يبدو أن مهرجان برلين سيظل مهرجاناً يلعب دوراً رئيسياً فى عالم السياسة ؛وفى كل عام نتوقع جوائزه تبعاً للرسائل السياسية التى تريد توجيهها ألمانيا للعالم ؛ففى السنوات الماضية حظى كل المعارضين الإيرانيين باقتناص الدب الذهبى؛ وقتما كانت ألمانيا من أشد المعارضين للمشروع النووى الايرانى ؛وفى هذا العام سلط مهرجان برلين الضوء على قضية اللاجئين وأعطى لها شاشات العرض والجوائز ؛ فمن المعروف أن ألمانيا وعلى رأسها ميركل ممن فتحوا الابواب أمام هجرة السوريين !. موضوع اللاجئين فرض نفسه على الطبعة الحالية من هذا المهرجان العريق، فضمت برمجته أفلاماً ونقاشات تبين أسباب اللجوء وقد صرح مديره ديتر كوسليك قائلاً: «نحن هنا في برلين والنقاش يدور حول الاجئين وهو نقاش مثير للجدل . لدينا الكثير من الأفلام المتعلقة بمصير اللاجئين. هذا العام حمل المهرجان شعار «السعي وراء السعادة» أو«قانون السعادة»، وفيه إشارة أيضا للاجئين». حتى أن النجم جورج كلوني، بطل فيلم الافتتاح «هايل قيصر»، من لقاء المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل لمناقشة موضوع اللاجئين. يقول الممثل جورج كلوني: «أعتقد أننا لا نتحدث عن هذا الموضوع بما فيه الكفاية في وسائل الإعلام، وخاصة في بلادي، لأن الفترة السياسية تجعلنا لا نتحدث عن الكثير من الأمور التي تجري من حولنا في العالم، في الحقيقة، سيجمعني غدا لقاء بالمستشارة الألمانية، للحديث حول الأشياء التي يمكننا فعلها لتقديم يد المساعدة.هاجم الممثل الفرنسي المخضرم جيرارد ديباردو صناعة السينما في هوليوود لأنها تلعب دوماً في مساحة الأمان، وانتقد الممثل جورج كلوني لانخراطه في شئون السياسة ولقائه المستشارة الألمانية حول أزمة اللاجئين، عندما ظهر ديباردو في مهرجان برلين السينمائي للترويج لفيلمه الجديد.، وأشار إلى أن كلوني التقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين الأسبوع الماضي لمناقشة أزمة اللاجئين. وقال «رأيت أن كلوني أراد أن يقابل ميركل. أشعر بالقلق من أن يكون اللقاء مضى بشكل سيئ. إنه لأمر جيد الآن أن تكون ممثلاً وعالماً بيئيًّا وسياسيًّا. يمكنك القيام بكل شيء. وكالمعتاد جاءت جوائز مهرجان برلين فى نسخته السادسة والستين كما توقعها الجميع والتى حظت باهتمام خاص من النقاد... كانت الأفلام المختارة في المنافسة الرئيسية لمهرجان برلين، 18 فيلما عالميا تم عرضها للمرة الأولى من دول مختلفة بينها الولاياتالمتحدة وفرنسا والبوسنة والهرسك وبريطانيا والصين وفيتنام. وعرض من مصر أربعة أفلام هي «منتهي الصلاحية» لإسلام كمال، و«كما تحلق الطيور» لهبة أمين، و«ذاكرة عباد الشمس» لمي زايد، و«فتحي لم يعد يعيش هنا» لماجد نادر.. لذلك لم تكن مفاجأة تمكن فيلم «Fuocoammare أو النار فى البحر «Fire At Sea» والذي عرض أزمة اللاجئين فى أوروبا من خطف أنظار وقلوب الحكام خلال مهرجان برلين السينمائى ليحصل على جائزة الدب الذهبي. ووفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، وصفت ميريل ستريب، التي ترأست لجنة الحكام في المهرجان، الفيلم بالجرىء الذي يعيد تعريف كيفية صناعة الأفلام الوثائقية. ولقد ضع المخرج الإيطالي