أهالي سيناء يطلقون عليه "الغريب" .. فلا اسم له ولا عنوان .. لكن ملامحه محفورة في ذاكرة أبناء سيناء حتي الآن . "الغريب" الذي لا يزال ينسج حوله أهالي مدينة العريش الأساطير والحكايات التي تعيد عطر البطولة والصمود . مثل الأنبياء الذين يظهرون وقت المحن والشدائد, ظهر بطل "التبة" المصري عقب نكسة 1967 م حين فوجئ أهالي مدينة العريش بسيارة جيب عسكرية تقف بجوار "التبة" في منتصف شارع 23 يوليو, ويخرج منها ضابط مصري في العقد الثالث من عمره برتبة رائد, ويكسو وجهه القمحي لون الحزن والحسرة ويبدو عليه أنه لم يفقد روح المقاومة رغم هول ما رآه، ملابسه العسكرية يملؤها الغبار وعليها آثار معركة لم تحسم بعد. الإنهاك الذي سيطر علي بطل "التبة" المجهول لم يتسلل إلي قوة نبرته التي نادي بها أهالي العريش لمساعدته علي إنزال وتثبيت قواعد المدافع التي يحملها في السيارة للصعود بها أعلي التبة. وبعد عدة دقائق كان "الغريب" خلف المدفع, قابضا بيده علي الذخائر قبل أن يظهر رتل من الدبابات العدو الإسرائيلي قادما من غزة متجها إلي عمق المدينة. وكان "الغريب" قابعاً خلف مدفعه في استقبالهم بوابل من النيران التي دمرت أربعة دبابات، حتي إن جنود الاحتلال ظنوا أنهم وقعوا في فخ يتكون من عدة مدافع وليس مدفع واحد. ولم تفلح محاولة إصابة موقع التبة الذي يقبع فوقه "الغريب" وراء مدفعه.. وهو وحيد يدافع لآخر ذخيرة معه, حتي إن ماسورة المدفع كادت أن تنصهر من شدة وكثرة الضرب, وأخيراً اضطر العدو الإسرائيلي إلي الاستعانة بالطائرات الحربية التابعة له، لتدمير مصدر النيران . وبالفعل قامت إحدي الطائرات الإسرائيلية من قصف الموقع بالكامل ليستشهد الضابط المصري المجهول . وحين تقدمت دبابات العدو الإسرائيلي لاستطلاع الموقع المدمر لمعاينته أذهلهم وجود أشلاء ضابط واحد وراء مدفعه, وهو ماجعل القائد العام للدبابات الإسرائيلية يقوم بإلقاء التحية العسكرية أمام أشلاء الضابط المصري المجهول .