تنسيق الجامعات 2025.. قراران بشأن أوائل الثانوية العامة 2025    مصروفات كلية الهندسة بجامعة مصر للمعلوماتية 2025    البابا تواضروس الثاني: اثبتوا في الإيمان    وزير الزراعة: الرئيس مُهتم بصغار المزارعين.. "مشكلتنا في المياه مش الأرض"    د أحمد شلبي: المطورون العقاريون يطالبون بحوار عاجل مع الحكومة بعد فرض رسوم وعلاوات جديدة    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع حاد في وفيات سوء التغذية بغزة    السفير رياض منصور: البيت الأبيض قادر على وقف النار خلال 24 ساعة    موعد مباراة الأهلي الودية القادمة أمام البنزرتي التونسي    رسميًا.. برشلونة يُلغي جولته التحضيرية في اليابان بسبب خرق تعاقدي    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يضم السلوفاكي دافيد هانكو لتعزيز دفاعاته    لحظة مروعة.. سائق توك توك يدهس مسنًا ويهرب بالشرقية|فيديو    بسبب لهو الأطفال .. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بالجيزة    راغب علامة بعد أزمة الساحل: "عاوز أحمد فتوح يروح معايا النقابة"    "الرعاية الصحية": إجراء 32 عملية كبرى في جراحات المخ والأعصاب بمشاركة خبراء دوليين    بطولة دنيا سمير غانم.. طرح البوسترات الرسمية لأبطال فيلم «روكي الغلابة» (صور)    «متحف مجلس قيادة الثورة» .. ذاكرة وطنية على ضفاف النيل    الجيش اللبناني يفكك جهاز تجسس للاحتلال الإسرائيلي في مزرعة بسطرة - حاصبيا    بدء طرح الوطنية للطباعة بالبورصة 27 يوليو بسعر 21.25 جنيه للسهم    مدبولى يعلن بدء إجراءات تطبيق قانون الإيجار القديم: «لن يضار أي مواطن» (فيديو)    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    التحاق مروان حمدي بمعسكر بيراميدز في تركيا.. واستمرار غياب جودة    أبو ريدة يتابع معسكر وتدريبات الحكام على تقنية ال VAR    أول رد فعل من علي معلول بعد أنباء رحيله إلى الصفاقسي التونسي    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يقر تعويضات لعملاء شركة فودافون مصر المتأثرين من العطل الذي وقع في شبكة الشركة مساء الثلاثاء    مدبولي يبحث مع وكلاء ماركات عالمية ضخ استثمارات في مصر ودعم سياحة التسوق    رغم التخرج- لماذا تطاردنا كوابيس الثانوية العامة في أحلامنا؟ "فيديوجرافيك"    الفرحة بتطل من عنيهم.. لحظة خروج 1056 نزيلًا بعفو رئاسي في ذكرى 23 يوليو    ضبط عريس متهم بالتسبب في مصرع شاب بطلق ناري أثناء حفل زفافه بالشرقية    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    إيران توافق على زيارة فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    أحمد سعد يطرح أغنية «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    أول تعليق من أسماء أبو اليزيد بعد الحلقة الأخيرة لمسلسل "فات الميعاد"    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    رئيس الجامعة البريطانية في مصر يكرّم السفير جاريث بايلي تقديرًا لدعمه للتعاون المشترك    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    «إنجازات» إسرائيل.. جرائم نازية!!    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في برامج أحزاب: النور والأصالة والفضيلة والإصلاح
"الدولة السلفية" كما تقدمها برامج الأحزاب
نشر في الوفد يوم 08 - 10 - 2011

تبرز أهمية إلقاء الضوء على ما احتوت عليه برامج الأحزاب السلفية من قضايا وأطروحات في كونها تقدم تمثيلا تقريبيا إلى حد معقول للرؤية الإصلاحية للتيار السلفي في مصر.. وهي الرؤية التي ارتضى السلفيون بعد المستجدات أن تقدمها إلى الأمة والمجتمع في أعقاب ثورة ال 25 من يناير عبر أذرعها السياسية المتمثلة في تلك الأحزاب.
