رغم أن الحكومة قررت تجميد 45.9 مليار جنيه، من أموال الصناديق الخاصة، وتحويلها إلى البنك المركزي تحت بند الخزانة العامة إلا أن الغموض الذي يحيط بهذه الصناديق لازال مستمراً، ففي الوقت الذي أكدت فيه حكومة الجنزوري أن عدد هذه الصناديق يبلغ 4 آلاف و228 صندوقاً بالعملات المحلية و622 صندوقاً بالعملة الأجنبية، وقيمة العملات المحلية حتى 30/6/2011 هو 29.9 مليار جنيه وبالإضافة إلي ما يعادل 6.2 مليار جنيه بالعملات الأجنبي إلا أن بعض خبراء الاقتصاد قد أكدوا أن عدد الصناديق يفوق هذا الرقم ويصل إلي 8900 صندوق برصيد يتجاوز التريليون جنيه لا تخضع للموازنة العامة للدولة، ولا لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ولا مجلس الشعب , كما أن هذا المبلغ يفوق أربعة أضعاف الموازنة العامة للدولة. وتتمثل هذه الصناديق في صناديق تابعة لجهات سيادية مثل رئاسة الجمهورية ومكتبة الإسكندرية، ووزارة الداخلية، ووزارة العدل وغيرها من الصناديق والوحدات ذات الطابع الخاص والتي يتم تمويلها من جيوب المواطنين البسطاء ودم الشعب المصري، حيث تحصل موارد هذه الصناديق من رسوم الطرق والغرامات، ورسوم النظافة ، حتى تصل إلي تذاكر زيارة المريض في أي مستشفي حكومي وأجرة مواقف السيارات التابعة للأحياء، والمحليات، والدمغات علي البطاقة ورخص القيادة والبناء والمحلات التجارية والورش، ورسوم دخول الأماكن السياحية،والرسوم الدراسية بالكليات والمعاهد،ورسوم تأمين استخراج اللوحات المعدنية للسيارات إلى غير ذلك فهي كل ما تدفعه لأي مؤسسة أو هيئة حكومية خلاف الضرائب والجمارك. والغريب أن قيمة هذه الإيرادات والمصروفات والفوائض لتلك الحسابات بالبنوك التجارية يصعب حصرها ولا تعلم أي جهة بمصر عددها وليس لها لائحة مالية أو إدارية معتمدة من المالية، وذلك بالمخالفة للقانون (139) لسنة 2006 وبتعديل بعض أحكام القانون (127) لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية والذي تضم المادة (30 مكرر) التي تقضي بأنه لا يجوز لوحدات الجهاز الإداري والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تعد من الجهات الإدارية فتح حسابات باسمها أو باسم الصناديق الخاصة التابعة لها خارج البنك المركزي إلا بموافقة وزير المالية، وكما أنه لا يجوز لوزير المالية الترخيص بفتح حسابات بالبنوك خارج البنك المركزي. علي نفس الصعيد البعض آخرون مماطلة الحكومة في ضم هذه الصناديق إلى الموازنة العامة للدولة رغم ماتعانية الموازنة من عجز حالي واتجاههم إلي التذلل لصندوق النقد الدولي والدول العربية لمعالجة هذا العجز. بداية يقول د. صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن مصر لديها مجموعة من البدائل تستطيع أن تسد العجز بها دون الحاجة إلي صندوق النقد الدولي أو أي دولة عربية مشيرا إلى أنه من أهم هذه البدائل هي الصناديق الخاصة والتي وصلت الآن إلي 8900 صندوق خاص بها مبلغ 1.2 تريليون جنيه مشيرا إلي أن هذا الرقم لو أضيف للموازنة العامة للدولة لاستطعنا أن نسد جزء كبير جدا من العجز الاقتصادي و كذلك توصيل الغاز الطبيعي للمصانع والشركات التي تستخدم البوتاجاز الذي نستورده من الخارج بأسعار عالية و العمل علي توصيل الغاز الطبيعي