تعتبر التجارب الحالية فى مجال الزراعة العضوية «الخالية من المبيدات والكيماويات الزراعية» تجربة جديدة إلى حد ما على سوق الإنتاج الزراعى فى مصر، حيث تأتى فى إطار السعى إلى خلق منظومة زراعية وغذائية جديدة تنطلق من البيئة وحدها دون تدخل أى عوامل أخرى فى هذا المجال من الإنتاج... وهو يحتوى على نسبة كبيرة من مضادات الأكسدة التى تساعد الجسم على الوقاية من الأمراض السرطانية، كما انها تحتوى على نسب أقل من «الكادميوم» والمبيدات. باختصار أن حلم تناول طعام صحى وآمن هو ما يجعل ل«الأورجانيك» زبائن كثر فى مصر. فى البداية حاولنا التعرف على تعريف للزراعات «الأورجانيك» أو الزراعة العضوية، والتى لم تخرج عن كونها نظام إنتاج، يستبعد استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات إلى أقصى حد ممكن، من خلال إعادة استخدام بقايا المحاصيل والمخلفات الحيوانية والأسمدة الخضراء، كسماد عضوى، واعتماد أسلوب المكافحة الحيوية، وتشمل جميع النظم الزراعية التى تشجع إنتاج الأغذية بوسائل سليمة بيئيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وتعتبر هذه النظم خصوبة التربة عنصرا أساسيا فى نجاح إنتاج غذاء آمن خال من المبيدات، فهى تشجع الاعتماد على القدرة الطبيعية المكتسبة فى مقاومة الأمراض والآفات. هذا مع العلم أن المواد «الأورجانيك» لا تقتصر على الخضار والفاكهة فهناك أيضا الألبان، والعصائر والأعشاب مثل الشاى الأخضر والينسون والنعناع والكركدية وأكياس التمر. وهناك قائمة لأسعار «الأورجانيك» ومن أهم الخضراوات يتربع كيلو البطاطس على رأس القائمة، يباع ب15 جنيها، وكيلو الكوسة ب13 جنيها، وكيلو الخيار ب13 جنيها، و12 جنيها لكيلو الطماطم والباذنجان الرومى و10 جنيهات لكيلو البطاطا. تجربة زراعية ناجحة ويحكى لنا الشاب كريم عبدالرحمن عن تجربته فى مجال زراعة الخضراوات الخالية من المبيدات والكيماويات: كانت مصر تشتهر فى الماضى بالزراعة وخاصة أيام الملكية حيث كانت بلدا زراعياً من الدرجة الأولى وتشتهر بالخضراوات والمحاصيل والفاكهة ولم يكن هناك احتياج للاستيراد. ومع مرور الوقت وبعد تقسيم الرقعة الزراعية، أصبح لايوجد منظومة وأصبح كل فرد يزرع ما يحب ويستخدم جميع أنواع المبيدات نظرا لغياب التوعية وعدم الإدراك لخطورة الأمر. ولذلك قامت مزرعة «طبيعى» المعروفة باسم مزرعة «عبدالرحمن على الباشا المنصورية»، بالعودة مرة أخرى الى الزراعة الطبيعية وهى زراعة نظيفة خالية من المبيدات والأسمدة الكيماوية وذلك بالاستعانة بخبرات مهندسين مصريين كانوا يحلمون مثلنا بهذا المنجز. وبدأنا بزراعة مساحات صغيرة للتجربة وعندما نجحنا قمنا بالانتقال الى مرحلة أكبر وهى زراعة مزيد من الأراضى مع تربية الطيور والماعز والخرفان والأرانب.. وكان الهدف الأساسى هو استخدام أسمدة طبيعية نظيفة وقد اعتمدنا فى تغذيتهم على العلف الآمن الذى يتم زراعته لدينا والمقصود هنا هو عمل حلقة مغلقة من الإنتاج و الاكتفاء الذاتى. دعم العائد من جانبها تقول الدكتورة ماجدة رمزى - أخصائى التغذية بالمعهد القومى للتغذية - إن الزراعة العضوية تحتاج إلى فهم جيد للقائمين على هذه المشروعات، والتركيز على المسئولية الأدبية، وأمانة العمل، والالتزام فى تنفيذ البرنامج, مع علمهم وإدراكهم بأساليب الرقابة على المنتجات الصادرة من مزرعته، والتى يتحدد على أساسها سعر المنتج وسمعة المزرعة، فعلى المزارع أو الشركات