جيانفرنكوروزي كاميرته لأشهر طويلة على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، ليرصد توافد مئات الآلاف من طالبي اللجوء من إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا. الرعب الذي عاشه اللاجئون، خلال رحلاتهم المصيرية، انتقل إلى نفوس الحاضرين في مهرجان برلين السينمائي الدولي، حيث عرض فيلم «نار في البحر». وسرد المخرج، في فيلمه قصص اللاجئين الوافدين إلى الجزيرة والمتمركزين فيها من خلال الحياة اليومية لصامويل، طفل في الثانية عشرة من عمره.وتعتبر لامبيدوزا الصغيرة، الواقعة بين تونس وصقلية، أول ميناء يصل إليه مئات الآلاف من طالبي اللجوء، وفي كثير من الأحيان بعد تحمل رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر في قوارب متهالكة في سعيهم لحياة جديدة. وتعتبر الجزيرة من أكثر المواقع التي التفتت إليها كاميرات السينما والإعلام في السنتين الأخيرتين، ومنها «عودة إلى لامبيدوزا». فاز الفيلم البرتغالي «Batrachian's Ballad» «رسائل من الحرب»، بجائزة الدب الذهبي كأفضل فيلم قصير... الفيلم من اخراج ايفو فيريرا واستوحاه من رسائل كتبها طبيب برتغالي شاب إلى زوجته الحامل في العام 1971، عندما وجد نفسه في رحى الحرب الأنجولية البرتغالية التي انتهت باستقلال انجولا في العام 1974.يقول المخرج إيفو فيريرا: «أشعر بتأثر كبير عند الحديث عن الأشياء التي لم أعشها، اطلعت على هذه الرسائل وكنت حساساً للغاية تجاه قصة الحب الجميلة. أعتقد ان تلك الحرب كانت حرباً غبية، آمل أن يدرك الناس ذلك. على كل، هذا هوتفسيري للأشياء». الممثلة مارجاريدا فيلا نوفا، هي من تقمصت دور زوجة الطبيب وتأمل أن يساعد هذا الفيلم الشباب البرتغالي على معرفة المزيد من المعلومات حول تلك الفترة من تاريخ بلادهم. تقول: «حسنا، الحرب انتهت في العام، 1974 لكن ابناء جيلي لا يعرفون إلا القليل عنها، الجيل القديم بقي صامتا حول هذه الحرب، بالنسبة لي كان من المهم معرفة الكثير من المعلومات حول ما حدث من خلال الأشخاص الذين عايشوا تلك الفترة. أعتقد ان هذا الفيلم سيكون أيضا درساً للشباب الذين يجهلون تماما هذه الحرب». الفيلم صور بالأسود والأبيض ويقدم صورة شاعرية حول حب طبيب لزوجته في ظروف الحرب البشعة واللإنسانية. وكالمعتاد مازالت ألمانيا تدافع عن نفسها أمام اليهود لذلك فازت الأفلام بجوائز الجمهور في مهرجان برلين السينمائي، وتم تسليم جائزة الجمهور للمخرج الإسرائيلي عودي ألوني عن فيلمه «Junction 48» وهو قصة حب بين شاب وفتاة فلسطينيين يعشقان موسيقى الهيب هوب، التي يستخدمانها سلاحاً ضد قمع السلطات الإسرائيلية وأيضا لمحاربة الجريمة في أوساط فلسطينيى 48، في مدينة اللد. وتصدر المخرج الإسرائلي عودي ألوني الأنباء عقب مهاجمته لدولته إسرائيل. وفقا لصحيفة «هارتس» الإسرائيلية، وصف المخرج الفائز إسرائيل بالدولة الفاشية خلال مؤتمر صحفي عقب فوز فيلمه «Junction 48» السينمائي. ورد المخرج على الهجوم الذي تعرض له بعد تصريحه، بأنه يوجه نقده للحكومة الإسرائيلية لا الدولة، موضحا أن فيلمه ينشر الحب والتآلف على عكس ما يقوم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يعمل