سيوفر لنا 20 مليار جنيه أول سنة وبعد ذلك 25 مليار جنيه كل عام. وأضاف أن أموال هذه الصناديق تكونت خلال العقود الثلاثة السابقة وهى عبارة عن قيمة رخص الحديد والأسمنت والأسمدة والألومونيوم الممنوحة للغير والتي تبلغ رخصة المصنع الواحد من الحديد مالا يقل عن 280 مليون جنيه وجميع رسوم التصالح في المباني سواء السكنية أو التجارية وجميع الرسوم التي يدفعها المواطن. وطالب بضرورة أن يكون هناك دراسة حقيقية وجرد هذه الصناديق، وخاصة في ظل تضارب تصريحات المسئولين حولها، فقد أكد من قبل الدكتور سمير رضوان، حين توليه وزارة المالية أنها غير موجودة من الأساس، ثم عاد ليؤكد أنها 11 مليارًا، في حين أكد الدكتور عصام شرف أنها 91 مليارًا، بينما قال الدكتور حازم الببلاوى إنها 112 مليارًا، ثم جاء الجنزورى ليؤكد أنها 27 مليارًا، عاد بعدها ليقول إن أموال الصناديق الخاصة تبلغ 36 مليار جنيه. وأكد أنه إذا كان ما تم حصره فقط يصل إلى 1200 مليار، فهناك الصناديق الفرعية التي لم يتم حصرها حتى الآن، مؤكدًا أن ضم هذه الصناديق إلى الموازنة العامة للدولة، فإنها ستغطى العجز القائم حاليا بالزيادة، لأن عجز الموازنة للعام الحالي فقط 134 مليارًا، ومن المتوقع أن يصل في موازنة العام الجديد إلى 184 مليارًا. من جانبه يقول عبد المنعم السيد باحث اقتصادي أن معظم الإنفاق الذي يتم من خلال هذه الصناديق يكون في شكل مكافآت وحوافز وبدلات للسادة الموظفين وتقدر عدد الصناديق الخاصة في مصر حوالي 6361 صندوق وفقاً لتقديرات الجهاز المركزي للمحاسبات وإجمالي مافى هذه الصناديق 100 مليار جنيه وفقاً لأخر تصريحات السيد الوزير المالية المصري د. ممتاز السعيد .في حين أن كانت هناك تصريحات أخرى تفيد أن هذه الصناديق تحتوى على تريليون جنيه وتصريحات أخرى تفيد أن هناك 36 مليار جنيه فقط . وأشار إلى أن تناقض هذه الأرقام والأرصدة بهذه الصناديق يدل على عدم وجود حصر وإحصائيات ومعلومات حقيقية بحصر الصناديق الخاصة ومابها من مبالغ وموارد فضلا عن عدم وجود رقابه ومتابعه لهذه الصناديق وكيفية التحصيل وكيفية الإنفاق , وغياب الآليات والضوابط التي يتم من خلالها التعامل مع هذه الصناديق , وعدم تطبيق مبدأ شمولية الموازنة العامة للدولة فهذا المبدأ يعنى أن يتم إدماج إيرادات الصناديق الخاصة ضمن إيرادات الموازنة العامة ويتم الإنفاق من خلال الموازنة العامة ومن ثم يتم الرقابة والمتابعة ويكون هناك شفافية في التعامل وكذلك إفصاح لكافة موارد الدولة . وأضاف أنه من الملاحظ أن قانون إصدار وإنشاء الصناديق الخاصة لم يحدد آليات الصرف أو قواعد الصرف , وبالتالي يكون الصرف والإنفاق طبقاً لهوى " المزاج الشخصي " للمتحكم في الصندوق وهو الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة الإقتصاديه , ومن ثم تكون الرقابة دون جدوى فإذا قام المسئول عن الصندوق بإنفاق كافة الموارد التي في الصندوق في شكل مكافآت وحوافز وبدلات فهذا لا يعد مخالفة لعدم وجود أية ضوابط تحكم إدارة أموال الصناديق الخاصة في مصر ومن ثم تكون الإشكالية الرئيسية ليست في حجم الأموال , ولكن في حقيقة تبعية هذه الأموال ؟ وماهى المجالات والبنود التي يتم الإنفاق عليها من أموال هذه الصناديق.