على أحد المقاعد بمحكمة زنانيرى جلست «شيماء» الزوجة العشرينية وفى يدها حافظة معبأة بالأوراق والمستندات والمحاضر صامتة وعلى وجهها نحت الحزن الشديد علاماته، وبالرغم من صغر سنها بدت أكبر بكثير، وبصوت حزين بدأت كلامها عن معادلة صعبة بالنسبة للرجل حينما يقف حائرًا بين طرفين مهمين فى حياته أمه وزوجته.. كثيرا ما سمعتُ عن الحرب الباردة بين الزوجة وأم الزوج (الحماة)، وللأسف الشديد عشت هذه الحرب وشعرت بأنها غاضبة منى وتكرهنى لأننى تزوجت ابنها بدلا من إحدى قريباتها. كنت أعتقد وأنا فى سن المراهقة أن الحماة أو أم الزوج هى العلاقة الوطيدة التى ستربط بينى وبين زوجى وهى الأم الثانية التى سألجأ إليها فى حال وجود مشاكل بينى وبين نجلها، ولكن لم يبق من لفظ الحموات سوى نكد وهم وخراب بيوت.. تستكمل شيماء كلامها: نشأت فى أسرة هادئة كان والدى بالرغم من صغر سننا يعاملنا باحترام ودائما يحاول أن يغرس بداخلنا احترام الذات والسلوك المتحضر لدرجة أنه قام بالاشتراك لنا فى كورسات لدراسة الاتيكيت بإحدى المكتبات الشهيرة بالقاهرة مرت أيامنا هادئه نحظى بحب جيراننا وأهلنا.. ووصلت إلى المرحلة الجامعية حينها حاول الكثير من زملائى التودد إلى لكنى لم أشعر تجاههم بشىء سوى أنهم زملاء لى فى مرحلة الدراسة وفى السنة النهائية بالجامعة تم عقد قران إحدى صديقاتى بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة وهناك لاحظت أن أحد الشباب كان يراقبنى لكنى لم أعره اهتماما وبعد مرور عدة أسابيع فوجئت بصديقتى تخبرنى بأن ابن عم زوجها يريد أن يرتبط بى بعد أن شاهدنى فى حفل زفافها، وأخبرت أسرتى بما حدث فحدد والدى موعداً للقائه وعندما قابلته شعرت بالارتياح له، وتمت الخطبة فى حفل عائلى كانت والدته وشقيقاته سعيدات بهذه الزيجة ودائمات الاتصال بى والتودد إلىّ وشعرت بأننى وسط أهلى وتصورت اننى حظيت أخيرا بشقيقات لى فى الحياة، وبعد شهور قليلة تم عقد قرانى فى إحدى قاعات المناسبات ثم سافرنا لقضاء شهر العسل وتصورت خلال هذه الأيام بأن حياتى ستظل على هذه الوتيرة لكن تأتى الرياح دائما بما لا تشتهى السفن، فبمجرد عودتى من السفر وجدت حماتى داخل شقتى دون علمى تجلس مع بناتها دون استحياء أكد زوجى أنهم حضروا للاطمئنان علينا وحاولت أن أتخطى الموقف وألا أقف أمامه كثيرا حتى لا أتسبب فى مشاكل وبمرور الأيام اكتشفت ان حماتى متسلطة جدا تريدنى أن أكون كما تشاء وتلبسنى كما تشاء وهى عنيدة لا تقتنع ولا تفهم ودائماً ما تتدخل بينى وبين زوجى، حتى فى أشيائنا الشخصية، حتى ترتيب غرفتى الخاصة. استمر زواجى ثمانية أشهر رأيت فيها الموت بعينى أكثر من مرة بسبب تدخل حماتى المبالغ فيه فى أمورنا الشخصية، رغم أنها تعمل بإحدى الوزارات المهمة وتشغل منصبا مهماً، ومن المفترض ألا يوجد لديها وقت لكيد الحموات التى نراه فى الأفلام. وأكملت: ليت الأمر اقتصر على ذلك، فقد حاولت أقناع زوجى بتركى للعمل، لكنه رفض فقامت باستغلال قوتها وقام أحد معارفها بالتسبب فى فصلى من العمل، ولم يجرؤ زوجى أن يأخذ لى حقى. واستطردت الزوجة حديثها: قررت مع زوجى أن أتحدث إلى والدته لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى نقطة تلاقى نستطيع من خلالها بدء الحياة مرة أخرى بهدوء وبدلا من أن تستمع إلىّ قامت باستدعاء بناتها الثلاث ورأيت الشر بأعينهن، وقامت بتوجيه سيل من الشتائم ضدى واتهمتنى بمحاولة خطف ابنها منها، بسبب قيامى بحذفها من قائمة الأصدقاء ب«الفيسبوك» لتعليقاتها وسبها دائما لى ولأصدقائى، وبعدها لم أشعر إلا وأنا فى المستشفى بين الحياة والموت. وعندما أفقت اكتشفت ان حماتى وبناتها الثلاثة اعتدين علىّ بالضرب، ما تسبب فى إصابتى بعاهة مستديمة، جعلتنى امكث شهرين بالمستشفى، قامت أسرتى بتحرير محضر بقسم الشرطة ضدهن وفور خروجى من المستشفى أقمت دعوى طلاق فقد تحولت حماتى إلى قنبلة متفجرة فى حياتى. وفى نهاية كلام الزوجة أكدت أنها لن تترك حقها قائلة ما زلنا أنا وهى أمام أقسام الشرطة والنيابة بعد أن تسببت بتشويهى، ولكنى لن أعيش مع ابنها يوما آخر وأنا أحمل لقب زوجته فهو لم يستطع حمايتى من حماتى.