ولما رأينا في حلقة سابقة كيف كانت الشريعة الإسلامية حاضرة وبقوة في برامج هذه الأحزاب... فقد آن استمراراً لهذه القراءة أن نعرج في هذه الحلقة على "شكل الدولة" التي ينشدها السلفيون في ظل هذا الحضور القوي للشريعة الإسلامية فيما يطرحون من حلول.
ولأننا لسنا بصدد عقد مقارنة بين برامج الأحزاب وإنما تقديم قراءة لقضايا بعينها كما هي حاضرة في هذه البرامج فسوف نترك من النقاط الكثير مما تتشابه فيه البرامج لنلقي الضوء على رؤى ومسائل بعينها نراها مطروحة للمجال العام.
الدولة العصرية في برنامج "النور" لا علمانية ولا ثيوقراطية
ينطلق حزب "النور" وهو أكبر الأحزاب السلفية وأوسعها انتشارا من رؤية للدولة ترى مصر "من أعظم دول العالم تاريخاً، وأعرقها حضارة، وأعمقها تأثيراً، وأهمها مكاناً"، ولذلك يرى الحزب من الضروري بمكان على أبنائها المخلصين "أن يدركوا أهمية هذه الحقيقة وضرورة أن تبقى مصر مصدراً للنور والإلهام الحضاري للعالم كله".
وانطلاقا من هذه الرؤية يدعو الحزب من خلال برنامجه السياسي إلى إقامة "دولة عصرية على الأسس الحديثة، تحترم حقوق التعايش السلمي بين أبناء الوطن جميعاً"، دولة "حضارية متقدمة تجمع بين الأصالة والمعاصرة"، وذات رسالة راقية ترفع من قيمة الأخلاق والفضيلة والقيم النبيلة.
ولما كانت الأمة المصرية قد أبدت التزاما بالمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي "المصدر الأساسي للتشريع" فإن "النور" يتخذ من هذه المادة "مرجعية عليا للنظام السياسي للدولة المصرية، ونظاماً عاماً، وإطاراً ضابطاً لجميع الاجتهادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والقانونية".
وفي التفاصيل التي يقدمها من خلال برنامجه نجد حزب "النور" يؤكد أيضا على أنه يريدها دولة وسطية لا هي ثيوقراطية، كهنوتية تحكم بالحق الإلهي المقدس، وتحتكر وحدها الصواب في الرأي. ولا هي "لا دينية" علمانية تفصل الدين عن الحياة، وتريد اقتلاع الأمة من جذورها وهويتها الثقافية... وإنما يدعو الحزب السلفي إلى دولة قائمة على تعدد المؤسسات والفصل بين السلطات: التشريعية والقضائية والتنفيذية، تعمل بشكل متوازن ومتكامل، وتحمي الحريات، وتحقق العدالة بين أبناء الوطن.
وبالنسبة للموقف من ثقافة هذه الدولة، يرى الحزب أنه إذا كانت الهوية المصرية هي الهوية الإسلامية العربية، فإنَّ الواجب الأول للدولة ممثلةً في وزارة الثقافة ووزارة الإعلام، وكذلك وزارة التربية والتعليم، والجامعات والمعاهد العليا وغيرها من المؤسسات الثقافية الحكومية وغير الحكومية، إنما يتمثَّل في "تعزيز الهوية الثقافية التي تكسب الأمة مكونات هويتها الوطنية، وترسيخ حضور هذه الهوية في مختلف مناحي الحياة والأنشطة الإنسانية جميعاً".
أما فيما يتعلق بإرادة الشعب وحقه في الاختيار، يرى الحزب إنه يجب "اعتماد الانتخاب وسيلة لاختيار الممثلين للهيئات والمؤسسات المعبرة عن الجماعة الوطنية المصرية"، وخاصة هيئات السلطات الثلاث: التشريعية، والقضائية، والتنفيذية. بل ويرى ضرورة امتداد هذا الحق حتى اختيار: عمداء الكليات، ورؤساء الجامعات، والاتحادات الطلابية، والنقابات المهنية، والمجالس المحلية والتشريعية، والعمد، ورؤساء المدن، والمحافظين. كما يجب تقوية المجالس المحلية ومنحها صلاحيات حقيقية لإدارة المناطق التي تمثلها بشكل لا مركزي.
