اجتاحت امس موجة غضب عارمة معظم دول العالم احتجاجا على تردى الأوضاع الاجتماعية وارتفاع نسبة البطالة وسط صفوف الشباب وانتقل اعصار وول ستريت من الولاياتالمتحدة الى أوروبا وسط هتافات المحتجين الغاضبين مطالبين بعدالة اجتماعية رافعين شعارات، ومرددين هتافات مناهضة لسياسات حكومات بلادهم. تظاهر مئات الآلاف فى عدة مدن من دول العالم تلبية لدعوة حركة «الغاضبون» في العالم بأسره احتجاجا على ضيق الأوضاع نتيجة الأزمة وتنديدًا بنفوذ أوساط المال، على امل اعطاء بعد دولي لهذه الحركة غير المسبوقة التي انطلقت في اسبانيا الربيع الماضي. ودعا «الغاضبون» الى تظاهرات في 719 مدينة من 71 بلدا تمتد من مدريد الى نيويورك بحسب موقع 15 اكتوبر. نت، فيما يراهنون على توزيع واسع لشعارهم «موحدون من اجل التغيير العالمي» عبر الشبكات الاجتماعية. ودعت حركة «احتلوا وول ستريت» التي ظهرت في الولاياتالمتحدة في ظل البطالة المتفشية بين الشباب وتزايد الفوارق الاجتماعية، الى تجمع في ساحة تايمز سكوير في نيويورك. ونزل «الغاضبون» في أوروبا الى الشارع في العديد من المدن منها لشبونة حيث ظهرت حركة «جيل هش» التي يعرف عنها على أنها بادرة للتعبئة المطلبية، وينتظر تجمع ما بين آلاف ومئات آلاف المتظاهرين في بروكسل حيث ستصل مسيرة عبرت اسبانياوفرنسا، وفي زوريخ وجنيف وبازل حيث سيستهدف المتظاهرون سلطة المصارف، وفي ساحة البورصة في امستردام كما في فيينا ووارسو وبراغ. يطمح «الغاضبون» وغيرهم من المجموعات الاحتجاجية بعد 5 اشهر على ولادة هذه الحركة في 15 مايو في مدريد، الى جعل يوم 15 اكتوبر يومًا رمزيًا يستهدف اعلى المراجع المالية مثل وول ستريت وحي «سيتي» المالي في قلب لندن والبنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت. واتجه جميع المتظاهرين من الاطراف والضواحي في مدريد الى ساحة بويرتا ديل سول التي احتلوها على مدى شهر في الربيع، على ان يبيتوا فيها على مدار يومين. وجاء في بيان يدعو الى تجمعات في كل انحاء اسبانيا «سوف نعلن للسياسيين والنخب المالية التي يخدمونها ان مستقبلنا سنقرره بأنفسنا من الآن وصاعدًا». وقال جون اجيري سوتش المتحدث باسم الغاضبين في اسبانيا ان اتساع الحركة خاصة الولاياتالمتحدة «يثبت انها مسألة لا تعني اسبانيا فحسب بل العالم بأسره لأن الأزمة عالمية ولأن الأسواق تؤثر على الصعيد العالمي». وانتشرت الحركة الاحتجاجية بعد التظاهرات الكبرى التي عمت اسبانيا في الربيع، الى عدد من البلدان حيث لقيت تأييدًا متباينًا من بلد الى آخر، مع بقاء التعبئة متدنية في فرنسا على سبيل المثال، ويأتى تحرك الغاضبين وسط شكوك بشأن استمرارية التحركات، عززها عدم وجود زعيم واضح لها ورفضها اي شكل من الهيكل السياسي واعتمادها الديمقراطية التشاركية في اقصى اشكالها. وقال ارنو زاكاري الرئيس السابق لمنظمة اتاك في بلجيكا ان «كلمة الغاضبون هي اقرب الى عنوان، فيما الرابط الذي يجمع بينهم لا يزال ضعيفا. ليس هناك مطالب مشتركة، وهذه نقطة ضعف الحركة». واعتبر الخبير الاقتصادي الفرنسي توما كوترو احد رؤساء منظمة اتاك انها ظاهرة تحمل وعودًا كبرى، تهدف الى إحداث تجديد عميق في شكل من اشكال تدخل المواطنين في السياسة. واضاف ان المواطنين لم يعودوا يرغبون في تفويض سياسيين او احزاب عنهم، فإنهم يعتزمون فرض وزنهم، كل من موقعه. يمكن القول إنها عودة الى اصول الديمقراطية. وأشار ارنو زاكاري الى ان التعبئة تصل الى ذروتها في الدول التي طاولتها الازمة بشكل مباشر، مشيرًا إلى اسبانيا كمثال .واضاف ان الولاياتالمتحدة هي البلد الذي انطلقت منه الأزمة وحيث عواقبها هي الاشد، ما يفسر التعبئة هناك ايضا. وتمكن «الغاضبون» من اسماع صوتهم في اسبانيا التي تعاني من نسبة بطالة قياسية وصلت النسبة الى 20,89 % مستندين الى دعم شعبي واسع، ونظموا مظاهرات نجحت في منع او على الأقل تأخير طرد عشرات الملاكيين الرازحين تحت وطأة الديون. كما نجح الغاضبون في انتزاع وعد من المرشح الاشتراكي للانتخابات التشريعية الفريدو بيريث روبالكابا باصلاح القانون الانتخابي لزيادة وزن الاحزاب السياسية الصغيرة.