عقد عمل بالمشروع.. يوقف الهروب من مصر بقلم: عباس الطرابيلي منذ 1 ساعة 36 دقيقة إذا كانت قناة السويس بهذا الغاطس والعرض الحاليين توفر لمصر مليارات عديدة من الدولارات سنوياً.. لنا أن نتصور ماذا سيكون عليه الدخل القومي لمصر من قناة طولها يقترب من ضعف طول القناة الحالية وغاطسها أي عمقها يصل إلي أضعاف عمق القناة الحالية.. أما عن عرض القناة المقترحة فهو يتراوح بين 500 و1000 متر!! من المؤكد أن عائد القناة الجديدة سيقفز إلي عشرات الأضعاف من عائد القناة الحالية.. ثم لنا أن نتصور ماذا ستضيفه القناة الجديدة من فرص عمل جديدة في مجتمع يعاني من بطالة شديدة.. ومعدل تنمية أقل بكثير من أحلامنا.. الحقيقة المؤكدة أن هذا المشروع سوف يوفر أربعة ملايين فرصة عمل علي الأقل في المرحلة الأولي منه.. وهذه قفزة لا يحلم بها أكثر الحالمين وذلك بحساب اجمالي التكاليف والايرادات.. وهذا الرقم سيزيد عاماً بعد عام. ليس هذا فقط بل يمكننا أن نتصور مستوي الأجور المتوقع.. إذ المعروف أن المشروعات البحرية هي الأكثر أجوراً في العالم.. وسوف يصل متوسط الدخل السنوي للعاملين في المشروع إلي أكثر من 8000 دولار سنوياً مما يعني مضاعفة دخل الفرد الي أربعة أضعاف. ** ونتوقع أن تعود مصر الي منطقة جذب للقوي العاملة كما كان منذ آلاف السنين.. لأن هذا الدخل وهذه الأجور تفوق الأجور المتاحة في المنطقة المحيطة بنا شرقاً حتي الخليج العربي.. وغربا حتي تونس.. ومعني ذلك أن المصري سيسعي ليحصل علي عقد عمل في داخل مصر أي داخل هذا المشروع.. كما يسعي للحصول علي عقد عمل في السعودية أو الخليج.. وسوف يجذب المشروع خبرات خارجية تسعي لتحسين أجورها بالعمل في مصر.. ووقها قد نضطر إلي اتباع نظام الكفيل.. لتنظيم العمل عندنا في مصر في هذا المشروع العملاق.. وبالطبع سوف تتوقف مأساة ذلك الهروب الكبير لخبرات مصر سواء بالعمل في الدول المحيطة.. أو بالهروب عبر مراكب الموت إلي ايطاليا واليونان.. لأن مصر سوف تصبح سوقاً رائجة للعمل أمام الكل: من خارج مصر.. ومن داخلها!! ** وعودة إلي نقطة ما يعود لمصر من حفر هذه القناة نقول إن مصر لا تحصل من القناة الحالية إلا علي أقل القليل من عائدات عبور ناقلات البترول وسفن الحاويات وسفن البضاعة الصب.. ومهما قالت هيئة القناة الحالية فان القناة لا تحوز أو تفوز الا بأقل من 10٪ من حجم التجارة العالمية.. بسبب عمقها المتواضع وعرضها الأكثر تواضعاً.. ولما كانت التجارة العالمية تقفز قفزات هائلة الآن وفي المستقبل ولما كانت تجارة الصين هي الدجاجة التي تبيض ذهبا.. فان القناة الجديدة ستفوز بنصيب أعظم من هذه التجارة العالمية.. عندما يتم حفرها. ** وأتذكر هنا عندما ركبت التليفريك أو العربة الكهربائية وأنا في طريقي من مدينة سنغافورة إلي جزيرة سنتوز السياحية ان كان طريق التليفريك يعبر فوق ميناء سنغافورة.. التي كانت مجرد محطة لتموين السفن بالفحم، ثم بالوقود السائل ولم تكن تجد ما يأكله أهلها. وجدت وسمعت أنه تدخل هذا الميناء وتخرج منه خمس سفن عملاقة في الدقيقة الواحدة!! وهكذا أصبحت سنغافورة مركزاً عالمياً لتجارة الحاويات وتجارة الترانزيت.. وجعلت مستوي الأجور فيها هو الأعلي.. عالمياً. وكل ذلك بفضل استطاعتها استغلال مزايا موقعها الجغرافي المتميز.. ** وإذا كان ذلك يحدث لسنغافورة لأنها تحوز «فقط» علي هذا المركز أو الموقع المتميز بين دول آسيا وبعضها البعض.. فماذا يكون عليه الوضع في مصر وقد نفذنا هذا المشروع العملاق ليربط بين كل آسيا.. وافريقيا.. وأيضاً أوربا.. بل وشرق القارة الأمريكية.. وهذا المشروع يعوض علينا فشلنا حتي الآن في مشروع شمال غرب خليج السويس.. أو في منطقة شرق التفريعة.. ** ولما كانت سنغافورة قد نافست هونج كونج.. وتحولت بيوتها من طابق واحد غارق في روائح المستنقعات الي ناطحات سحاب عملاقة حتي أنني تناولت الغداء أنا وزوجتي مرة في مطعم هناك يقع في الطابق 64 من احدي هذه الناطحات. يطل علي الخليج القديم الذي «كان» يعيش حوله كله ابناء سنغافورة من نصف قرن فقط.. ولنا أن نتخيل أن هذا المشروع سوف يتيح لنا انشاء مدن عملاقة ليس فقط عند مدخل القناة الجنوبي علي خليج العقبة أو عند مدخلها الشمالي، شرق مدينة العريش. ولكن ستتيح لنا بناء العديد من المدن علي طول مجري القناة «230 كم» بعضها بحري للصناعات البحرية.. وبعضها صناعي.. وتجاري.. وأيضاً بعضها سياحي.. وإذا كنا لم ننشيء في سيناء الا شرم الشيخ وعدة قري سياحية في الشمال وفي الجنوب فاننا سوف ننشيء العديد من القري السياحية.. لأن القناة سوف تجذب مئات الألوف يسعون للحياة هنا.. أو للسياحة عندنا. ** حقاً هي فكرة عملاقة لمهندس مصري شاب حتي وان شاب شعره اسمه المهندس سيد الجابري.. وهكذا الافكار العملاقة تولد من رحم المصريين الأصلاء.