تصاعدت اعتراضات القوى السياسية اللبنانية والوزراء والنواب الممثلين لها على خطة ترحيل النفايات لخارج البلاد بسبب ارتفاع تكلفتها والغموض وشبهات الفساد الذي يحيط بها وفقًا للمعترضين، مع تزايد الدعوات للعودة إلى خيار دفن النفايات في مطامر محلية (مدافن رسمية للنفايات). وقررت لجنة المال والموازنة التابعة لمجلس النواب - في جلستها اليوم الخميس - دعوة وزارة المالية ومجلس الإنماء والإعمار "للاستماع إليهما عن كلفة ترحيل النفايات وادعاءات الفساد حول الملف". من جانبه، أعلن مجلس الإنماء والإعمار المكلف من قبل الحكومة بالتعامل مع صفقة ترحيل النفايات في بيان أصدره اليوم ردًا على ما وصفه باللغط الذي أحاط بملف النفايات مؤخرًا أن دور المجلس في ملف إدارة النفايات، يقتصر على تنفيذ المشاريع في حال تكليفه بذلك من قبل مجلس الوزراء، مشيرًا إلى أن خيار الترحيل حظى بإجماع القوى السياسية ولم يتول مجلس الإنماء والإعمار أية مهام متعلقة به إلا بعد تكليفه من قبل مجلس الوزراء في 21 ديسمبر 2015 بالتعاقد مع شركتين محددتين وفقًا لشروط مالية وفنية وقانونية محددة في صلب قرار مجلس الوزراء. ولفت المجلس إلى أنه حتى الآن لم يوقع أي عقد مع أية جهة يتعلق بترحيل النفايات، وقد تقيد المجلس بالبرنامج الزمني المحدد في قرار مجلس الوزراء. واعتبر المجلس - في بيانه - أن بعض التصريحات تجاه دوره في ملف النفايات تجاوزت كل الحدود حيث تم اتهام المجلس بتغطية الفساد والسرقة والفشل، مشيرًا إلى أن المجلس مؤسسة عامة تتبع لمجلس الوزراء اللبناني وتنفذ المشاريع التي يكلفها بها، وهذه المؤسسة خاضعة لرقابة ديوان المحاسبة. وحذر من أن التشهير المجاني بمجلس الإنماء والإعمار يسيء إلى صورة الدولة اللبنانية وسمعتها. ودعا البيان "من يرغب بالإطلاع على أية معلومات تتعلق بعمل مجلس الإنماء والإعمار إلى أن يطلبها مباشرة من المجلس بدلاً من التشهير غير المستند إلى أية حقائق وذلك حفاظًا على انتظام سير العمل في المؤسسات وحفاظًا على سمعة وكرامة العاملين فيها". من جانبه، قال وزير الزراعة اللبناني أكرم شهيب مسؤول ملف النفايات وصاحب اقتراح الخطة: "أنا قمت بواجبي، وضعنا خطة (العقل والعلم)، (حسب تعبيره)، ودفنتها المصالح السياسية والمناطقية والمذهبية وإذا لم يكن هناك خطة أو بديل برأيي النفايات ستبقى في الشارع". وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل رئيس التيار الوطين الحر - قبيل بدء جلسة مجلس الوزراء اليوم - إن "جميع الوزراء قالوا إننا نعترض على الترحيل لكن لن نعطل، نحن كنا نعترض ونعطل". كما أكد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق أنه "يحب إلغاء الملف مع الشركة المكلفة بترحيل النفايات والعودة من جديد". وقال وزير الاتصالات اللبناني بطرس حرب إنه إذا فشل موضوع ترحيل النفايات للخارج فالحل البديل سيكون باللجوء إلى المطامر. أما وزير السياحة اللبناني ميشال فرعون فقد قال "سنطالب بتقرير صحي دقيق عن الانعكاسات للسبعين ألف طن نفايات المتراكمة في منطقة الكرنتينا (شمال بيروت)". وقال وزير الصحة وائل أبو فاعور "يجب إزالة النفايات من منطقة الكرنتينا، وننتظر رد الشركة وإذا استعصى خيار الترحيل يحب العودة إلى المطامر (المدافن)". وأوضح النائب ايلي ماروني رئيس كتلة حزب الكتائب اللبنانية - في تصريح صحفي اليوم - أن المداخلة التي قدمها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في جلسة الحوار الوطني أمس الأربعاء، تضمنت ملاحظات حول عمل مجلس الإنماء والإعمار خصوصًا في ملف النفايات. وعن جلسة مجلس الوزراء اليوم، أشار ماروني إلى أن الكتائب طرحت منذ اليوم الأول لأزمة النفايات اعتماد اللامركزية من خلال إعطاء البلديات مخصصاتها ودعمها لإقامة المطامر البيئية والمحارق التي تعتبر من أفضل السبل للتخلص من النفايات والأمراض"، مضيفا: "عندما طرح موضوع الترحيل للخارج وافقت الكتائب على الأمر من أجل الوصول إلى الخلاص". وقال: "رئيس الحكومة تمام سلام تطرق في جلسة الحوار أمس إلى التعثر في ملف الترحيل"، مشيرًا إلى أنه أعطى مهلة 24 ساعة تنتهي اليوم للشركة المتعهدة لكي تقدم الأوراق والمستندات التي تؤكد موافقة روسيا الرسمية على استقبال النفايات". ورأى أن عملية ترحيل النفايات باتت متعثرة، مستبعدًا "اللجوء إلى هذا الحل"، مشيرًا إلى أن "الحل هو بالعودة إلى طرح الكتائب وطمر النفايات في المطامر الموجودة والذهاب إلى المحارق واعطاء البلديات كامل حقوقها". من جانبه ، استغرب النائب والوزير السابق محمد الصفدي - في تصريح له اليوم - عدم قيام الحكومة اللبنانية بتحريك النيابة العامة بعد الإتهام الرسمي الصادر عن وزارة البيئة الروسية للشركة المكلفة بترحيل النفايات بالتزوير، بل على العكس من ذلك أعطت الشركة مهلة إضافية لتستلحق أمرها وتسوي أوضاعها. وأضاف: "أن أغرب ما في الأمر أن يكون المسؤولون عن ملف ترحيل النفايات قد عقدوا اتفاقا مع الشركة من دون الإستفسار الدقيق عن طريقة عملها وعما إذا كانت السلطات الروسية موافقة فعلا على استقبال النفايات في بلادها". وتابع: "كان لافتا جدا قول السفير الروسي في بيروت والسفير اللبناني في موسكو إنهما ليسا على علم بهذا الملف وأن أي مسئول لبناني لم يتصل بهما"، معتبرًا أن "تكرار الفضيحة في ملف ترحيل النفايات يسيء إلى صورة لبنان أمام حكومات العالم ويوحي بأن حكومة لبنان تكافئ المزورين بدل ملاحقتهم". وطالب من "الحكومة اللبنانية تطبيق قرار مجلس الوزراء بشأن ملف الترحيل، وهو ينص على أن الشركة الفائزة بالمناقصة ملزمة بتقديم جميع المستندات الموقعة التي تثبت موافقة الدولة المعنية باستقبال النفايات، وذلك خلال مهلة شهر، وإلا يلغى العقد ومعه الكفالة المصرفية.. مشيرا إلى المهلة المعطاة للشركة انقضت في 29 يناير الماضي ، فلماذا المماطلة في تنفيذ قرار مجلس الوزراء؟".. حسب قوله يشار إلى أن خيار استخدام المطامر المحلية لدفن النفايات سبق أن فشل بسبب رفض معظم المناطق اللبنانية لإقامة هذه المطامر على أراضيها.