الثورة لا يمكن أن تكون مسقوفة بسقف الدستور، وإنما ثورة على النظام خارج الدستور فهي فعل غير دستوري وغير قانوني، ويستند لشرعية الحق الأصيل الذي تمثله المنظومة القيمية الثورية العدلية والحقانية والتغييرية، ويستند لشرعية الأمر الواقع الذي تفرده الإرادة الشعبية والتعبئة الثورية والضغط الجماهيري في الميادين. فالتعجل في دخول الانتخابات وفق الإطار الذي وضعه العسكر والسقف الدستوري الذي وفره الإعلان المستفتى عليه قبل تفكيك النظام القديم كان خطأ كارثيا (المسؤولية بالطبع تقع على الأحزاب كافة التي تعجلت التنافس السياسي، ولما تتم الثورة الحد الأدنى من التغيير). إذ أنه في أحسن الأحوال (لو أفرزت الانتخابات رموز تيار الثورة، وأقصت الفلول مثل ما حدث بالفعل في الانتخابات البرلمانية)، فإنهم يظلون محكومين بالسقف والإطار المحدد لهم (عدم قدرة البرلمان على تفعيل تشريعاته وممارسة دوره الرقابي تجاه الحكومة على سبيل مثال). وإنما كان ينبغي أن تخاض الانتخابات بالشرعية الثورية البديلة والموازية، بعد تفكيك شبكات النظام القديم ودوائر نفوذه وتأثيره أولا (الداخلية – القضاء – الإعلام – محاكمات سياسية ثورية – مجلس العسكر)، ومبادئ الثورة ذاتها تكون حينها— بعد صياغتها—هي الدستور الشرعي الوحيد الجديد الذي تعمل وفقه كل مؤسسات الدولة (تجلى هذا الخطأ في الإقرار بحق النظام القديم في محاكمة نفسه! بقانونه وشرعيته (؟)؛ وهو ما استند عليه لاحقاً ليبني على هذه الشرعية حل البرلمان وإقرار رئيس وزراء المخلوع كمرشح!). سيتوجب علينا .. (سواء فاز مرسي أو شفيق) أن نضغط بقوة ثورياً وشعبياً وميدانياً وسياسياً وإعلامياً وحقوقياً وقانونياً .. لجعل الفترة الرئاسية المقبلة لأيهما، مرحلة انتقالية جديدة موقوتة بسقف السنة لإقرار دستور جديد وحكومة وحدة وطنية، تشرف على انتخاب رئيس وبرلمان جديدين بنهاية العام أياً كانت النتيجة؛ إذ أن فشل المرحلة الانتقالية السالفة، لا يمكن أن يبنى عليه نظام سياسي حقيقي! سيتوجب علينا أيضاً (أياً كان المرشح الذي سيعلن فوزه) أن نشكل مجلس وطني موسع (يضم مرشحي الرئاسة الثوريين، وأحزاب المعارضة، وقوى الثورة والحركات الشبابية ..) ليضغط لإقرار خطة انتقالية (رئيس وبرلمان ودستور وحكومة) ويضغط لإقرارها ويحشد لفرضها.