"ليس المعاق معاق العقل والجسد .. إن المعاق معاق الفكر والخلق"، هذا ما أكده أبطال مصر من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم يحصدون الميداليات المتنوعة واحدة تلو الأخرى ويرفعون العلم المصري خفاقًا في مسابقات دورة لندن البارالمبية، متحدين كل الصعاب ليظهروا قوة الإرادة الحقيقية في تحطيم القيود والصعاب ويتفوقون على نظرائهم الأصحاء الذين عادوا قبل أيام من الدورة الأولمبية بميداليتين فضيتين فقط رغم فارق الإمكانات والاهتمام والمصروفات التي يحظى بها الجانبين. وحصدت مصر حتى الآن، وقبل أربعة أيام من ختام المسابقة البارالمبية 14 ميدالية متصدرة ترتيب الدول العربية في البطولة، بواقع 4 ذهبيات لكل من شريف عثمان وفاطمة عمر وهاني عبد الهادي ومحمد الديب في منافسات رفع الأثقال، و4 فضيات لكل من محمد صبحي وراندا محمود وهبة حسن في رفع الأثقال وأحمد إبراهيم عبد الوارث في الرماية، و6 برونزيات لكل من مطاوع أبو الخير في رمي القرص، وطه عبد المجيد وشعبان إبراهيم ومتولي مطحنة وأمل محمود في رفع الأثقال وسامح صالح في كرة الطاولة. وتأتي انجازات الأبطال المصريين استكمالاً لانجازات أقرانهم التي حققوها عبر السبع دورات السابقة منذ عام 1984 والتي استطاع فيها أبطالنا تحقيق 130 ميدالية متنوعة بين الذهب والفضة والبرونز، وسط طموحات كبيرة بتحقيق ما بين 15 إلي 20 ميدالية متنوعة في الدورة الحالية، رغم أن البعثة البارالمبية المصرية من أصغر البعثات وتضم 38 لاعبًا ولاعبة. أبطال على الهامش رغم إنجازاتهم وبطولاتهم، يعاني أبطال الرياضة البارالمبيون من مشاكل عديدة أبرزها ضعف المقابل المادي وعدم توافر الإمكانيات اللازمة لإعداد الأبطال، والمشكلة الأكبر هي التجاهل الإعلامي وعدم التقدير المعنوي, أما المفارقة المبكية فهي أن الميزانية الرسمية المخصصة لدعم رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، تقدر ب 750 ألف جنيه فقط وهي نفس الميزانية المخصصة لنظافة مقر المجلس القومي للشباب!!، وهو ما كشف عنه وزير الشباب أسامة ياسين خلال رئاسته لجنة الشباب بمجلس الشعب في مايو الماضي. وفي الوقت الذي يتم صرف الآلاف القليلة على رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يحصل الرياضي منهم سوى على عشرة جنيهات فقط يوميًا من مشروع البطل البارالمبي، تم صرف أكثر من 48 مليون على إعداد الرياضيين الأصحاء الذين شاركوا في أولمبياد لندن 2012، وكانت النتائج مخيبة في كل الرياضات ولم تحصل مصر سوى على ميداليتين فضيتين فقط في رياضتي الشيش والمصارعة الرومانية. أما عن مكافآت الفوز فحدث ولا حرج، ففي الوقت الذي يحصل فيه الفائز بميدالية ذهبية في أولمبياد الأصحاء على 2 مليون جنيه فإن ما يحصل عليه البطل البارالمبي الحاصل على الذهبية هو 200 ألف جنيه فقط، أي 10% من مكافآت الأصحاء ونفس الحال بالنسبة للميدالية الفضية إذ يحصل صاحب الفضية الأولمبية على مليون جنيه في حين أن مكافأة الفضية البارالمبية 150 ألف جنيه فقط. سر النجاح ورغم تهميشهم إلا أن التزام هؤلاء الأبطال وإراداتهم الحديدية كسرت كل هذه العوائق، فلم نسمع يومًا عن افتعالهم أي مشكلات إدارية أو أخلاقية كما حدث مع بعثة الأصحاء في لندن في واقعة "الشيشة" الشهيرة لبعثة كرة القدم، وتعدي لاعبين من فريق المصارعة على المسئول الإداري بعدما تسبب في فضيحة لمصر عندما نام اللاعبان ولم يذهبا إلى المنافسات في موعدها بسبب خطأ إداري. ناقوس الخطر ولكن هذه الإنجازات مهددة، إذ أبدى رياضيون ومهتمون بالشأن بالبارالمبي تخوفهم الشديد من تدهور إنجازات الأبطال البارالمبيين من كثرة المشكلات التي تواجههم، فالميداليات البارالمبية تقل من دورة أوليمبية لأخرى فبعد أن كانت 30 ميدالية في أتلانتا 1996 أصبحت 28 في سيدني 2000 ثم 22 في أثينا 2004 ثم تدهورت النتيجة في دورة بكين 2008 بحصول البعثة المصرية على 12 ميدالية فقط. ولعل خير دليل على ذلك هو فشل البطل البارالمبي العالمي "متولي مطحنة" كابتن منتخب رفع الأثقال، صاحب الإنجازات والأرقام العالمية والبارالمبية، في الحفاظ على ميداليته الذهبية التي حصل عليها في الدورة الماضية، واكتفى بالميدالية البرونزية فقط في الدورة الحالية. ورغم تجاوز عدد الميداليات في الدورة الحالية ما حصلت عليه بعثتنا في الدورة الماضية وإمكانية زيادته، فإن الأمر مرشح للتدهور في قادم البطولات إذا لم يتم تدارك الأوضاع ووضع خطة عاجلة متكاملة لرعاية هؤلاء الأبطال بما يليق بإنجازاتهم، وينتظر هؤلاء الأبطال الحقيقيون أن يتم تنفيذ ما وعدهم به الرئيس محمد مرسي من أنه سيتم المساواة في المكافآت بين اللاعبين الأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة كبداية على طريق إنهاء تهميشهم.