على عكس توقعات راهنت على ضعف الإقبال الشعبي في المرحلة الثانية للانتخابات، غادر قطار الانتخابات المصرية مرحلته الثانية وتزاحم آلاف المواطنين على أبوابه منذ الساعات الأولي من صباح اليوم الأربعاء ، ويمر القطار في تسع محافظات، هي الجيزة، والمنوفية، والشرقية، والإسماعيلية، وبني سويف، والسويس، والبحيرة، وسوهاج، وأسوان. وببطء شديد أخذ يسير الحاج محمد أبو الفضل "73 سنة" متكئا على عصاه، متوجها إلى مقر لجنته بمدرسة البدرشين الثانوية بنات، هامسا بصوته الضعيف "ربنا يولى من يصلح"، فيما شهدت عدد من اللجان استمرار تجاوز مندوبى بعض الأحزاب فى توزيع ملصقات الدعاية لمرشحيهم، بالمخالفة لقوانين اللجنة العليا للانتخابات. وشهدت اللجان إقبالا كبيرا من السيدات خصوصاً فى دائرة بولاق والعمرانية وقد اصطفت السيدات فى صفوف طويلة أمام اللجان فى انتظار دورهن للأدلاء باصواتهن. باترسون في اللجنة: وكان لافتاً زيارة السفيرة الأمريكية لدى القاهرة، آن باترسون، لجنة مدرسة "جمال عبد الناصر" الانتخابية بالدقى، وتفقدت سير العملية الانتخابية، واصفة إقبال الناخبين بعد أقل من ساعة من بدء التصويت ب"التاريخى"، مؤكدة أن بلادها ستعمل مع من يختاره الشعب المصرى فى الانتخابات البرلمانية. وقالت: "أى حزب سيفوز، فسيكون السبب الوحيد لفوزه، هو الديمقراطية". وأشادت باترسون بمشاركة النساء وإصرارهن على التصويت، وأعربت عن تفاؤلها الشديد بنجاح المصريين فى إجراء الانتخابات دون أن يشوبها أى مشاكل أو خلافات، وتابعت: "هذه الانتخابات تجعل مصر تنضم إلى المجتمعات الديمقراطية فى العالم أجمع"، مشيرة إلى أن أى انتخابات فى العالم يشوبها بعض العيوب مثل "التأخر فى فتح مراكز الاقتراع وأوراق إدلاء الناخبين بأصواتهم". كسر أحد الصناديق: وفى بنى سويف تزايد إقبال الناخبين على اللجان الانتخابية تدريجياً، فيما شهدت الدائرة الثالثة، والتى تضم مراكز ببا وسمسطا والفشن إقبالا ضعيفا من جانب الناخبين، فضلاً عن عدم اكتمال عدد من الإجراءات الإدارية الخاصة بفتح الصناديق ، وحضور الموظفين. كما انتشرت قوات الشرطة مدعومة بعناصر من القوات المسلحة لتأمين كافة اللجان بمختلف مراكز بنى سويف. وأصطف الناخبين أمام اللجان الانتخابية قبل دقائق من بدء التصويت فى لجان الطالبية وفيصل، فى الوقت الذى اضطر فيه أحد القضاة المشرفين على اللجنة 7 بمدرسة عزيز المصرى إلى كسر أحد صناديق التصويت لعدم حصوله على مفتاح القفل الخاص به. واختلف الأمر قليلاً فى لجان بولاق الدكرور التى شهدت إقبالاً متواضعاً من الناخبين مقابل انتشاراً مكثفاً من القوات المسلحة لتأمين اللجان، فضلاً عن تواجد لافت لمندوبى حزبى الحرية والعدالة، والنور السلفى. وتأخر القضاة فى 11 لجنة، حتى كتابة هذه السطور مما يؤكد عدم تلافى الاخطاء التى حدثت فى المرحلة الاولى وسط التزام كامل لقوات التأمين من الشرطة والجيش وعدم حدوث ما يعوق وصول الناخب الى لجان التصويت او التأثير عليهم من قبل الدعاية للاحزاب والمرشحين خارج لجان التصويت . انتهاكات بسيطة: ورصدت بعض منظمات المجتمع المدنى بعض الانتهاكات البسيط التى لا تؤثر على سير العملية الانتخابية ومنها قيام انصار حزب النور السلفى بتوزيع منشورات امام مدرسة باحثة البادية الابتدائية بشارع الجمهورية، إلا ان قوات التأمين من الشرطة والجيش تعاملت معهم وتم إبعادهم نهائيا. من جهته قرر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر اليوم الاربعاء برئاسة أحمد عبدالظاهر رئيس اللجنة الادارية المؤقتة ورئيس الاتحاد السماح لجميع العاملين بالاتحاد والمؤسسات التابعة له بالمحافظات بالانصراف عن العمل قبل الموعد المحدد بساعتين ليتمكنوا من المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي بدأت اليوم في تسع محافظات وتستمر لمدة يومين . وصرح المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، حمدين صباحى أنه فخور بمشهد إقبال المواطنين للإدلاء بأصواتهم قائلا: "لو تمت مقارنة بين انتخابات 2010 والانتخابات الحالية سنجد أن الأولى يسيطر عليها أعمال الشغب والبلطجة وسقوط القتلى والجرحى، ولكن هذه الانتخابات نجنى من خلالها ثمار 25 يناير". البشري في الطابور: وقد حرص المستشار طارق البشرى الفقيه الدستورى والنائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة، على الذهاب إلى لجنته الانتخابية للإدلاء بصوته فى لجنة مدرسة طلعت حرب الثانوية الصناعية بالعجوزة التابعة لدائرة شمال الجيزة. والطريف أن المستشار البشرى رفض الوقوف فى طابور كبار السن ووقف فى طابور طويل ممتد لمسافة أكثر من 300 متر للإدلاء بصوته. بينما خرج الحاج محمد أبو الفضل مبتسماً بعد أن أدلى بصوته وكأنه انتظر ذلك اليوم من سنوات بعيدة، وقال :"أنا جيت هنا مش مش عشان خايف من الغرامة ولا يحزنون.. يااااه أخيرا الواحد بقى لصوته قيمة فى البلد دى".