دولة "الأصالة" برلمانية تخضع للمساءلة
حزب "الأصالة" وفيما يتعلق برؤيته للنظام السياسي للدولة فإنه يرى من الأهمية أن تتحول الدولة إلى "النظام البرلماني" الذي يجعل حكومة الأغلبية المنتخبة فيه مسؤولة عن إدارة شؤون البلاد، وتخضع لرقابة البرلمان ومساءلته. والحزب في هذه الناحية متسقا مع ما يؤكده في البرنامج ورؤيته التي يراها من كون الحكام سواء رئيس الجمهوريةٌ أو الوزراء "موظفون لدى الدولة" ولصالح الشعب، الذي يحق له مساءلتهم ومحاسبتهم ومحاكمتهم إن أساءوا.. ويزيد على ذلك أنه يرى ضرورة تقليص سلطات هؤلاء، فلا تكن مطلقة وخاصة رئيس الجمهورية، بل يبقى للشعب الحق في سحب الثقة من أي شخص في أي منصب ومحاسبته وأيضٌا محاكمته محاكمة عادلة بالطرق التي يحددها القانون.
وفي باب "الحقوق العامة والأساسية للمواطنين" يرى الأصالة أن العدل والمشروعيةٌ وسياٌدة القانون هم الثوابت الأساسيةٌ لإقامة دولة مصريةٌ متقدمة قويةٌ عزيزٌة تصون حقوق المواطنين وحرياٌتهم في إطار مبادئ الشريعة الإسلاميةٌ ووفقا للدستور. ويرى أن من أهم الحقوق: حق المجتمع في اختياٌر من يحٌكمه أو يمٌثله، وحق الشعب في تحديد القوانين والقواعد التي يحُكم بها بما لا يتٌنافى مع الشريعة الإسلاميةٌ.
في باب "المباديء العامة" وفيما يتعلق بموقف الدولة ومؤسساتها من وجود تيارات وقوى سياسية مختلفة، يرى الحزب ضمان التعدديةٌ السياٌسيةٌ، والسماح لكافة التوجهات والأفكار البناءة بالمشاركة السياٌسيةٌ، مع الثقة في قدرة الشعب على اختياٌر الأصلح. حيث يرى الحزب في زياٌدة المشاركة السياٌسيةٌ إثراء للعمل السياٌسي، وتوسع لمجالات الحريةٌ وتبنى الأفكار القادرة على النهوض بالدولة.
لكن ذلك لا يكون إلا بشرط ضمان عدم انحياٌز السلطة التنفيذٌيةٌ بالدولة لفكر أو اتجاه حزبي، وضمان حياٌديةٌ الأجهزة الأمنيةٌ والإداريةٌ والتنفيذٌيةٌ بكافة أنواعها، فهذه الأجهزة كما يرى الأصالة مخصصة لخدمة الشعب، و"انحياٌزها لأي جهة جريمة تحاسب عليها". ولذلك يطالب الحزب كل من "شٌغل منصب رئيس الجمهوريةٌ أو رئيس الوزراء أو الوزراء بالاستقالة من أي حزب" ينٌتمي إليه وذلك خلال فترة الخدمة في هذا المنصب، لضمان الحياٌديةٌ التنفيذٌيةٌ، وباعتباره ممثلًا لجميع المصريين بكافة اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية.
المساواة والعدالة الاجتماعية في دولة "الفضيلة"
ينطلق حزب الفضيلة من رؤيته التي تدعو إلى "بناء نظام للحكم على أساس من الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية". حيث يؤمن الحزب بأن "العدل أساس الحكم"، والعدل هنا كما يشير البرنامج بمعناه الإنساني الواسع، الذي يشمل العدالة في تكافؤ الفرص، والمساواة في العمل، ومن هنا يؤكد الحزب على عدالة توزيع الثروة الوطنية على أفراد الشعب بما يكفل لهم الحياة الكريمة.