على نشر الحقد. وحصل كل من الإسرائيليين تومر وباراك هيمان على جائزة عن فيلمهما الوثائقي «?Who's Gonna Love Me Now». اقتنص الفيلم الصيني «تيار معاكس»، «Crosscurrent» جائزة الدب الفضي لأفضل مساهمة فنية، وهو من إخراج يانج تشو «Crosscurrent» وهو دراما شعرية حول مرور الزمن في مجتمع الاضطرابات كما يمثلها تدفق نهر اليانجتسى وبذلك حققت السينما الآسيوية المفاجأة، من خلال فيلم المخرج الصيني يانج شاو الذي استغرق انجازه أربع سنوات وهو ثاني فيلم آسيوي يتنافس على جائزة الدب الذهبي. أحداث الفيلم تدورعلى ضفاف نهراليانجتسي الشهير والسبب نعرفه على لسان المخرج الذي يقول: «أولا هناك تقليد كلاسيكي للشعر الصيني والشعراء الصينيين المتعاقبين، من عهد أسرة تانج والسلالات الأخرى وصولا إلى يومنا هذا، لقد استخدموا مقاربات متنوعة لوصف نهراليانجتسي والحديث عنه: «أنا قمت بالتعبير عن هذا الشعر من خلال السينما» الفيلم يدور عن قصة قبطان شاب يبحر بسفيته في نهراليانجتسي بحثا عن حب حياته. وشهدت قائمة الجوائز تمثيلاً عربياً خاصاً، حيث فاز الفيلم التنوسي «نحبك هادي» بجائزة أفضل فيلم، كما حاز بطله مجد مستوة على جائزة أفضل ممثل، في حين حاز الفيلم الفلسطيني «A Man Returned» على جائزة الدب الفضي للجنة الحكام..والفيلم الكوميدي الرومانسي التونسي «نحبك هادي» الذي تدور أحداثه حول قصة أم متسلطة تجبر ابنها على الزواج المرتب له مسبقا.وتدور أحداث الفيلم في أعقاب الثورة التونسية في عام 2011 حول الشاب هادي الذي يبدو أن حياته تدار من جانب أشخاص آخرين، ومن بينهم رئيسه في العمل ووالدته التي رتبت له الزواج من عروس. لكن هادي يتمكن فجأة من فرصة للسيطرة على عالمه عندما يلتقي بامرأة أخرى أثناء رحلة عمل. وفيلم «نحبك هادي» لمخرج محمد بن عطية المولود في تونس. وحصلت النجمة الدانماركية الشهيرة «ترين ديرهولم» على جائزة أفضل ممثلة وذلك عن فيلم «Kollektivet» «مجتمع محلى» والفيلم من إخراج توماس فينتربيرج، ويشترك في بطولة الفيلم كل من النجوم أولريش تومسن، وفارس فارس، وترين ديرهولم، وجولي أجنيت، فانج ولارس، رانذ وهيلين، رينجارد نيومان، وليز كوفود. تدور قصة الفيلم في السبعينيات حول لقاء بين الرغبات الشخصية مقابل التضامن والتسامح في بلدة بالدانمارك. وحصلت الفرنسية ميا هانسن لاف على جائزة أفضل مخرج عن فيلمها (لافنير) أو «أشياء قادمة». المخرجة، كاتبة سيناريو، وممثلة فرنسية ولدت 5 فبراير 1981 في باريس التحقت في المعهد الموسيقي للفنون المسرحية في باريس عُرض أول أفلامها الروائية «الكل مغفور» 2007 في «نصف شهر المخرجين» في «مهرجان كان السينمائي»، وفاز بجائزة «لويس دولوك». كما عُرض فيلمها الثاني «والد أبنائي» 2009 في مسابقة «نظرة ما» في «كان». اختارتها مجلة «فاريتي» عام2011 ضمن قائمة أفضل 10 مخرجين عالميين. وفاز الفيلم البوسى الموت فى سراييفو «Death in Sarajeve» بجائزة الدب الفضى فى مهرجان برلين السينمائى الدولى فى دورته ال66.. والفيلم من إخراج دانيش تاتوفيتش، ويشترك فى بطولة كل من النجوم: «سنيزانا ماركوفيتش، وإيزودين باجروفيك، ومحمد هادزوفيك، وفيدرانا سيكسان، وفاكيتا ساليهبيجوفيك» والفيلم من إخراج البوسني دانيس تانوفيتش ومأخوذ عن مسرحية لجاسوس الثورات لكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي عن مسرحية «Hotel Europe» وتدور مسرحية ليفي حول كاتب يعد لمحاضرة عن مستقبل أوروبا.