أكد المفكر المصري د.باسم خفاجي أن العصيان المدني من أهم الأسلحة الاستراتيجية للثورة المصرية ولا ينبغي استغلال هذا السلاح في عجالة، وإنما ينبغي تأخيره قدر ما أمكننا ذلك. ولفت خفاجي في حوار مع قناة "الشباب" الفضائية إلى أن العصيان المدني هو أحد الأسلحة الأخيرة في جعبة الثورة المصرية ولا ينبغي في الفترة الحالية إلا التلويح باستخدام هذا السلاح. الثورة لم تتحق ويجب استكمالها بشكل قوي وأكد خفاجي أن ثورة 25 يناير التي خرج إليها الشعب لم تتحقق بعد، مشددا على ضرورة استكمال الثورة بشكل قوي يعبر عن رغبة الشعب في الحرية الحقيقية . وقال خفاجي "ليس علينا أن نتصرف وكأن الثورة قد انتصرت ، وهناك حالة استعجال لقطف الثمرة قبل أن تنضج، مضيفا "ومن تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.. وأن الثورة لا تزال في الميدان ، ولا يزال هناك الكثير من الأمور التي يتوجب فعلها. مطلوب من مجلس الشعب أن يحدد علاقته مع الثورة وطالب خفاجي مجلس الشعب بتحديد علاقاته مع الثورة بشفافية ووضوح، مشيرا إلى أن الميدان ليس في مواجهة البرلمان - كما يحلو للبعض أن يشيع -؛ ففي نهاية الأمر هو برلمان ثورة أتى بقوة دفعها ولا يصح إطلاقا أن يأتي "برلمان الثورة" ليجد قوانين سنت قبل إنعقاد جلساته بأسبوع ، ويسكت إزاء هذا الأمر الذي يتنافى ومشروعية الثورة التي أتت به . وقال إن "المجلس بحاجة إلى تحديد علاقته مع الثورة .. هل هو معبر عن رأي الناس أم يقوم بتفسير تصرفات الحكومة للشعب وهل ينتظر منح السلطات أم يسعى لاقتناصها". لا أريد أن يتحول أعضاء الحرية والعدالة إلى فلول وقال خفاجي "إنني ورغم انتمائي للتيار الإسلامي إلا أنني لا أريد أن يتحول حزب الحرية والعدالة إلى حزب وطني آخر ولا أريد لهذا الحزب أن يتحول أعضاؤه إلى فلول آخرون لثورة قادمة، لكن أريد استمرارهم كأبناء للثورة". وأضاف "إذا كان التيار الإسلامي هو الغالبية الآن في البرلمان فنحن نتوقع منه أن يكون باحثا عن الحق وليس منتصرا للذات وهو الأمر الذي لم نره حتى الآن من أنصار التيار الإسلامي، ولكن رأينا من هم منحازون لصالح الجماعة .. محذرا من استخدام نفس أساليب النظام القديم في الدفاع عن أوضاع خاطئة". الأخطر مقايضة الثورة بالأمن والخبز وشدد خفاجي على أن أخطر ما يواجه الثورة هو محاولة مقايضتها المستمرة بالأمن والخبز ، ويجب أن يتم الانتباه إلى أن التهويل في مسألة الانفلات الأمني والتهويل في مسألة ضعف الاقتصاد فخ يصب في النهاية في مصلحة محاولة وأد الثورة، وهو أمر لا يجب على الإطلاق استخدامه كفزاعة وإنما علينا معالجته بالأساليب الصحيحة. وقال "إن مصر لا تعاني الفقر .. لكنها أبتليت بحكام فقراء في تفكيرهم" . مراهنات الإخوان في البرلمان تخدم المجلس العسكري وأضاف أننا ننتظر من حزب الحرية والعدالة أن يتصرف كقائد بوصفه زعيم الأغلبية البرلمانية.. مشيرا إلى أن مراهنات الإخوان في البرلمان كلها تصب حتى الآن في صالح المجلس العسكري والحكومة في حين أن الرهان يجب أن يكون على الشعب الذي هو السند الوحيد لأي كتلة سياسية أو برلمانية. وأوضح أن هناك محاولات لتقسيم مصر إلى تيارات وفئات واتجاهات وإشعال نار الفتنة والفرقة بين التيارات السياسية المختلفة .. لافتا إلى أننا جميعا في خندق واحد؛ فنحن لا نستطيع أن نتصور ثورة مصر بدون الإخوان أو بدون التيار الليبرالي أو بدون المسيحيين أو بدون النساء والشباب. مجلس الشعب مقيد وقال خفاجي إن الظروف التي تمر بها مصر لا تخدم مجلس الشعب، مضيفاً أن هنالك شعوراً عاماً بأن يد المجلس مرتعشة وليست بالقوة التي توقعها البعض رغم التفويض الكامل الذي تحصل عليه من الشعب المصري في إدارة الشؤون المكلف بها. وحول مدى نجاح المجلس في تنفيذ قانون محاسبة الوزراء، قال خفاجي :"إنه يجب التفرقة بين التنفيذ الفعلي لآليات تلك المحاسبة وبين مجرد إصدار توصيات بذلك؛ لأن الشعب يبحث عن مجلس عمل فعلي وليس مجرد كلام". وأضاف خفاجي :"أن الشعب المصري يصبو إلى برلمان يمنح الدولة المصرية العدل والقوة والأمان الذي ينقص مصر حالياً؛ لأن جهاز الشرطة مريض"، مدللاً على ذلك بتصريحات وزير الداخلية أمام مجلس الشعب التي نفى فيها استخدام الشرطة للخرطوش تجاه المتظاهرين رغم أن 58 قد فقدوا أعينهم في الاشتباكات الأخيرة، دون أن يقوم البرلمان بخطوات جدية لمحاسبته، وتوقع خفاجي أن يتم تجهيز مجلس الشعب ليضحى بمثابة كبش فداء لخطايا مجرمي مصر. مخاوف من عودة المنحل وعبر خفاجي عن استنكاره لما أقدم عليه النائب ممدوح إسماعيل الذي رفع الآذان داخل قاعة مجلس الشعب، كما شجب ردة فعل الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس المجلس، واصفا الفعل ورد الفعل بالشو الإعلامي؛ حيث إن رئيس المجلس كرر عبارة "لن أسمح لك" سبع مرات في وجه إسماعيل. وحول تصرف الكتاتني بمنع اعتصام النائب يسري الفخراني، قال خفاجي :"إن الأمر يعتمد على إجابة سؤال مفاده مدى السلطات التي يخولها القانون لرئيس المجلس، ومن ثم يمكن الجزم بصحة أو خطأ التصرف"، وأضاف أنه يخشى أن يتقمص حزب الحرية والعدالة حزب الأغلبية في البرلمان الحالي الدور الذي كان يلعبه الحزب الوطني المنحل. وطالب خفاجي مجلس الشعب بأن يكون قادراً على التعبير عن آراء الناس وليس تفسيرا لمواقف السلطة، والتحلي بالصدق الكامل. وانتقد خفاجي ظاهرة التصفيق المبالغ فيه داخل مجلس الشعب وهو ما لا يتواجد في البرلمانات المتقدمة، مشيراً إلى أن مطلب الثورة الأساسي بإسقاط النظام السابق لم يتحقق حتى الآن.