هذه الرؤية للعدالة يفصلها البرنامج عمليا في باب خاص ل "العدالة والتشريع"، يرى فيه حزب الفضيلة أنه ينبغي وضع سياسة قضائية مستقلة للنهوض بخدمات العدالة، وتطوير نصوص القوانين والتشريعات بحيث تعبر عن واقع المجتمع وأوضاعه المتطورة. فضلا عن تيسير إجراءات التقاضي، وهو ما يستلزم "دعم الكفاية العلمية والعددية لرجال القضاء ومعاونيهم، هذا إلى جانب العناية بدور المحاكم وتطوير وسائل العمل بها، والنظر في إنشاء دور جديدة إذ أن معظمها قد وصل إلي درجة كبيرة من التهدم والقدم.
وإلى جانب ذلك يخصص البرنامج زاوية يتناول فيها التأكيد على استقلال القضاء استقلالًا حقيقيًا، وإلغاء كافة صور التدخل في شأنه من جانب السلطة التنفيذية، والعمل على احترام أحكامه وتنفيذها على المواطنين جميعًا، دون تمييز، والتأكيد على احترام سلطات الدولة بجميع مستوياتها بأحكام القضاء، والعمل بجدية على تنفيذها دون اتباع أساليب المماطلة والتسويف، باعتبار أن الدولة خصمًا شريفًا تسعى لإحقاق الحق وتنفيذ أحكام القانون تحقيقًا للمصلحة العامة.
حزب الفضيلة أيضا له رؤية في مسألة دور الدولة تجاه المجتمع وأفراده، فهو مثلا وفيما يتعلق بدور الدولة في تحقيق التنمية الشاملة يرى أنه لا يقتصر دورها على حفظ الأمن الداخلي، والدفاع عن الأمن القومي في الخارج، بل يتعدى دورها ذلك إلي كثير من الأدوار في المجالات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية والعقائدية. فالدولة في نظر حزبنا كما ينص البرنامج مسئولة عن تحقيق التنمية الشاملة للإنسان، وضمان حياة كريمة لكل أفراد المجتمع ضمانا كاملا، "دون تمييز بين أصل أو جنس أو دين". والجملة الأخيرة هنا ربما تبين إلى أي مدى لا يخل تمسك السلفيين بأن يكون الدين حاضرا في كل كبيرة وصغيرة من مناحي الحياة بموقفهم من الآخر كمواطن متساوي الحقوق.
ويتحقق هذا الدور المسؤول للدولة والذي يشبه دور "الأم" تجاه أبنائها من خلال علمها بما يجب تجاه مواطنيها، فمن واجبها أن تقوم بتهيئة وسائل العمل لكل القادرين عليه، بل إن الدولة يجب أن تكفل مواطنيها غير القادرين على العمل، بتطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي، فتحافظ على حق الفقراء والضعفاء من خلال فرض حقوق لهم من مواردها الأساسية، وصرف هذه الموارد لمن يستحقها حفاظا على النفس واستمرار حياتهم وأمانهم.
كما يدعو الحزب إلى زيادة نصيب الدولة في الاضطلاع بخدمات التعليم، خصوصا في مراحله الإلزامية، حيث يمتد أمر الدولة إلي الإشراف الدقيق كمسؤولة عن التعليم وتوفيره لجميع المواطنين، بل لجميع من يقطن أرض الوطن ولو لم يكن مواطنا فيه. فالتعليم كما يرى الحزب إلي جانب أنه خدمة قومية عامة، فإنه يعتبر أيضا استثمارا للدولة في أعز مواردها، ألا وهو الإنسان المواطن.
حزب "الإصلاح" والهاجس الأمني عند السلفيين
السلفيون عانوا كثيرا من الاستهداف الأمني بكل أشكاله، في عهد النظام السابق، ولذلك تجد لديهم ما يشبه الهاجس الأمني حتى في برامجهم السياسية ولهم الحق لا شك خاصة بعدما عايش المجتمع المصري هذه الحقب المديدة من تاريخه في ظل أنظمة جيشت أجهزة الدولة الأمنية لحماية أفرادها، وحاشيتهم، وما يملكون، وكانت تقدم أمن النظام على أمن البلاد ومواطنيها.. ومن هذا المنطلق كان من السهل على أي مطالع للبرامج السلفية ملاحظة مدى تأكيدها جميعا على رفض أي دور لأجهزة الدولة الأمنية في الحياة العامة واختيارات الأفراد أو تقيمهم.
