أكدت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن عمليات الاختطاف الأخيرة التي جرت أحداثها في شبه جزيرة سيناء لا يغذيها التطرف الديني أو شهوة الحصول على المال، لكن الدافع يكمن في رغبة بائسة من قبل مجموعة مهمشة من السكان في إشارة لبدو سيناء لإرغام الحكومة على الاستماع لمطالبهم. وأشادت الصحيفة بنجاح الأجهزة الأمنية جنبا إلى جنب مع شيوخ القبائل في إطلاق سراح السائحين الأمريكيين والمرشد السياحي المختطفين، مشيرة إلى أن الخاطف مواطن من بدو سيناء، ألقت الشرطة القبض على عمه بتهمة حيازة المخدرات، وأن الخاطف زعم مرارا وتكرار براءة عمه، ولكن أحدا لم يستمع إليه، مادفعه إلى القيام بخطف اثنين من السياح الأمريكيين ومرشدهم، لتزيد بذلك وتيرة عمليات الاختطاف بالمنطقة على مدار الثمانية عشرة شهراً الأخيرة. وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الخاطفين لا يغذيهم التطرف الديني ولا طلب فدية من عائلات الرهائن، فقط يريدون تنازلات من قبل السلطات الحكومية كإطلاق سراح أقاربهم المحتجزين، فبعد عقود من التهميش والتمييز ضدهم، وحملات المداهمة من قبل الشرطة التي دامت لعقود، وجدوا في خطف الأجانب الملاذ الأخير لإجبارالسلطات على الاستماع لمطالبهم، فضلاً عن الفراغ الأمني الذي تعانيه البلاد منذ بدء الثورة ضد نظام مبارك، علاوة على أن السياح الأجانب في سيناء هدفا سهلا إلى حد ما. ونقلت الصحيفة عن هبة معروف الباحثة في مؤسسة هيومن رايتس ووتش بمقر القاهرة قولها :"كان هناك فشل منهجي من الدولة على مدى العقد الماضي في التعامل مع حقوق البدو من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بأي حال من الأحوال لم تكن من ضمن أولويات السلطات في مصر"، مضيفة :"السلطات كانت تعالج قضية بدو سيناء باعتبارها مشكلة ذات بعد أمني، وليس باعتبارهم مواطنين لديهم حقوق وعليهم واجبات". وأضافت "الحكومة المصرية لم تحاول أبدا دمج البدو إلى جملة السكان، فهم ليس لديهم نفس النوع من الرعاية الصحية والمياه النظيفة والخدمات الحكومية الأخرى مثل بقية المصريين المنتشرين حول وادي النيل، كما أن فرص العمل لديهم خارج القطاع السياحي نادرة، علاوة على أن فرص العمل التي تتوفر بسيناء تكون للمصريين من خارجها بدلاً من السكان المحليين، فضلاً عن خلافات الحكومة مع البدو حول حقوق الأراضي عمقت الاستياء والنفور لدى البدو". وذكرت الصحيفة أن بعض البدو تحولوا إلى ممارسة بعض الأنشطة غير القانونية، كتهريب الأسلحة والمخدرات والإتجار في البشر، نظرا لندرة الفرص الاقتصادية المشروعة، مشيرة إلى تنامي قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة في شمال سيناء منذ من أواخر عام 2004 وحتى اندلاع ثورة 25 يناير، ليصير الإرهاب مشكلة بالمنطقة، كما أن سلسلة التفجيرات التي استهدفت بعض المنتجعات السياحية كثفت من مداهمات وحملات الشرطة. وأضافت أنه في أعقاب التفجيرات التي شهدتها منطقة طابا، اعتقلت الشرطة 3500 مواطن من البدو، وتعرضوا للتعذيب، أو الاختفاء، وعلقت الباحثة هبة معروف في هذا الصدد قائلة :"في بعض الأحيان لجأت الشرطة إلى اعتقال أفراد من أسر المشتبه بهم واحتجازهم لحين تسليم المشتبه بهم أنفسهم"، وقالت :"هذا انعكاس لمدى الإنهيار التام في العلاقة بين الشرطة والبدو منذ عام 2005 والسنوات التي تلتها، كانت هناك أعمال عنف متفرقة من قبل البدو في بعض الأحيان كخطف شرطي أو قطع الطرق، وقد قامت الشرطة باعتقال الكثير منهم دون توجيه إتهام محدد وذلك بموجب قانون الطواريء".