صور الفيلم في فندق في سراييفو يحمل الاسم ذاته للرواية. وتجسد سيكسان دور صحفية تعمل على صنع فيلم وثائقي عن جافريلوبرينسيب -اليوغوسلافي القومي الذي كان اغتياله للأمير النمساوي فرانز فرديناند في سراييفو عام 1914 أحد الأحداث الرئيسية التي عجلت باندلاع الحرب العالمية الأولى. وقال المخرج تانوفيتش إنه قصد من التصوير في سراييفوالتأكيد على رسالة المسرحية. وقال تانوفيتش «سنرى إذا كانت أوروبا ستتحرك في الاتجاه الصحيح خاصة بشأن قضية اللاجئين»... وسبق أن قدم برنار هنري ليفي المسرحية «فندق أوروبا» في باريس. والمسرحية خلاصة تجربته الفلسفية والسياسية والشخصية في أحداث تمتد من حرب البوسنة (1994) إلى اليوم. وتعبّر عن مدى انخراطه في هذه الأحداث ..وقال برنار إن مسرحيته دعوة إلى ثورة سياسية في أوروبا.. سبق أن قدم برنار هنري ليفي فيلم «قسم طبرق» الذي أخرجه بالاشتراك مع المخرج الفرنسي مارك روسيل مفهومه الخاص للحرية التى يدعواليها . وقال ليفي مرارا لعديد الوسائل الإعلامية إن الفيلم جاء ليصور كيف يمكن تجسيد النظريات الفكرية على أرض الواقع لأول مرة في التاريخ عبر التدخل العسكري، وأكد أنه يريد لسوريا تدخلا دوليا مماثلاً لما حصل في ليبيا.وصور ليفي في الفيلم تحركاته بجانب المسئولين الفرنسيين وفي العالم لإقناعهم بضرورة التدخل العسكري في ليبيا وذلك بالتشاور مع الليبيين حيث زار البلاد مرات عديدة. ولعب ليفي دورا لدى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذ استشاره قبل التحرك في ليبيا. وتتبعته الكاميرا وهو يلتقي قادة لمقاتلي المعارضة ويقنع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بأن يتولى القيادة في تعامل الغرب مع الأزمة الليبية وهوما ساهم في الإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي ودعى ليفي للتدخل العسكري في سوريا. وقال في مهرجان كان ردا على سؤال عما إذا كان يرمي من خلال ذلك إلى إضعاف إيران «حتى ولوكنت سأصدمكم فأنا لست ضد التدخل في سوريا إن كان سيضعف إيران. سوريا هي الذراع المسلحة لإيران في المنطقة وأتمنى أن نكون فاعلين في سوريا كما كنا فاعلين في ليبيا». كما فاز الفيلم الفلبيني السنغافوري «A Lullaby To The Sorrowful Mystery» بالدب الفضي لجائزة ألفريج بوير كأفضل فيلم يفتح أفاق جديدة. وضمت قائمة الفائزين الفيلم البولندي «United States Of Love»، الذي يدور حول النساء المحتجزات نفسياً في بولندا ما بعد الشيوعية، والذي فاز بالدب الفضي لأفضل سيناريو من إخراج توماس إسيلفسكي، ويشترك في بطولة الفيلم كل من النجوم جوليا كيجواسكا وماجدالينا سياليكا ودوروتا كلك ومارتا نيرا وأنريا تشيارا. وصنف القائمون على مهرجان برلين الفيلم بأنه العمل الوحيد الذى يمكن اعتباره بولندياً مائة بالمائة، وقد استطاع الفيلم أن ينتزع إعجاب وتقدير الجمهور، الذين أشادوا به سواء من حيث الإخراج أوالسيناريو.