وهنا يرى حزب "الإصلاح" تحت التأسيس ضرورة إبعاد الجهاز الأمني، بكافة أفرعه عن التدخل في اختيار أو انتخاب رؤساء الجامعات، وعمداء الكليات، ورؤساء الصحف القومية، وشركات الدولة، ورؤساء النقابات المهنية، والتعيينات والترقيات بمختلف هيئات ومؤسسات ومرافق الدولة، ومنح تراخيص الجمعيات الأهلية، وإبعاده كذلك عن التدخل في العمل الإعلامي بشكل عام، على أن يكتفى في كل ما سبق بالقوانين واللوائح المنظمة لذلك، حتى يتحقق تكافؤ الفرص بين أصحاب الكفاءة. ومن المهم أيضا في هذا الصدد التأكيد على إعادة صياغة الجهاز الأمني للدولة، صياغة ثقافية وأخلاقية، بالتأكيد على احترام القانون وحقوق الإنسان، كما يجب التأكيد على الرقابة القضائية على كافة الأجهزة الأمنية.
حزب "الإصلاح" أيضا هو الحزب الوحيد الذي انفرد من بين الأحزاب السلفية بالنص في برنامجه على "دعوى الحسبة" وهي وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع، التي يضطلع بها الفرد والجماعة على حد سواء... المعروف والمنكر هنا بالمعنى الشامل الواسع وهو كل ما يحقق فائدة الفرد والمجتمع ويصون القيم والهوية، وأيضا كل ما من شأنه الإضرار بالأفراد والصالح العام، بما يحمله هذا الدور من تعبير صادق عن وعي الإنسان تجاه نفسه وتجاه مجتمعه وتجاه دينه.
فتنص المسودة الأولية لبرنامج الحزب على: "إلغاء كافة القيود التي تمنع المواطن من إقامة دعوى الحسبة، باعتبارها تتعلق بحق المواطن العادي في ممارسة دوره لحماية الدستور، أو الحقوق العامة، أو الممتلكات العامة، أو التراث الوطني، أو المقدسات الدينية، أو المصالح الوطنية العليا، مع ضرورة العمل على إزالة اللبس الذي علق بمفهوم الحسبة عند قطاع من المثقفين، تصوروا أنها مجرد ترويع للمثقفين أو غيرهم في مجالات نشاطهم أو إبداعهم".
رؤية الحزب للحسبة هذه منسجمة تماما مع ما يعتقده في الحرية المسؤولة، إذ "لا يوجد في أي مجتمع معاصر ما يسمى مطلق الحرية في أي شأن من الشئون"، كما ينص على ذلك البرنامج، وإنما لكل مجتمع قيمه العليا التي يحافظ عليها ويدافع عنها ويعتبرها من مقدساته؛ لذلك فإن الحزب يرى ضرورة إعادة النظر في تكوين هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، بحيث تكون مشكلة من خبراء في قطاعات الفنون المختلفة، وعلماء الشريعة، ورجال القضاء، وأعضاء ممثلين عن المجالس النيابية: مجلسي الشعب والشورى، ويكون حسم الرأي فيها بأغلبية الأصوات.وهو ما لا يتعارض مع ما يراه الحزب السلفي من "ضرورة إطلاق حرية إصدار الصحف والمجلات للمواطنين كافة، وإلغاء أية وصاية من أي جهاز سيادي في المجتمع" تحول دون تحقيق ذلك.
في نهاية برنامجه يقدم حزب "الإصلاح" خاتمة جديرة بالاهتمام، يقول فيها: إن الحزب ليس بديلًا عن قطاعات الدولة المختلفة، ولا بديلًا عن سلطاتها التنفيذية ومؤسساتها الفنية، وإنما هو عنصر فاعل فيها، يتكامل معها في تحقيق منظومة شاملة، تحقق مصالح الشعب، وترتقي وتنهض بحضارة الأمة.
صحفي مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.