما توصلت إليه أجهزة الأمن الأمريكية. وبدون سابق إنذار وصل إلى مصر يوم الجمعة 14 فبراير 1997 لويس فرييه، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، ليؤسس مكتباً للتحقيقات الفيدرالية الأمريكية في قلب السفارة الأمريكيةبالقاهرة. وبالفعل تم تخصيص مكتب لل(I.B.F) داخل مقر السفارة الأمريكية، وتخصص له الدور السادس بالسفارة، ورغم أن السفارة الأمريكية تعمل خمسة أيام في الأسبوع، فإن مكتب ال(I.B.F) يعمل طوال أيام الأسبوع دون توقف، ويتولى هذا المكتب الإشراف علي أمن المناطق السكنية للأمريكان في مصر بتسيير 11 دورية راكبة بالمناطق التي يقيم بها الأمريكان، خاصة وسط البلد والمعادي.. حسبما تؤكد تصريحات المسئولين الأمريكان أنفسهم. فمكتب F.B.I بالقاهرة يحظي بسمعة جيدة بين الأجهزة الأمنية الأمريكية علي حسب تأكيد روبرت موللر، المدير العام لمكتب التحقيقات الفيدرالية، أمام الكونجرس الأمريكي، فإن مكتب القاهرة أنجز ما لم ينجزه مكتب من مكاتب الجهاز الخمسة والخمسين المنتشرة حول العالم. وليس هذا فقط، فحسب تقارير الخارجية الأمريكية، فإن مكتب القاهرة بالتنسيق مع الحكومة المصرية شارك أجهزة الأمن المصرية في العديد من التحقيقات الخاصة بأحداث 11 سبتمبر 2001 وفي بعض الأحيان، كان يرسل عدداً من المتهمين إلي القاهرة للتحقيق معهم وإعادتهم إلي نيويورك مرة أخري، وكذلك نجح المكتب في الصعود إلي السفن المارة بقناة السويس لتفتيشها عقب حادث المدمرة الأمريكية «كول» في أكتوبر عام 2000. وشيئا فشيئا، تحولت السفارة الأمريكية إلي أكبر مركز للتجسس علي مصر، بعدما كدست داخلها أحدث أجهزة التنصت والتجسس.. بعض تلك الأجهزة تم إخفاؤه في مكعبات تبدو وكأنها جزء من المبنى، ولكنها أجهزة تم تصنيعها من مواد «لينة» باللون الرمادي أو الأبيض.. ويقال إن لها قدرات عالية على تسجيل كافة المكالمات التليفونية في أي مكان بمصر، خاصة أنها متصلة بالقمر الصناعي الأمريكي. ضد القانون وبينما تلتزم القاهرة الصمت في مواجهة وجود مكتب للتحقيقات الفيدرالية في سفارة على أراضيها خاصة، يؤكد رجال القانون أن ذلك يعد مخالفة صارخة لاتفاقية «فيينا» للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961 والتي تعد الاتفاقية الحاكمة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول. وهذه الاتفاقية الدولية تمنح عدة مزايا وحصانات لأفراد البعثة الدبلوماسية في كل بلد، مؤكدة أن الغرض من هذه المزايا والحصانات، ليس تمييز أفراد، وإنما تأمين أداء البعثات الدبلوماسية لأعمالها على أفضل وجه. وتحدد هذه الاتفاقية ، وظيفة البعثات الدبلوماسية في 5 مهام محددة، تشمل تمثيل الدولة المعتمدة لدى الدولة المعتمد لديها وحماية مصالح الدولة المعتمدة وكذلك مصالح رعاياها لدى الدولة المعتمد لديها في الحدود المقررة في القانون الدولي، إضافة إلى التفاوض مع حكومة الدولة المعتمد لديها، والتعرف بكل الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمد لديها وعمل التقارير عن ذلك لحكومة الدول المعتمدة، بخلاف تهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها. والواضح تماماً أن المهام الدبلوماسية ليس من بينها أعمال التجسس أو تجنيد عملاء كما تفعل السفارة الأمريكية في القاهرة. وتشدد الاتفاقية ذاتها على أنه لا يجوز للبعثة الدبلوماسية تركيب أو استعمال محطة إرسال بالراديو إلا بموافقة حكومة الدولة المعتمد لديها.. ومع ذلك تستعين البعثة الأمريكية في مصر بأحدث الأجهزة الإلكترونية التي يمكنها التنصت على كل شيء في أي زمان ومكان. ويؤكد الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية، أن وجود أجهزة تنصت في السفارة الأمريكية يمثل مخالفة قانونية صارخة وانتهاكاً كبيراً للسيادة المصرية.