47 حزبا و17 كتلة وائتلافا و20 حزبا تحت التأسيس، تعززها مدفعية التوك شو، كلما صدر بيان على الفيس بوك لحركة أو ائتلاف ما، أو تصريح من أحد قياداتها، دون أن يحاول أحد معرفة الوزن الحقيقي لكل فصيل وائتلاف على حدة، وهو ما يثير الكثير من اللغط والجدل عند تبلور أي موقف سياسي بشأن التطورات الجارية في البلاد. الملفت أن أحزابا وائتلافات لا تمتلك رصيدا في الشارع المصري تحاول احتكار التحدث باسم الثورة، بل تحديد خطوات الانتقال الديمقراطي من وجهة نظرها فقط، رغم أنها لا تمتلك سوى "شقة" و"صحيفة"، وبعضها لا يمتلك سوى "صفحة" على الفيس بوك، وثالث ليس له رصيد جماهيري سوى الإطلال على المشاهدين عبر برامج التوك شو. يشار في هذا الصدد إلى أن عدد الائتلافات الثورية بلغ أكثر من 250 ائتلافا، بعضها يضم بضعة أشخاص، وله صفحة "فيس بوكية"، وعددا من البيانات، والتي تكفل للموقعين عليها اكتساب صفة الثوار، والمناضلين، وتمنحهم الحق في التحدث باسم الشعب، وإملاء مطالبهم، بل التهديد بمقاطعة الانتخابات، و"حرمان الناخب المصرى من تواجدهم تحت قبة البرلمان". الواقعية السياسية تفرض النظر إلى الوزن الحقيقي لكل حزب أو ائتلاف، وتقييم رصيده لدى رجل الشارع، ومدى حقيقة تواجده على أرض الواقع، قبل تسليط الضوء على مطالبه، وإثارة الجدل حول مواقفه. حينما أعلن أكثر من 34 حزبا وحركة الانسحاب من ميدان التحرير في جمعة الإسلاميين 29 يوليو، لم يلتفت أحد -أو بشكل أكثر دقة- تم تجاهل النظر للخطوة وإخفاقها في إحداث أي تأثير على أرضية الميدان، الأمر الذي كشف الوزن الحقيقي لقوى وحركات وأحزاب هي الأكثر ضجيجا، لكنها الأقل رصيدا وتأثيرا. من باب التنويه لمن يرد تقدير الأوزان على الساحة، وقع على بيان الانسحاب المشار إليه كل من: حزب العمال الديمقراطى، والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، وحزب الوعى، وحزب التيار المصرى، وحزب الكرامة، والحزب الاشتراكى المصرى، وحزب مصر الحرية، وحملة حمدين صباحى، وائتلاف شباب الثورة، وائتلاف ثورة اللوتس، والجبهة القومية للعدالة والديمقراطية، وحركة المصرى الحر، واللجان الشعبية للدفاع عن الثورة، وحركة مشاركة، وحركة بداية، ورابطة الشباب التقدمى، واللجنة التنسيقية لتحالف حركات توعية مصر، وحركة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، والحملة المستقلة لدعم البرادعى، وشباب من أجل العدالة والحرية، وتيار التجديد الاشتراكى للمدنيين، والاشتراكيين الثوريين، وحركة كفاية، واتحاد شباب ماسبيرو، وحركة صحوة، واتحاد مصريات مع التغير، وحركة 6 إبريل، وحزب الجبهة الديمقراطى، وحزب المصريين الأحرار، وائتلاف فنانى الثورة، والمجلس الوطنى، والجمعية الوطنية للتغيير، وحزب التجمع. إزاء ذلك فإن "تقدير الأوزان" من خلال العودة إلى الشارع المصري بمدنه وقراه ونجوعه وعزبه - قبلى وبحرى- يكشف إلى حد كبير مدى هشاشة تلك الحركات، ومحدودية تأثيرها، وانحسار دورها تحت أضواء العاصمة، وانتقال قياداتها من استديو إلى آخر، ومن قناة إلى أخرى، ومن فيس بوك إلى تويتر. ومن الواقعية القول أيضا إن التيار الإسلامى بكل مكوناته وأطيافه هو الأكثر رصيدا لدى رجل الشارع، والأعلى تأثيرا ومصداقية، وهو ما يبرر حالة الفزع الليبرالى العلمانى مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، فضلا عن إحجام حركة مثل 6 إبريل عن ترشيح كوادرها، وتهديد أحزاب وحركات بمقاطعة العملية الانتخابية دون أن تلتفت لوزنها الحقيقى. المثير للدهشة أن العديد من الأحزاب والحركات ما زالت تعيش في ظلال الماضي، وتتغنى بأمجاد عبدالناصر وسعد زغلول، وبعضها يعيش تحت أضواء المعارك التي يشعلها رئيسه "السعيد" وقياداته، وهناك من يستخدم لغة المال ومدفعية التوك شو لبيع الوهم للجماهير واكتساب شعبية زائفة، وبعض الحركات لا تمتلك سوى التمويل الأجنبي، وائتلافات تبحث عن الشو الإعلامى، وقيادات كانت من أبرز المستفيدين من نظام مبارك، ونجحت في غفلة أن تتصدر مانشيتات الثورة. ومع اقتراب البلاد من إقرار خطوة انتقالية أو قانون جديد، تتمادى "قوى" في المطالبة بتأجيل الانتخابات البرلمانية، بل مطالبة العسكر بالبقاء حتى 2013، وهي الأمنية التي عبر عنها مؤخرا القيادي الليبرالي أسامة الغزالى حرب – العضو السابق بلجنة السياسات بالحزب المنحل-، مطالبا المجلس العسكري بالبقاء لمدة عامين قائلا "هو قاعد على نفسنا". من الأهمية إذاً، وقبل تقييم المواقف والتصريحات، النظر إلى الأوزان الحقيقية لكل فصيل، وقياس شعبيته بين المصريين، ومدى قدرته على كسب أصوات الناخبين، وهو الأمر الذي سيكشف إلى أين تسير بوصلته، والهدف من ورائها، وحقيقة موقفه من الثورة ودعم مسيرة الديمقراطية في البلاد؟!.