حينما تقع أعيننا على منظر طيب جميل من الطبيعة، فإن إحساسا بالهدوء والسكينة يسري في أوصالنا، وكذلك حينما نتعامل مع إنسان مهندم الثياب، ذي رائحة زكية، فإننا للوهلة الأولى نشعر نحوه براحة نفسية؛ ذلك أن النفس بطبيعتها تميل وتنجذب إلى كل جميل. وهذا بلا شك ينطبق على الزوجين، فحين تقع عين الزوج على زوجته وهي متألقة في ثيابها، وحين تقع عين الزوجة على زوجها وهو مهندم الثياب، فإن ذلك يخلق وصالا من الألفة والانسجام والميل للطرف الآخر، ويجعل مشاعر الإعجاب بينهما متجددة وهذا بدوره يقوي وشائج الألفة والمحبة، ويفعِّل مشاعر الود بينهما. ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم يدعم ذلك ويؤكده في قوله: "ألا أُخبرك بخير ما يكنز المرءُ؟ المرأة الصّالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته". (رواه أبو داود). وكذلك يرفض النبي صلى الله عليه وسلم سوء الهيئة وإهمال التجمل، فها هو صلى الله عليه وسلم ينكر على زوجة عثمان بن مظعون تركها للتجمل والتزين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليّ خويلة بنت حكيم، وكانت عند عثمان بن مظعون، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها فقال لي: "يا عائشة ما أبذَّ هيئة خويلة". (رواه أحمد). وقد كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يحرصون على أن يتزينوا لزوجاتهم، فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه يقول: إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي. وقد دخل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه زوج أشعث أغبر ومعه امرأته، وهي تقول: لا أنا ولا هذا (أي لا يمكن أن ألتقي أنا وهذا) يا أمير المؤمنين. فعرف عمر رضي الله عنه كراهية المرأة لزوجها، فأرسل الزوج ليستحم ويأخذ من شعر رأسه ويقلم أظافره، فلما حضر أمره أن يتقدم من زوجته، فاستغربته ونفرت منه، ثم عرفت أنه زوجها، فقبلت به ورجعت عن دعواها، فقال عمر: وهكذا فاصنعوا لهن، فوالله إنهن ليحببن أن تتزينوا لهن كما تحبون أن يتزين لكم. رائد القلب ويقول أحد الصالحين: تزين الزوجين وتطيبهما لبعضهما من أقوى أسباب المحبة والألفة بينهما، وعدم الكراهة والنفرة؛ لأن العين رائد القلب، فإذا استحسنت منظرًا أوصلته إلى القلب فحصلت المحبة، وإذا نظرت منظرًا بشعًا، أو إلى ما لا يعجبها من زي أو لباس، تلقيه إلى القلب، فتحصل الكراهة والنفرة. ومن هنا لكي تنمو بذور الحب، وتترعرع سيقانه، وتتفرع أوراقه، فمن الضروري أن يعتني الزوجان بحسن التزين للطرف الآخر، فتحرص الزوجة على النظافة بكل صورها، والزينة بكل أشكالها، وتتجمل بأحدث ما في عصرها من فنون الزينة، فتتخير من الثياب أنعمها، وأرقها، وأزهاها، وأجملها، ومن العطور أطيبها، ومن التسريحات أبلغها جمالاً وأظهرها حسنًا. وكذلك يحرص الزوج على دوام الزينة والتجمل والنظافة والتعطر لزوجته. وليراعِ كل منهما ما يحبه الطرف الآخر من أشكال الثياب وألوانها، وأنواع العطور وشكل تسريحة الشعر..إلخ. وليحرصا على التنويع والتغيير والإبداع والابتكار في التجمل.