مفارقة جديدة، ولقاء آخر، يجمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد بن خلفية آل ثاني، غدًا الخميس، في ختام مناورة رعد الشمال، التدريب العسكري الأضخم من نوعه، والذي يقام في مدينة الملك خالد العسكرية، برعاية المملكة العربية السعودية. ويشهد الرئيس السيسي، مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعدد من قادة الدول الخليجية والعربية والإسلامية، ومنهم أمير قطر آل ثاني، العرض الخاص بختام، المناورة. وظهرت التكهنات من جديد على السطح، بأن تكون رعد الشمال، بمثابة تمهيد لإزالة الخلاف والقطيعة بين مصر وقطر، برعاية المملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذي توقع حدوثه دبلوماسيون وخبراء الشأن السياسي، مؤكدين أن مصر تعتبر قطر شقيقة صغرى في المنطقة. عبدالله المغازي، معاون رئيس مجلس الوزراء السابق، رأى أن هناك إمكانية لإتمام مصالحة بين مصر وقطر خلال ختام رعد الشمال؛ وتكون برعاية السعودية أو الإمارات، فهما الدولتان اللاتي من الممكن أن يلعبا دورًا في إذابة الخلافات بينهما، وإتمام نوع من المصالحة. وأشار إلى أن قطر تعتبر دولة شقيقة لمصر، ومن مصلحة العالم العربي ألا تكون هناك خلافات بينهم، لأن الفترة تحتاج إلى توحد، ونبذ الخلاف، والارتقاء فوق مستوى الخلافات، والتعلم من التجربة الأوروبية، فألمانيا وفرنسا وإنجلترا خاضوا حروب طاحنة –أولى وثانية-، ولازالت علاقتهم مستمرة. وأوضح، أن هناك شروط لتلك المصالحة، أولها أن تعي قطر أن مصر هي من تقود الدول العربية، وألا تشكل قطر مظلات لبعض القيادات الهاربة التي تحرض ضد مصر من خلال منابر الدوحة الإعلامية، وعدم التدخل في شؤون مصر واحترام سيادتها. وشهدت العلاقات القطرية المصرية، جمودًا حادًا من الجانبين عقب ثورة 30 يونيو، ولم يلتق أمير قطر بنظيره المصري، سوى في مناسبتين، الأولى كانت يوم 28 مارس 2015، حينما استقبل السيسي آل حمد في مطار شرم الشيخ الدولي للمشاركة في أعمال القمة العربية ال26. وفي 30 نوفمبر، التقى السيسي عددا من رؤساء الدول العربية، على هامش مؤتمر التغيرات المناخية في باريس، ومنهم جلالة الملك عبدالله الثاني ملك الاْردن، وولي عهد البحرين، كما شهدت أروقة المؤتمر مصافحة بين السيسي وأمير قطر تميم بن حمد. وشدد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على ضرورة أن يكون هناك لقاء لتصفية الأجواء بين الجانبين، مشيرًا إلى أن السعودية دعت ملوك ورؤساء العالم لمشاهدة ختام مناورات رعد الشمال، وإزالة أي خلاف بين الدول العربية. ولفت، إلى أن الجانب المصري يتبع لغة الحوار والتفاهم، ولا يرفض أي تصالح أو تعاون مع الجانب القطري، مشيرًا إلى أن التصالح يتطلب تغيير سياسة الدوحة تجاة مصر، بعدم التدخل في شؤونها أو إيواء قيادات جماعة الإخوان، فضلًا عن ضرورة عدم شن حملات إعلامية مُغرضة. وتهدف مناورات رعد الشمال، إلى رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للعناصر المشاركة، حيث يبلغ عدد المشاركين نحو 350 ألف جندي، من 20 دولة، واستخدم في المناورات 2540 مقاتلة و20 ألف دبابة و460 مروحية ومئات السفن. وتوقع مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، أن يكون ختام المناورة، بداية لحدوث تفاهم بين الجانبين، لاسيما أن المناورة يشارك فيها أكثر من 20 دولة عربية وغير عربية، والتي قد تكن بداية أو تمهيد لانشاء قوة عربية مشتركة بينهم، الأمر الذي يتطلب بدوره إذابة الخلافات بين مصر وقطر. وأوضح، أنها قد تكون فرصة لتبادل الآراء حول الخلافات التي جمعت البلدين، خاصة وأن مصر وقطر دولتين عربيتان لهما دور مؤثر في المنطقة، وما بينهم من تجاذبات هو أمر طبيعي في العلاقات الدبلوماسية، مشيرًا إلى ضرورة ألا تفسد تلك القطعية العلاقات بينهم، خاصة وأن المنطقة العربية باتت مُستقطبة من باقي دول العالم. وشدد على حاجة الوطن العربي للتكاتف، ودحر الخلاف، لاسيما أن مصر وقطر ليس الدولتان المختلفتان فقط، فهناك تجاذب سعودي مصري بشأن الأزمة السورية، وهناك خلاف سعودي لبناني، وجزائري ليبي، وكلها أمور تضعف من القوة العربية.