التى تنتج غذاء عضوياً، أن تكون مسجلة وخاضعة للتفتيش الدورى لدى جهة تفتيش، ومنح شهادات على المنتجات العضوية معتمدة وموثقة وتعمل تبعاً لمعايير الجودة الدولية. وأضافت أن نجاح أسلوب الزراعة العضوية فى إنتاج مطابق لمواصفات التصدير فى عدة محاصيل، وتسويق معظم هذه المنتجات فى الأسواق الخارجية مثل أوروبا واليابان والولايات المتحدة, وبيع بواقى التصدير فى السوق المحلى من الخضر والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية مشيرا الى امكانية انتشار هذا النوع من الزراعة مستقبلا مما يعزز منظومة زيادة الصادرات فضلا عن منع اللجوء لهذه الأنواع من السلع. وفى السياق ذاته قال الدكتور فهمى صديق – أستاذ التغذية بالمعهد القومى للتغذية وأمين عام جمعية حماية المستهلك- إن منتجات الزراعة العضوية، تحتوى على كميات عالية من فيتامين ج والحديد والماغنسيوم والفوسفور والمعادن الغذائية الهامة لصحة الإنسان، كما تحتوى على كميات قليلة من المعادن الثقيلة الضارة كالزئبق والرصاص، التى بها تأثير ضار على صحة الإنسان وتسبب له أمراض ضغط الدم، لكن وضع الزراعة العضوية فى مصر يواجه العديد من المشكلات، منها غياب السياسات المحلية وقصور التشريعات الوطنية الداعمة للزراعة العضوية، وعدم توفر العمالة الماهرة الواعية بالآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية لهذا المجال، فضلاً عن ارتفاع أسعار التجزئة للمنتجات العضوية بمقارنتها بالعادية، مما يضطر المزارعين لخفض جودة المنتج ؛ رغبة منهم لتخفيض التكلفة وتشجيع المستهلكين على شرائها، دون النظر إلى القواعد المتعلقة بتغذية النبات وحمايته. زراعة آمنة أما عن أسلوب رش الزراعات «الأورجنيك»، يقول أحمد ابراهيم – مهندس زراعى – انه لا يستخدم أية كيماويات فى تلك الزراعة حيث قمنا بعمل مشروع متكامل فنأخذ السماد من الحيوانات كما لدينا بحيرة للبط نأخذ منها السماد ونعطيها للنبات من أجل تعويضه عن الكيماوى... أما عن طرق مكافحة الحشرات فلدينا نوع من الحشرات صديقة البيئة وهى مفيدة للنبات وطاردة للحشرات الضارة. ويؤكد المهندس «أحمد» أن يستخدم أسلوب الدورة الزراعية بمعنى أن النبات الذى أزرعه فى بقعة معينة من الأرض هذه السنة لا أقوم بزراعته فى نفس المكان بقية السنة.... أما عن أسلوب الرش، فنقوم برش "الثوم" الذى نخلطه بالمياه ونرش به النبات فرائحته القوية طاردة للحشرات... أما عن نسبة المنتجات «الأورجنيك» فى مصر فهى تترواح من 15 الى 20% وتقوم مزرعة «طبيعى» بزراعة معظم أنواع الخضراوات وقد بدأنا بتصدير ما يقرب من 20% من حجم إنتاجنا. ويضيف المهندس «أحمد» أن ما يقال من أنه ليس هناك زراعات «أورجنيك» فى مصر نظرا لأن التربة نفسها غير سليمة، فهذا كلام خاطئ ففى مزرعة «طبيعى» نعتمد على الأساليب البدائية أو بمعنى آخر الأساليب الطبيعية فى الزراعة دون أى تدخل كيماوى. ارتفاع سعرها وقال مصدر مسئول عن الرقابة الصحية على الأغذية - رفض ذكر اسمه - إن من أخطاء تطبيق الزراعة العضوية فى مصر أنها تتم بجوار محاصيل أخرى غير عضوية، مما يؤثر سلبا على فعالية هذا النظام الزراعى، عن طريق انتقال الحشرات إليها، فيضطر المزارع إلى رش كميات من المبيدات لمكافحة الآفات التى تصيب المنتجات العضوية، فلا توجد زراعة بدون مبيدات فى مصر، مشيراً إلى أن الباعة قاموا باستغلال تلك السلعة الرائجة، من خلال زيادة الأسعار على المنتجات غير العضوية.